قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ( ..﴿سورة الحج المباركة، آية: 41﴾
الدولة الاسلامية….مبادئ و خصائص…. التمكين في الارض
1- التفسير بإيجاز ، أن الله يصف الجماعة التي يمكنها في الارض و يجعلها تحكم في الارض بأنها جماعة صالحة تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا تنسى الصلاة بل تقيمها، جماعة وان التزامهم يدفعهم إلى أيتاء الزكاة ، ثم ان الله يذكرهم بأن لهم عودة إلى الله وهم محاسبون امامه.
2- الآية على الرغم من ظاهرها الايماني والعبادي وتذكيرها بأوامر الله، وكما نجد تفسيرها العام عند جمع المفسرين، إلا انه لا يمكن إنكار المفهوم السياسي لها بخصوص التمكين في الارض وبمعنى آخر، الآية تشيرنا إلى ان من الممكن للناس الصالحين ان يحكموا في الارض، وهو واضح من الآية ولا يقبل الغموض والاعتراض او الاعراض. وهو يعني بالضرورة وبما لا يقبل الشك ان يستلموا مقاليد البلد والسلطة بأيديهم و يديروا دفة الحكم ، وهل هذا غير السياسة التي يتنكر لها البعض بقولهم، ان لا علاقة للسياسة بالدين وما القرآن الكريم إلا كتاب أخلاقي و تربوي بحت.
3- أن نفس كلمة (مكناهم) فيها من الدلالات الواسعة والمعنى الكبير بخصوص الحكومة و الإشراف على جميع مرافق الدولة، و بقدرة تامة طبعا مع طبيعة الدين السمحة و الرحمة بالناس كما عرفنا و سنعرف فيما يلي.
4- ومما ورد في وصية لأمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) لأحد ولاته بخصوص الحاكم الصالح حول ما ذكرنا من رحمة الحكومة والحاكم وعدم الظلم… ثمّ ها هو (ع) يوصي أحد ولاته بقوله : ( … وأشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدّين أو نظير لك في الخلق ).
5- ومما جاء في حديث للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بصدد الرحمة الاسلامية في دولة الرجال الصالحين، وقد اكد فيه على ضرورة ان تكون الحكومة بملامح حسنة وبعيدة عن الإيذاء والظلم ومعاملة الناس كأنهم أبناء الحاكم او اي مسؤول فيها ان تكون له..(حسن الولاية على من يلي) حتّى يكون لهم كالوالد الرّحيم.
6- اذا كان من الصحيح ان الآية الكريمة تؤكد على المسألة السياسية في استلام الحكم من قبل الجماعة الصالحة، فإنه أيضا من الصحيح والمهم ان ننظر إلى ظاهر الآية بنظرة فاحصة حول أهمية التأكيد على ما تشير اليه من العبادات الأساسية في الاسلام وأهم شعيرة من شعائره وهي اقامة الصلاة ثم ايتاء الزكاة و الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهي من الواجبات الضرورية للدولة الدينية الاصيلة، ويتبين لاحقا المعني المطلوب من هذه الشعائر على الصعيد الاجتماعي و السياسي .
و الحمد لله رب العالمين
علي العلوي / قم المقدسة