بدأ خطاب قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، موجهاً إلى الشعب الإيراني.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ببدء خطاب قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، موجهاً إلى الشعب الإيراني يتناول فيه قضايا الساعة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
وقال قائد الثورة الإسلامية إن الجيل الرابع من التعبئة، أي الشباب، اليوم منشغل بالتحرك والنضال.
فيما يلي مقتطفات من خطاب سماحته:
قال إنّ التعبئة يجب أن تستمر وتتواصل عبر الأجيال المتعاقبة، مؤكداً أن التعبئة حركة وطنية قيّمة، وأن دوافعها «إلهية ووجدانية» ومنبثقة من الغيرة والثقة بالنفس. وأضاف أنّ التعبئة، بحمد الله، منتشرة اليوم في أنحاء البلاد كافة، وأن الجيل الرابع من التعبئة، أي هؤلاء اليافعين حديثي السن، يستعدّون للانخراط في الحركة والعمل ضمن منظومة النشاطات التعبوية، موضحاً أنه سيفصّل ذلك لاحقاً. واعتبر أن هذا الأمر يشكّل «ثروة كبرى للبلاد لا ينبغي التفريط بها»، وأن هذه الثروة يجب أن تبقى «جيلاً بعد جيل».
وأشار إلى أنه في كل دول العالم، وجود مثل هذا الشيء يُعدّ أمراً بالغ الأهمية والفائدة، لاسيما في بلد مثل إيران «يقف علناً بصدور عارية بوجه المتغطرسين المتجبّرين العالميين، بل وقطاع الطرق الدوليين»، وقد أسّس جبهة اسمها «جبهة المقاومة».
وأضاف أنّ بلداً يحمل خصائص كهذه يحتاج إلى التعبئة أكثر من سائر البلدان، «فحجم العداء كبير، والأطماع كثيرة، وتدخّل القوى الكبرى في البلدان واسع»، ولذلك لا بدّ من وجود عنصر مقاوم يواجه كل هذا الظلم والجشع والتسلّط في العالم.
وقال إن عنصر المقاومة الذي تأسس ونما في إيران قد اتسع وانتشر اليوم، بحيث نشهد في شوارع الدول الغربية والأوروبية وحتى داخل الولايات المتحدة شعارات تُرفع لصالح المقاومة، ولصالح مقاومة غزة وفلسطين. وهذا يعني أنّ «هذه النبتة العظيمة والقيّمة التي انطلقت من إيران قد امتدّت تدريجياً إلى مساحات واسعة من العالم»، وهو أمر «لازم وضروري».
وأكد أنّ هذا المسار المبارك، مسار التعبئة والمقاومة، يجب أن يبقى في موطنه الأصلي، إيران الإسلامية، وأن يتداول بين الأجيال ويتقدّم، وأن يصبح «أقوى وأكمل يوماً بعد يوم بإذن الله». ولذلك، يرى أنّه ينبغي كل عام «أن نقدّر التعبئة أكثر من العام السابق، وأن نعظّم دورها ونروّج لها بين شباب بلدنا، الشباب المستعدين للعمل».
وأضاف: «مع حيوية التعبئة تبقى المقاومة حيّة. وإذا كانت التعبئة نشيطة ومتيقظة وحاضرة، فإن ظاهرة المقاومة في مواجهة المتغطرسين والظالمين في العالم ستظل حيّة وتتنامى، وسيشعر المستضعفون في العالم بأن هناك قوة تساندهم، تدافع عنهم، وتنطق باسمهم، وتنقل صوتهم إلى العالم».
للتعبئة وجه رسمي وتنظيمي باعتبارها جزءاً من حرس الثورة الإسلامية. هذا الوجه هو وجه صلب، ووجه خدوم. فعندما يقف في مواجهة العدو يكون كاسراً له بمعنى الكلمة وقوياً، وعندما يقف في مواجهة الناس يكون في خدمتهم. في الزلازل، والفيضانات، والكوارث الطبيعية، وفي مختلف القضايا، ترون التعبئة في خدمة الشعب. هذا هو الوجه الرسمي للتعبئة بوصفها جزءاً من حرس الثورة الإسلامية، قوة قائمة بذاتها. لكن وراء هذا الوجه الرسمي الظاهر، هناك ساحة واسعة جداً وعصيّة على الإحصاء، وهي شديدة الأهمية للبلاد.
