إنّ كتاب “تفسير الدّين: إجابات الإنسان على الأمر المتعالي” من تأليف الفيلسوف الإنجليزي “جون هيك” هو أحد الأعمال الحديثة المنشورة في مجال فلسفة الدّين، والذي يسعى إلى تقديم فهم منهجيّ للدّين، والتّجربة الدّينيّة، والحقيقة في الأديان المختلفة.
“تفسير الدّين: إجابات الإنسان على الأمر المتعالي”، من تأليف الفيلسوف الانجليزي “جون هيك” وترجمة الباحث الايرانيّ “بهزاد سالكي” عن دار “كرغدن” للطّباعة والنّشر في إیران.
وجاء في تقديم الكتاب: “تمّ تقديم تفسيرات عديدة للدّين، وهذه التّفسيرات إمّا طبيعيّة، حيث تعتبر الدّين ظاهرة إنسانيّة بحتة؛ أو إذا كانت دينيّة، فقد تشكّلت ضمن إطار “الإيمان” وفَسّرت جميع التّقاليد الدّينيّة وفق معايير دين معيّن”.
يحاول “جون هيك”، في تفسيره للدّين الذي اعتبره العديد من الباحثين أهمّ كتبه، أن يقدّم “تفسيراً دينيّاً” للدّين، وفي هذا المسار، لا يريد أن يثبت أنّ الرّوايات الطّبيعيّة خاطئة، إنّه يقبل أنّه وفقاً لهذه الرّوايات، فإنّ الدّين هو ردّ فعل نظّمه الإنسان، باعتباره كائناً يعيش ضمن نظام بيولوجيّ، لمواجهة الضّغوط النّاتجة عن وضعه الإنسانيّ الخاصّ. ولكن، من ناحية أخرى، يُظهر أنّه يمكن اعتبار الأديان المختلفة إجابات متنوّعة للإنسان على الأمر المتعالي، وبهذا الشّكل، يفهم الدّين في آن واحد بطريقة دينيّة وعلميّة.
يسعى المؤلّف إلى بناء فرضيّة شاملة تجمع البيانات ونظريّات العلوم الانسانیّة حول الدّين، واستفاد مؤلّف الكتاب من إنجازات الفلسفة المعاصرة، وعلم نفس الدّين، والدّراسات المقارنة، ليقدّم صورة واضحة عن ماهيّة الدّين وعلاقته بالعالم المعاصر.
ويعدّ “جون هيك” أحد أكثر فلاسفة الدّين تأثيراً في النّصف الثّاني من القرن العشرين للميلاد؛ مفكّرٌ تشكّل مساره الفكريّ بوضوح في ارتباطه بتجاربه الشّخصيّة، وصراعاته الإيمانيّة، وحواره العميق مع التّقاليد الدّينيّة الآسيويّة والمسيحيّة. كان “هيك” من أوائل المفكّرين الذين اعتبروا مشكلة تعدّد الأديان ليست تهديداً للإيمان، بل فرصة لتوسيع الفهم الدينيّ.
يُعتبر كتاب “تفسير الدّين: إجابات الإنسان على الأمر المتعالي” أهمّ أعماله، وهو محاولة منهجيّة لشرح كيف يمكن لتنوّع الأديان أن يكون له جذور في “حقيقة متعالية” واحدة؛ حقيقة يكشف عنها كلّ تقليد دينيّ بطريقة ثقافيّة ولغويّة. هذا الشّكل من اللّاهوت المقارن جعل “هيك” أحد أبرز الشّخصيّات في فلسفة الدّين على مستوى العالم.
تُظهر أعماله الهامّة الأخرى مثل “إثبات وجود الله”، “بين الشّكّ والإيمان”، “البُعد الخامس”، و”فلسفة الدّين” جهوده لإعادة قراءة التّعاليم المسيحيّة في ضوء نهج عقلانيّ وعالميّ.