رسالة آية الله العظمى جوادي آملي إلى الدورة الأولى لجائزة الإمام الخميني (قدس سره) العالمية

أصدر سماحة آية الله العظمى جوادي آملي رسالةً موجّهة إلى الحفل الختامي ومراسم توزيع جوائز الدورة الأولى لجائزة الإمام الخميني (قدس سره) العالمية.

وبحسب وكالة «إيكنا»، وجّه سماحة آية الله العظمى جوادي آملي، أحد مراجع التقليد الكبار، رسالةً مصوّرة إلى الحفل الختامي ومراسم توزيع جوائز الدورة الأولى لجائزة الإمام الخميني (قدس سره) العالمية.

نص الرسالة كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

أتقدّم بالشكر والتقدير إلى القائمين على تنظيم هذا المحفل العلمي الدولي، وإلى جميع الأعزاء الذين بذلوا الجهود في الإعداد لهذه المراسم القيّمة وإقامتها. كما أشكر جميع المفكّرين والأساتذة وأصحاب الرأي الذين أسهموا بتقديم بحوثهم أو كلماتهم في تعزيز الثقل العلمي لهذا اللقاء.

ونحن نقدّر مقام الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه، الذي له فضل عظيم على المجتمعات البشرية، ولا سيما على الشعب الإيراني المسلم، ونأمل أن يأتي يوم تكون فيه أسمى جائزة تُمنح باسم الإمام الراحل، جائزةً تسير في طريق السلام العالمي.

لقد كان الإمام الخميني (قدس سره) من تلامذة مدرسة الوحي، وما جاء به الوجود المبارك للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) للمجتمعات البشرية، قد هيّأ الإمام الراحل نظيره في إيران الإسلامية وللعالم أجمع، وخلّف إرثًا خالدًا باقياً. غير أن السؤال الجوهري هو: ماذا قدّم الإمام (ره) حتى تكون ثمرة ذلك جائزةً من هذا النوع؟

لقد أنجز الإمام الراحل عملين فرعيين وعملاً رئيسيًا واحدًا. أما الأعمال الفرعية فتمثّلت في نشر الثقافة الإسلامية داخل البلاد، سواء في الحوزات العلمية أو الجامعات، وكذلك على المستوى العالمي. وكان الإمام الراحل مدركًا لحقيقة أن العالم حقيقة واحدة، وأن القيّم والمدبّر لهذا العالم حقيقة واحدة كذلك. وقد علّم المجتمعات البشرية أن جميع الناس إخوة بعضهم لبعض.

واليوم نرى أنه إذا ظهر مرض كفيروس كورونا، فإنه ينتشر بسرعة في أرجاء العالم؛ لأن البشرية، التي يزيد عددها على ثمانية مليارات نسمة، متجانسة، متشاركة في المصير، فمرضها واحد وعلاجها واحد. وكذلك الشأن في الأخلاق؛ فلو ـ لا سمح الله ـ عادت أفكار الحرب العالمية الأولى أو الثانية إلى الظهور، لأغرقت العالم كله في الفوضى، وإذا اتّسعت مأساة كغزّة، فإنها تطال العالم بأسره.

وكانت رسالة الإمام (ره) الأساسية أن الإنسان حقيقة واحدة، مبدؤه الله تعالى، ومنتهاه المعاد والجزاء الإلهي. ولتحقيق هذه الحقيقة، أسّس الإمام (ره) نظامًا هو «نظام الإمامة والأمّة». وهذا النظام مغاير لفكرة الفصل بين الحوزات والجامعات والمراكز الثقافية.

إن أساس العمل، إلى جانب إزالة الجهل عن الحوزات والجامعات والمراكز الثقافية، بل وأبعد من إزالة الجهالة عن المراكز التربوية والتجريبية، هو محاربة «جاهلية الانفصال». لقد جاء الإمام لإحياء نظام الإمامة والأمّة؛ النظام الذي تزول في ظله الجاهلية. ولهذا الغرض جعل القرآن الكريم محورًا أساسيًا.

فالقرآن الكريم يريد للمؤمنين العدل والعزة والجلال والهيبة، ولم يُقصِ الله سبحانه أي أمة، بل دعا الجميع إلى الإسلام وعلّمهم مبدأ العزة والكرامة. واعتمد الإمام على هذين الأصلين، أي العدل والعزة، فبلغ بنظام الإمامة ذروته وداس الجاهلية تحت قدميه. وكانت رسالة الإمام: كونوا أعزّاء ولا تقبلوا الذل، كونوا عادلين ولا تظلموا أحدًا.

ونأمل أن يعمل الذين يحملون فكر الإمام الراحل في قلوبهم على التفكير بشكل أقوى وأعمق وأدق وأكثر علمية، وأن يتجاوزوا الجهل، ويرتقوا فوق الجهالة، ويتغلبوا على جاهلية الانفصال، حتى يأتي يوم نعيش فيه في عالم مفعم بالعدل والإنصاف.

وفي الختام، أتقدّم بالشكر إلى جميع القائمين على هذه المراسم، ولا سيما فخامة رئيس الجمهورية المحترم الدكتور بزشكيان، وسائر المسؤولين، والأساتذة، والأعزاء، وأسأل الله تعالى أن يحفظ هذا النظام، وهذه الأمة، وأرضنا، وأمن البلاد واستقلالها من كل سوء، إلى ظهور حضرة وليّ العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).

غفر الله لنا ولكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل