أكد أستاذ الحوزة العلمية، خلال استعراضه للميزات الإدارية لآية الله الميلاني، أن السمة الأبرز لسماحته تمثلت في “الاستشراف المستقبلي” لمؤسسة الدين.
وصرّح أستاذ السطوح العليا في الحوزة العلمية حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد علي أيازي، ضمن قراءته للشخصية العلمية لآية الله السيد محمد هادي الميلاني، قائلاً: إذا أراد الدين أن يبقى مؤثراً في المستقبل، فإنه يحتاج إلى تخطيط دقيق ورسم سياسات كلية؛ وهي رؤية استراتيجية دفعت سماحته حتى للتضحية بموقع (المرجعية المطلقة) في قم المقدسة من أجل الحفاظ على الإصلاحات التعليمية في مشهد.
الاستشراف المستقبلي؛ الحلقة المفقودة في الإدارة الدينية
وتابع حجة الإسلام السيد محمد علي أيازي: لقد كان آية الله الميلاني يعتقد -بما يتجاوز الرؤية التقليدية- أن الدين لا يمكنه أداء دوره في مستقبل المجتمع دون “صياغة سياسات” و”طرح برامج”. ورغم أنه كان شخصية شعبية متواضعة تمتلك القدرة على التواصل مع مختلف طبقات المجتمع، إلا أن ما ميزه حقاً هو هاجس مأسسة الحوزة من أجل الأجيال القادمة.
تفضيل “الإصلاحات التعليمية” على رئاسة حوزة قم
وأشار مدرس الحوزة إلى مراجعة تاريخية لواقعة دعوة آية الله العظمى البروجردي لسماحته للحضور في قم، قائلاً: على الرغم من أن عدد طلاب قم كان يبلغ ثلاثة أضعاف طلاب مشهد، وأن إدارتها المالية كانت تبدو مهمة شاقة، إلا أن آية الله البروجردي قدّم له ضمانات وتعهدات بعدم القلق ليحثه على الانتقال إلى قم، لكن رد آية الله الميلاني كشف عن سلم أولوياته.
وأضاف أيازي: لقد أجاب آية الله السيد محمد هادي الميلاني بقوله: (لقد شرعتُ في مشهد بنظام درسي وتعليمي جديد، وأخشى أنه بخروجي من هذه المدينة، ينهار هذا الهيكل الناشئ).
العبور من “الأنا” في سبيل العلم
وفي ختام حديثه، قارن أيازي بين المنهج الأخلاقي لآية الله السيد محمد هادي الميلاني والإمام الخميني (قدس سرهما)، مصرحاً: لو ذهب آية الله السيد محمد هادي الميلاني إلى قم، لنال بكل تأكيد مقام (المرجعية المطلقة) نظراً للجاذبية الفريدة التي كانت تتمتع بها شخصيته. لكن قراره بالبقاء في مشهد أثبت أنه -كالإمام الراحل- قد عبَرَ من (الأنا) ولم يقع أسيراً للشوكة والقدرة والرئاسة الظاهرية. لقد كان يدرك أن البقاء في مشهد قد يضره من حيث الشهرة والوجاهة، لكنه كان ضرورة للمستقبل العلمي للطلاب والمشاريع التعليمية.





