أين مدفن رأس الإمام الحسين عليه السلام؟
لقد اختلف المؤرخون وأرباب المقاتل حول قضية مدفن رأس الإمام الحسين عليه السلام ولكن هذا الإختلاف ليس جوهريا بقدر ماهو كان نتيجة اندثار لبعض الحقائق التأريخية والروائية وكان هذا الإختلاف على نحو الزمان والمكان.. وهناك أقوال كثيرة وأكتفي بذكر ثلاثة منها:
القول الأول:
ذكروا بأن الرأس أعيد في يوم الأربعين في العشرين من صفر… وهو قول يذهب إليه بعض المحققين ويضعفه ويقول: أن المتتبع للرحلة التي قام بها الأسرى والسبايا وطوافهم بالبلاد وفي مختلف الطرق الطويلة يستبعد أن يتم إرجاع الرأس في يوم الأربعين…
القول الثاني:
هناك رواية تقول: بأن الرأس أعيد في شهر شعبان… وهو ما يرويه الحاج عباس القمي عن أستاذه العلامة النوري صاحب كتاب”مستدرك الوسائل” قال:أن الرأس رجع في شهر شعبان وهو قول معقول حيث تتم الرحلة الطويلة ذهابا وإيابا خلال ستة أشهر…
القول الثالث:
ذكروابأن الرأس وصل مع السبايا إلى كربلاء في الأربعين وهو يوم العشرين من شهر صفرمن السنة التالية لمقتل الحسين عليه السلام…
وهناك من يؤكد لقاء جابر الصحابي الجليل الكبير جابر بن عبدالله الأنصاري بالإمام زين العابدين في كربلاء ولكن في السنة التالية لمقتل الحسين عليه السلام وليس في السنة نفسها أي في سنة 62للهجرة الشريفة.
وهناك أقوال كثيرة واختلافات مكانية وزمانية متعددة في موضع دفن رأس الحسين سلام الله تعالى عليه فمنهم من ذهب أنه دفن في مصر وقول في الشام وقول آخر في النجف الأشرف ورواية تقول في المدينة المنورة إلى آخره…
على كلّ حال فهذه الأقوال هي زيادة فضل وشرف ورفعة لسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام، فكأنّ الله عز وجل أراد لهذا الولي الشهيد المظلوم أن يكون له في كلّ موضع مقام حتى يُزار ونحن بدورنا نجل ونحترم كل هذه الإجتهادات في التنقيب والتحقيق فرحم الله سلفنا الصالح وجزاهم عنا خير الجزاء ولكن أيها الأحبة أرى بأن مقام رأس الحسين عليه السلام موضعه الحقيقي في قلوب محبيه وزائريه دائماً كما قال الشاعر:
لا تطلبوا رأس الحسين***بشرق أرض أو بغرب
فدعوا الجميع وعرّجوا***نحوي فمسكنه بقلبي
وهنا في هذا المورد يهمني أن أوجز بعض الروايات الموثقة روائيا في موضع دفن رأس الحسين المقدس وإرفاقه بجسده الشريف في قبره بكربلاء يوم العشرين من صفر سنة 61 للهجرة بعد مرور أربعين يوما من استشهاده أي في زيارة يوم الأربعين تلك الزيارة المخصوصة العظيمة..
وإليك أذكر مجموعة من الروايات الموثقة في هذا الصدد نوردها على نحو الإجمال:
1- أن المعول عليه عند الإمامية هو رجوع الإمام السجاد عليه السلام بالرؤوس إلى كربلاء بدليل رواية صاحب كتاب روضة الواعظين للشهيد الفتال النيسابوري وهو من علماء الإمامية ومن أعلام القرنين الخامس والسادس بعد التنقيب وجدت له هذه الرواية: ولم يرفع ببيت المقدس حجر على وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط، وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المصفرة إلى أن خرج علي بن الحسين عليه السلام بالنسوة ورد رأس الحسين بن علي عليهما السلام إلى كربلاء.
2- ورد في بحار الأنوار للمجلسي، وإعلام الورى للطبرسي وغيرهما أن إرجاع الإمام السجاد للرؤوس إلى كربلاء هو المشهور بين العلماء..
3- في شرح همزية البوصيري لابن حجر قال: أعيد رأس الحسين عليه السلام بعد أربعين يوما من قتله..
4- قال سبط بن الجوزي: ألأشهر أنه رد إلى كربلاء فدفن مع الجسد..
5- وفي الكواكب الدرية نقل اتفاق الإمامية على أنه أعيد إلى كربلاء ونسب إلى أهل الكشف والشهود أنه حصل له اطلاع على أن الرأس الشريف أعيد إلى كربلاء.
6- وفي مناقب ابن شهراشوب ذكر المرتضى في بعض رسائله أن رأس الحسين عليه السلام أعيد إلى بدنه في كربلاء، وقال الطوسي ومنه زيارة الأربعين.
ومن خلال تتبعنا للروايات والتدقيق في صحتها وثقة رواتها الأعلام الأفاضل الثقاة نرى بأن هذه النصوص تكتفي بالحديث عن رد الرأس الأطهر للمولى الشهيد عليه السلام إلى موضع مدفنه ولحده في كربلاء المقدسة والله العالم.