كل شخص، وكل مجموعة غيورة، جاهزة للعمل، عالية الهمة موجودة في البلاد، تُعدّ جزءاً من ذلك التجمّع التعبوي الذي يشكّل خلفية هذا الوجه الظاهر للتعبئة، الوجه التنظيمي. في مختلف الميادين، أولئك الذين ينشطون، يجتهدون، يمتلكون الدافع، في العلم، في الصناعة، في الاقتصاد، في الجامعة، في الحوزة، في بيئة العمل، في بيئة الإنتاج، في كل مكان؛ كل من يعمل بدافع، وبإيمان، وبعزم، وبأمل، هم في الواقع عناصر هذه التعبئة الكبير والواسع الذي تنعم به البلاد كلها بفضل الله.
في الحرب ذات الاثني عشر يوماً، انتصر الشعب الإيراني على أمريكا وعلى الصهاينة؛ بلا شك. جاؤوا ليثيروا الفتنة فتلقّوا الضربات وعادوا خالي الوفاض. هذه هي الهزيمة الحقيقية بمعنى الكلمة. نعم، مارسوا الشر، لكنهم عادوا صفر اليدين، أي لم يبلغوا أيّاً من أهدافهم. يقال إنّ الكيان الصهيوني كان يخطّط ويستعد لهذه الحرب منذ عشرين عاماً. بعضهم نقل ذلك هكذا. كانوا يخططون عشرين عاماً لاندلاع حرب في إيران، ولتحريك الشعب بحيث يساندهم ويقاتل النظام. لكنهم عادوا خائبين، وانقلبت المعادلة، وفشلوا، بل إنّ من كانوا على خلاف مع النظام وقفوا إلى جانب النظام، ونشأ في البلاد اتحاد عام ينبغي تقديره والحفاظ عليه.
نعم، تكبّدنا خسائر، وفقدنا أرواحاً عزيزة، ولا شكّ في ذلك، فهذا من طبيعة الحرب. «فَيَقتُلونَ وَيُقتَلون» كما جاء في الآية الشريفة. هذه طبيعة الحرب. لكنّ الجمهورية الإسلامية أثبتت أنها مركز إرادة وقوة؛ تستطيع اتخاذ القرار، وتستطيع أن تقف بقوة، وألا تخشى ضجيج هذا وذاك. والخسائر المادية التي لحقت بالعدو كانت أكبر بكثير من تلك التي لحقت ببلدنا. نعم، تكبّدنا خسائر، لكن من بدأ الهجوم كان نصيبه من الخسارة أكبر منا.في هذه الحرب ذات الاثني عشر يوماً، مُنيت أمريكا بخسائر فادحة، فادحة جداً. استخدمت أحدث وأرقى الأسلحة في الهجوم والدفاع، استخدمت غواصاتها، ومقاتلاتها الحربية، ونُظم دفاعها الأكثر تطوراً، لكنها لم تستطع بلوغ ما تريد. كانت تريد خداع الشعب الإيراني وجذبه خلفها، لكن ما حدث هو العكس، كما قلت. ازداد اتحاد الشعب الإيراني في مواجهة أمريكا، وتمكّنوا فعلاً من إفشال الطرف الآخر وإحباطه.
أمريكا حيثما تدخلت، كانت النتيجة إما إشعال الحروب، أو الإبادة الجماعية، أو الدمار والتشريد. هذه هي نتائج التدخل الأمريكي. الحرب المدمّرة في أوكرانيا أشعلتها أمريكا، ولم تصل إلى نتيجة. هذا الرئيس الأمريكي الحالي كان يقول إنه سيحلّ المسألة خلال ثلاثة أيام، والآن منذ نحو عام وهو يفرض بالقوة خطة من 28 بنداً على البلد الذي دفعه بنفسه إلى الحرب.
أما هجمات الكيان الصهيوني على لبنان، وتعدّياته على سوريا، وجرائمه في الضفة وغزة—والعالم كله يشهد وضع غزة—فكلها تتم بدعم أمريكي، وقد مُنيت أمريكا في هذا المجال بخسارة فعلية وأصبحت مكروهة.
ثم إنهم يختلقون شائعات بأن إيران، الحكومة الإيرانية، أرسلت رسالة إلى أمريكا عبر دولة ما. هذا محض كذب. لا وجود لمثل هذا الأمر قطعاً. والأمريكيون يخونون حتى أصدقاءهم، أي إنهم يخونون من يعدّونهم أصدقاء. يدعمون العصابة الصهيونية الإجرامية الحاكمة في فلسطين. وبسبب النفط والمعادن تحت الأرض، هم مستعدون لإشعال الحروب في أي مكان في العالم، وقد وصلت هذه النزعة إلى أمريكا اللاتينية اليوم. ولا يليق البتة بدولة مثل الجمهورية الإسلامية أن تسعى إلى إقامة علاقة أو تعاون مع مثل هذه الدولة، قطعاً.