قم – وكالة الحوزة: أكد آية الله العظمى حسين نوري همداني أن ترسيخ ثقافة الصلاة في المجتمع لا يمكن أن يتم عبر الأوامر الإدارية أو التعاميم الرسمية، مشددًا على أن الطريق الحقيقي لذلك يمر عبر التربية الثقافية العميقة داخل الأسرة والمؤسسات التعليمية، وبناء العلاقة القلبية مع هذه الفريضة الإلهية.
جاء ذلك في رسالة وجّهها سماحته إلى الدورة العاشرة للاجتماع الإقليمي للصلاة، التي عُقدت صباح اليوم الأربعاء 17 كانون الأول/ديسمبر 2025م في قاعة آية الله شرعي (رضوان الله عليه) التابعة لمركز إدارة الحوزات العلمية النسوية.
وقال سماحته في مستهل رسالته:
إن الصلاة تُعد من أهم -بل من أعظم- الفرائض الإلهية التي أكّد الله تعالى عليها، ولم يكتفِ بالأمر بإقامتها، بل بيّن آثارها وثمارها في آيات عديدة من القرآن الكريم.
وأوضح أن هذه الآثار لا تتحقق بمجرد صحة الصلاة من الناحية الفقهية، بل إن الصلاة المقبولة هي التي تنعكس آثارها في حياة الإنسان الفردية والاجتماعية، بحيث تمنعه من الفحشاء والمنكر، وتكون له معراجًا روحيًا، مشيرًا إلى أن الصلاة إذا خلت من هذا الأثر فقد تنطبق عليها الآية الكريمة: «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ».
وأكد آية الله نوري همداني أن طريق السعادة، والوقاية من الذنوب والمعاصي، والتقرب الحقيقي إلى الله تعالى، إنما يتحقق عبر إقامة الصلاة بخصائصها الروحية والتربوية الأصيلة، معتبرًا أن أقرب السبل إلى الله هو هذا الطريق.
وأضاف سماحته: “إن الصلاة التي تمتزج بالعمل بتعاليم القرآن الكريم، وبمحبة أهل البيت عليهم السلام، ترفع الإنسان إلى المقامات العلوية، وتجعل صلاته صلاةً عرشية الأثر.”
وفي جانب آخر من كلمته، أشار إلى أن التشجيع على أداء الصلاة أمرٌ حسن ومؤثر، لكنه غير كافٍ ما لم يُرافقه عمل جاد في مجال الثقافة الدينية، يبدأ من الأسرة والبيئة التعليمية، ويهدف إلى إيجاد رابطة قلبية واعية بين الإنسان وهذه الفريضة.
وشدد على أن ثقافة الصلاة لا تُبنى بالأوامر ولا تُفرض بالتعاميم، بل تتحقق عندما تُقدَّم هذه الفريضة الإلهية بعمقها الحقيقي وخصائصها التربوية، مؤكّدًا أن نورانيتها عندئذٍ ستؤتي ثمارها حتمًا.
وفي ختام رسالته، دعا سماحته بالتوفيق لكل العاملين في مجال نشر ثقافة الصلاة، وخصّ بالذكر حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محسن قرائتي، مشيدًا بعطائه الطويل في خدمة هذا الواجب الإلهي، وسأل الله تعالى التوفيق للجميع.
