أكد آيةُ الله العظمى جوادي آمُلي، في رسالته أمس إلى مؤتمر “ريحانة النبيّ” في مدينة “مِهر”، أنّ الكثرة التي تنطوي على منفعة ويقودها ثُلّةٌ من أهل الحكمة تُسمّى «كوثراً». وهذه الكثرة ليست جموعاً مبعثرة أو غير منضبطة، بل هي مجموعة بشرية تُدار وتُهَدّى بقيادة العقلاء والكبار.
وأضاف سماحته أنّ «الكوثر» يختلف عن «التكاثر»؛ فالتكاثر مجرّد ازدياد عددي بلا هدف، أما الكوثر فهو كثرةٌ تقع في إطار الوحدة، وتخضع لهداية الأعزّة من أهل البصيرة، ومثل هذه الكثرة يمكن أن تكون منبعاً للبركات العلمية والثقافية والاجتماعية.
وأشار آيةُ الله العظمى جوادي آمُلي إلى دور مختلف شرائح المجتمع قائلاً: من الجدير أن تنخرط القطاعات العلمية والوسطى وجموع الناس، ولا سيما في المجال الثقافي، في هذا المسار. ولحسن الحظ، شهدنا في السنوات الأخيرة تنامي هذا التوجّه بين أفراد المجتمع.
الكوثر يجب أن يُصان في ظلّ الهداية ونقل العلم
وشدّد مرجعُ التقليد على ضرورة صيانة «الكوثر»، قائلاً: إنّ الكوثر ليس مجرّد كثرة عدديّة، بل هو كثرةٌ تكتسب معناها من خلال هداية العلماء ونقل العلم إلى الآخرين؛ فإذا لم يصل هذا الفيض العلمي إلى المجتمع، فلن يتحقّق مفهوم الكوثر.
وجاء في رسالته أيضاً: إنّ الكوثر هو جماعةٌ قادرة على تربية أفرادٍ كُثُر، على أن تنتقل هذه التربية إلى سائر الناس. أمّا إذا بقي العلم والهداية محصورين في دائرة ضيّقة ولم يصلا إلى المجتمع، فذلك لا يُعدّ كوثرًا.
وأضاف آيةُ الله العظمى جوادي آمُلي: وينبغي الالتفات إلى أنّ مجرد امتلاك العلم ليس عيباً ولا مذمّة في حد نفسه، إلا أنّ تكرار أقوال الآخرين لا يمثّل علماً حقيقياً. فإنّ العلم إنما يكتسب قيمته عندما يرقى بالإنسان ويردعه عن المعصية.
وأشار مرجعُ التقليد إلى ضرورة السير نحو الارتقاء الروحي، قائلاً: إنّنا جميعاً مدعوّون إلى التقدّم في مسار الكمال. وهذا الطريق هو بعينه الطريق الذي رسمه لنا القرآن الكريم وكبارُ أهل الدِّين، وينبغي أن نسير فيه بجدٍّ وثبات.
وواصل آيةُ الله العظمى جوادي آمُلي حديثه مؤكِّداً مكانة العلم، وقال: إنّ العلماء ورثةُ الأنبياء، وبالرصيد العلمي يمكنهم دعوةَ الناس إلى الارتقاء والكمال؛ وهذا الرصيد لا يجوز التفريط به أو إضاعته.
وأضاف مرجعُ التقليد: إنّ من لا يمتلك ذخيرةً علمية لا يستطيع أن ينهض بالعمل الفاطمي، ولا أن يحقّق أهدافه، بل يظلّ يكتفي بادّعاء السعي نحو الكمال دون حقيقةٍ أو مضمون.