قدم معاوية بن ابي سفيان الأموي المدينة المنورة بعد استشهاد الامام الحسن (عليه السلام) بالسم الذي دسه والي معاوية، فمر بحلقة من قريش فلما رأوه قاموا إليه غير عبد الله بن عباس(رض.(
فقال معاوية لبن عباس: يا بن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلاّ لموجدة عليَّ بقتالي إيّاكم يوم صفين، يا بن عباس إن ابن عمي عثمان قُتِل مظلوماً.
قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما، فسّلم الأمر إلى ولده وهذا ابنه.
قال: إن عمر قتله مشرك.
قال ابن عباس: فمن قتل عثمان؟
قال: قتله المسلمون.
قال: فذلك أدحض لحجّتك وأحلّ لدمه، إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس إلاّ بحق.
قال: فإنّا كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته، فكف لسانك يا بن عباس وأربع على نفسك.
قال: فتنهانا عن قراءة القرآن ؟
قال: لا.
قال: فتنهانا عن تأويله ؟
قال: نعم.
قال: فنقرأه ولا نسأل عمّا عنى الله به؟ قال: نعم.
قال: فأيّما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال: العمل به.
قال: فكيف نعمل به حتى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا ؟ قال: سل عن ذلك من يتأوله على غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك.
قال: إنما أُنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط واليهود والنصارى والمجوس؟!! قال: فقد عَدَلتنا بهم.
قال: لعمري ما أعدلك بهم، إلاّ إذا نهيت الأمة أن يعبدو الله بالقرآن وبما فيه من أمر ونهي، أو حلال أو حرام، أو ناسخ أو منسوخ، أو عام أو خاص، أو محكم أو متشابه، وإن لم تسأل الأمة عن ذلك هلكوا واختلفوا وتاهوا.
قال معاوية: ـ فاقرؤا القرآن ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم وما قال رسول الله، وارووا ما سوى ذلك.
قال ابن عباس: قال الله تعالى في القرآن: ( يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواهِهِم ويأبى اللهُ إلا أن يتُم نورَه ولو كَره الكافرون )( سورة توبه – الآية 32)
قال معاوية: يا بن عباس اكفني نفسك وكف عني لسانك، وإن كنت لا بد فاعلاً فليكن سراً ولا تسمعه أحداً علانية ثم رجع إلى منزله.