صلاة الفُرادى التي تُحسَب صلاةَ جماعة

في الرّواية المعروفة بـ”رواية الجُهَني”، يؤكّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّ هناك نوعًا من الصّلاة -رغم كونها تُؤدَّى فرادى- تُعدّ في حكم صلاة الجماعة.

والسّؤال هنا: كيف يمكن لصلاة فرديّة أن تُعَدّ جماعة؟

وردت هذه الرّواية عن الإمام الباقر (عليه السّلام)، وفيها أنّ الجهني أتى النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، إنّي أكون في البادية ومعي أهلي وولدي وغِلمتي (جمع غلام)، فاؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، أفجماعةٌ نحن؟ فقال: نعم.

فقال: يا رسول الله، إنّ الغِلمة يتبعون قطر السّحاب وأبقى أنا وأهلي وولدي، فاؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، فجماعةٌ نحن؟ فقال: نعم.

فقال: يا رسول الله، فإنّ ولدي يتفرّقون في الماشية وأبقى أنا وأهلي، فاؤذّن وأقيم وأصلّي بهم، أفجماعةٌ أنا؟ فقال: نعم.

فقال: يا رسول الله، إنّ المرأة تذهب في مصلحتها فأبقى أنا وحدي، فاؤذّن وأقيم فأصلّي، أفجماعةٌ أنا؟ فقال: نعم، المؤمن وحده جماعة. (الكافي ج3 ص371).

وقد حاول عددٌ من المحدّثين والفقهاء الإماميّة تفسير هذه الرّواية وبيان معناها.

1.رأي صاحب الجواهر: مع تسليمِه بأنّ الجماعة لا تتحقّق حقيقةً حين يصلّي الشّخص وحده قال: إنّ المقصود من الرّواية هو فضل الجماعة وثوابها، أي أنّ من أراد صلاة الجماعة وبذل جهدَه لإقامتها، لكن لم يجد أحدًا يصلّي معه، فإنّ صلاته الفرديّة تُعطى ثواب الجماعة، خصوصًا إذا صلّى مع الأذان والإقامة. بل ورد أنّ صفّين من الملائكة يقفان معه يُصلّيان.

وعليه، فالمقصود بالجماعة هنا الجماعة الحكميّة لا الجماعة المصطلحيّة.

2.رأي المجلسي الأوّل (محمد تقي المجلسي): يُفسّر المجلسي الرّواية تفسيرًا آخر قال: إذا صلّى الإنسان مع حضور القلب، فإنّ القلب يكون بمنزلة «الإمام»، أمّا الحواسّ الظّاهرة والباطنة والأعضاء والجوارح، فهي بمنزلة «المأمومين»، لقول النّبيّ (صلّى الله عليه وآله): «إذا خشع القلب خشعت الجوارح». وبهذا المعنى، تكون «الجماعة» هنا مجازیّة وليست حقيقيّة.

المصدر: محمدي ريشهري، فرهنگ‌نامه نماز جماعت، ص29

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل