لجام للاعب المتوحش في غرب آسيا

لجام للاعب المتوحش في غرب آسيا

افتتاحية صحيفة “صوت_إيران” الإلكترونية، العدد ١٨٨، الصادرة من موقع؛ KHAMENEI.IR

🔹 كشفت تسريبات أحد وسائل الإعلام الأمريكية أن تحليل إيران وخطواتها للحضور في سوريا كانت صحيحة.

🔹 التقرير الأخير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية حول التقارب الخادع بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني للهجوم على إيران، ورغم كونه نتاجًا إعلاميًا منسجمًا مع المنظومة الإعلامية الغربية المعادية لإيران، إلا أنه يتضمن في طياته معطيات تؤكد بوضوح صحة التقييم الاستراتيجي لطهران لما جرى في المنطقة خلال العقد الماضي.

🔹 إن الوجود الاستشاري في العراق، ثم لاحقًا في سوريا، في مواجهة الجماعات التكفيرية الصغيرة والكبيرة، لم يكن فقط إنشاء شبكة وقاية لمنع انتشار فيروس الإرهاب في المنطقة، بل كان له أيضًا دور آخر يتمثل في بناء هندسة أمنية لردع العدو الصهيوني ومنع تعدّيه على إيران.

🔹 تشير واشنطن بوست في أجزاء من تقريرها إلى أن سقوط سوريا قطع خط الإمداد الإيراني إلى سواحل البحر المتوسط وإلى دعم جماعات مثل حزب الله.

🔹 وتؤكد هذه الوسيلة الإعلامية الأمريكية أن سقوط سوريا وخروج قوى المقاومة منها أتاح لإسرائيل فرصة التركيز، وهي مطمئنة لغياب ردّ فعّال من الأراضي السورية، على اختراق طبقات الدفاع في عمق الأراضي الإيرانية.

🔹 ومن النقاط المهمة الأخرى في التقرير، تعقّد الدعم اللوجستي لحزب الله في لبنان بعد انهيار النظام السياسي السوري السابق، وهو ما منح الكيان الصهيوني هامشًا واسعًا للضغط على المقاومة في لبنان وطمأنته من الجبهة السورية.

🔹 قضية أخرى بالغة الأهمية هي خروج منظومات التنصت والرصد التابعة للكيان من سوريا بعد انهيار الحاكمية السياسية، الأمر الذي — بحسب هذا الإعلام الأمريكي — أدى إلى نشوء “فراغ راداري وأمني” وأتاح لأسطول الطيران الإسرائيلي حرية حركة أوسع في المنطقة وتنفيذ هجمات على إيران.

🔹 وتبرز أهمية الحلقة الدفاعية السورية، رغم كل نقاط ضعفها، إلى الحد الذي نقلت فيه هذه الوسيلة الأمريكية أن ترامب وصف في لقاءاته السرية مع نتنياهو سقوط دمشق بأنه “الضوء الأخضر النهائي” لتنفيذ عمليات ضد إيران ومواقعها النووية.

🔹 ووفقًا لتسريبات هذا الإعلام الأمريكي، قال ترامب لنتنياهو قبل خمسة أشهر من الهجوم على إيران: “الآن بعد أن سقطت دمشق، حان وقته”.

🔹 إن جمع هذه المعطيات معًا يثبت صحة التحليل الاستراتيجي لإيران للأحداث التي وقعت في سوريا والعراق خلال عقد التسعينيات (الهجري الشمسي).

🔹 كانت إيران تدرك أن الدفاع لا يمكن أن يقتصر على حدودها الجغرافية. فقد كان التقييم الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية أن ما يجري في سوريا منذ بداية التسعينيات لم يكن اضطرابات أو احتجاجات داخلية، بل مشروعًا أمنيًا وإقليميًا يهدف إلى إخراج سوريا من محور معاداة إسرائيل.

🔹 وكان تحليل طهران أن بقاء حاكمية دمشق، مع ضرورة الاستجابة لمطالب الشعب الداخلية، أمر حتمي، لأن سقوط هذا النظام السياسي سيخلّف آثارًا إقليمية خطيرة ويفتح يد الكيان الصهيوني لمزيد من التوسع.

🔹 وبناءً على هذا التحليل، دخلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرحلة الدعم الاستشاري بعد تصاعد الاضطرابات ضد الحاكمية السورية السابقة، بهدف منع سقوط دمشق.

🔹 كما رأت طهران أن أحداث سوريا، خلافًا لما جرى في دول عربية أخرى مثل مصر وليبيا وتونس التي كانت تتمتع بعمق اجتماعي واسع، كانت تخفي وراء احتجاج داخلي إرادة خارجية تسعى، عند توفر الفرصة، إلى تنفيذ مشروع أمني تخريبي، يحقق في مرحلته الأولى مصالح البيت الأبيض الإقليمية، وفي مرحلته الثانية المصالح المتوسطة الأمد للكيان الصهيوني.

🔹 ويثبت مسار الأحداث اليوم أن تحليل إيران لتلك الوقائع كان صحيحًا. فالبيت الأبيض، الذي ضيّق الخناق على الحاكمية السورية السابقة عبر عقوبات متعددة وأجّج السخط الداخلي، لم يتردد بعد انهيار دمشق ووصول سلطة لا تُسبب المتاعب السابقة لأمريكا والكيان الصهيوني، في مشهد تاريخي صادم، في استقبال عضو سابق في تنظيم القاعدة ضيفًا في البيت الأبيض.

🔹 لقد شكّل انهيار دمشق فرصة ذهبية للأمريكيين والصهاينة. فالتغيير في الجيوسياسية الإقليمية، بدفع من الجماعات التكفيرية، وفّر لمحور أمريكا ما لم تحققه الحروب والصراعات العسكرية. وكانت إيران قد توقعت هذا المسار بدقة قبل 15 عامًا.

🔹 في زمن كانت فيه الهيمنة الإعلامية الغربية تتهم إيران بالنزعة العسكرية، يتضح اليوم أن خطوات إيران لم تكن فوضى أو عسكرة، بل كانت أكبر أداة لاحتواء أكثر اللاعبين فوضوية وخبثًا في العالم اليوم، لاعبًا غير منضبط لدرجة أنه يثير أحيانًا اعتراض حتى رعاته الأمريكيين والأوروبيين.

#روزنامه_صداى_إيران @sedaye_iran_newspaper

ترجمة مركز الإسلام الأصيل

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل