الشهيدان الشاكريان : عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة الهَمْدانيّ الشاكريّ و شَوذَب بن عبدالله الشاكريّ، كانا من أهل المعرفة والبصيرة والإيمان، ومن أسرةٍ عُرِفت بالبطولة والإقدام.
بنو شاكر بطنٌ من قبيلة هَمْدان، وفيهم قال أمير المؤمنين علي (ع) يوم صِفّين: لو تمّت عِدّتُهم ألفاً لَعُبِد الله حقَّ عبادته. وناهيك بهذه الكلمة العظيمة شرفاً وفخراً لهذه الأسرة الكريمة.
كان شَوذَب الشاكريّ حافظاً للحديث، وداره كانت مألفاً لشيعة امير المؤمنين يتحدّثون فيها حول فضائل أهل البيت عليهم السّلام.
الفداء في يوم عاشوراء
يوم عاشوراء.. أقبل عابس على شَوذَب قائلاً له: يا شَوذَب، ما في نفسك أن تصنع؟ أجابه شوذب: أُقاتِل معك حتّى أُقتَل. فجزّاه عابس خيراً وقال له: تَقدّمْ بين يدَي أبي عبدالله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك، وحتّى أحتسبك؛ فإنّ هذا يومٌ نطلب فيه الأجر بكلّ ما نَقْدر عليه. فسلّم شَوذب على الحسين (ع)، وقاتل حتّى قُتل.
ولمّا استشهد شَوذَب الشاكريّ، أقبل عابس على الإمام الحسين (ع) قائلاً: يا أبا عبد الله، أمَا والله ما أمسى على ظهر الأرض قريبٌ ولا بعيد أعَزَّ علَيّ ولا أحبَّ إلَيّ منك، ولو قَدَرتُ على أن أدفع عنك الضيمَ والقتلَ بشيءٍ أعزَّ علَيّ من نفسي ودمي لَفَعَلتُه. السلام عليك يا أبا عبد الله، أُشهِدُ اللهَ أنّي على هَدْيك وهَدْي أبيك.
ثمّ مشى عابسٌ بسيفه مُصْلِتَه نَحوَهم، وبه ضَربةٌ على جبينه. قال ربيع بن تميم (لعنه الله): لمّا رأيتُ عابساً مُقْبلاً عرَفتُه، وقد شاهدتُه في المغازي، وكان أشجعَ الناس.. فقلت: أيُّها الناس، هذا أسدُ الأُسُود، هذا ابن أبي شبيب، لا يَخرُجَنّ إليه أحدٌ منكم.
وأضاف ربيع بن تميم قائلاً: فأخَذَ عابسٌ يُنادي: ألا رجُلٌ لرجل! فقال عمر بن سعد (لعنه الله) لأصحابه: إرضَخُوه بالحجارة! فرُميَ بالحجارة من كلّ جانب، فلمّا رأى عابسٌ ذلك ألقى دِرعَه ومِغْفَره، ثمّ شدّ على القوم، فوَاللهِ لَرأيتُه يَطرد أكثرَ من مئتينِ من الناس، ثمّ إنّهم تَعَطّفوا عليه من كلّ جانبٍ حتّى قتلوه.
الامام الحجة (عج) يسلم على عابس
خصّه الإمام المهديّ (عج) بالسلام عليه في زيارته المعروفة بـ ( زيارة الناحية المقدّسة )، فقال فيها: السلام على عابسِ بنِ أبي شبيب الشاكريّ.
((مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ ۖ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ ۖ وَما بَدَّلوا تَبديلًا))﴿سورة الاحزاب المباركة:آية۲۳﴾
فسلامٌ على عابس وشوذب في الموالين المخلصين والفرسان الغيارى، والشهداء المتسامين في الدفاع عن الحق.