قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلی قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾([1]).
إشارات:
- تناولت الآيات السابقة موضوع التوحيد والشرک، وهاتان الآيتان بمثابة خلاصة لما ورد في الآيات السابقة. يقول الإمام عليه السلام في هذا الشأن: “المراد بالظلم في الآية هو الشرک”([2]).
- وفي بعض الروايات: إنّ المراد بالظلم هو الشکّ. أحياناً يکون هذا الشک، بطبيعة الحال، لا إرادياً ومقدّمة للبحث والتأمّل، بينما يحمل في أحيانٍ أخری طابع التشکيک والتبرير، وهذا النوع لا يعدو عن کونه ظلماً([3])([4]).
- يقول الإمام الباقر عليه السلام في هذه الآية الکريمة: “هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته لأنّهم لم يشرکوا بالله طرفة عينٍ قط”([5]).
- “اللبس” هو ستر الشيء وتغطيته، لذا فالمعنی هو أنّ الإيمان فطري، وهو لا يفنی بل تغطّيه غبار العقائد المنحرفة.
التعاليم:
١- آفة الإيمان الظلم والشرک والانقياد وراء القادة غير الإلهيين، «آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ«.
٢- الإيمان وحده غير کافٍ، بل يلزمه الديمومة والاستمرار، «ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ«.
٣- الأمن والهداية الحقيقية تتحقّق في ظلّ الإيمان ونبذ الشرک، «آمَنُوا … لَهُمُ الأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ«.
٤- ما لم يکن الإيمان خالصاً من کلّ شائبة، لا تأمن النفس الخوف والاضطراب، «ولَمْ يَلْبِسُوا… بِظُلْمٍ… لَهُمُ الأَمْنُ«.
٥- العلم والحکمة شرطان لازمان للتدبير والإدارة، «إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ» إذا ما علمنا أنّ کلمة “رب” تعني المدير أو المعلّم.
٦- الموحّد الذي يتصدّی لانحرافات المجتمع بالدلائل والبراهين، له حظوة ودرجات، «دَرَجَاتٍ«.
٧- الدرجات الإلهية تمنح للأشخاص بحکمة ودراية، «نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ… حَكِيمٌ«.
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة الأنعام: الآيات ٨٢-٨٣
([2]) تفسير نور الثقلين.
([3]) تفسيرنور الثقلين؛ الکافي، ج ٢، ص ٣٩٩.
([4]) تفسير راهنما (التفسير المرشد).
([5]) بحار الأنوار، ج ٢٣، ص ٣٦٧.