إن من المستحيل أن لا يحزن إنسان بلحم ودم ودين سليم وعقيدة تؤمن بالله ورسوله لرؤية المرقد المقدس للإمامين الطاهرين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) بعد التفجير الإرهابي الذي طاله قبل ثلاث عشرة سنة وهو بصورة دلت على كفر مرتكبي هذه الجريمة وخروجهم من الإسلام.
إن هذا الحزن يأخذ أبعادا أخرى حيث يمتزج في قلب الإنسان الذي يحمل في قلبه حبا لأهل البيت (ع) مع الأحزان التي انبجست في قلبه نتيجة المصائب والمحن التي جرت عليهم (ع) في حياتهم فيجسّده عملياً بمشاعر الحب لهم والسخط والغضب على ظالميهم في حياتهم وبعد مماتهم.
وربما يكون صوت الشاعر هو أهم هذه الأصوات التي تجسد حالة الحزن, فالحزن في ضمير الشاعر الشيعي عريق عميق يمتد إلى قرون طويلة فرضته المراحل الطويلة التي انتهجت فيها السياسات المعادية لأهل البيت سياسة الضغط والاستبداد والقمع تجاه محبيهم ومواليهم ومنهم الشعراء.
فالشاعر من خلال موقعه الفكري الهادف والكلمة الصادقة المضيئة تتعانق إنسانيته وعقيدته لتشكلان سلاحاً يدافع به وصوتاً مؤثراً خلاقاً يعبر عما يحمله, ورسالة تبث همومه وأحزانه, فقضية الشعر هي بحد ذاتها سلاح يواجه به أعداء الدين والإنسانية.
إن الأيادي الأثيمة التي ارتكبت هذه الجريمة لم تستهدف تفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع) فقط بل استهدفت حرمة جميع المقدسات وهذا ما يجب أن يكون في حسبان الشاعر والتعامل معه وفق هذا المنطق.
فإظهار الحزن والتعاطف مع هذه المأساة وحده لا يكفي, بل على الشاعر أن يحارب هذه الزمرة التكفيرية ويوضح فساد عقيدتها ويطالب الحكومات بمحاربتها لكي يكتسب هذا الحزن بعده الإنساني الحقيقي وليسهم الشاعر بصوته مع شعراء العقيدة الأحرار ومع جميع الضمائر الحية في العالم في إظهار مظلومية أهل البيت (ع) والدعوة لردع القوى الشريرة
إن هذا الحزن يجب أن يستثمر شعراً واعياً ذا دلالة واضحة يبين الحقد الأعمى الذي يكنه أعداء الإنسانية لأهل البيت النبوي الشريف وأن يستوعب الشاعر هذا الحزن في مخيلته ليعبر عنه بحجم المأساة