خلفيات واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين” عليه السلام” كتاب ” خلفيّات واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين بن علي” عليه السلام” ،” لمؤلفه الدكتور الشيخ مرتضى فرج، دراسة تاريخية تحليلية تستهدف التنقيب عن جذور واقعة كربلاء والظروف التي أدت لوصول يزيد إلى السلطة.
لماذا الحفر والتنقيب الآن عن جذور وخلفيات واقعية حدثت قبل قرون متمادية؟ أليس هذا فتحاً ونكأً للجروح؟
والجواب أنَّا في الحقيقة بأمسِّ الحاجة لدراسة تاريخنا من جديد. أولا لأن الإنسان لا يمكن أن ينفصل عن تاريخهِ؟، ومن ينفصل عن تاريخه بمثابة من يفقد ذاكرته… فهل يمكن لمن فقد ذاكرته أن يمارس حياته – في حاضره ومستقبله – على نحو سويّ؟
وثانياً حتى نستفيد ونتَّعظ ونتعلّم من التاريخ، ونُراكم الخبرات، ولا نُكرّر أخطاء الماضي في حاضرنا ومستقبلنا.
وثالثاً حتى نقترب من حقيقة ما جرى قدر الإمكان، واقترابنا من الحقيقة سيدفعنا للوقوف مع طرف، وتحاشي الميل لطرف آخر… فالمرء سيُحاسب في الآخرة على حُبّه وبُغضِه، وسيُحشر مع من أحبَّ.
إذن نستهدف من هذه المحاضرات أن نَعرف نحن، ويعرفَ أبناؤنا : تاريخَنا، ودينَنا، ومذهبنا، وأئمتنا، وأن نعرفَ لماذا استشهد الإمام الحسين بن علي “عليهما السلام” ؟ ولماذا سمح المسلمون ليزيد بأن يعتلي سدَّة الحكم؟ ما الذي جرى قبل ذلك لنصل إلى – ما وصلنا إليه – يوم كربلاء؟
الأسباب البعيدة والقريبة لشهادة الإمام الحسين” عليه السلام”
لفهم هذه الحادثة التاريخية المهمَّة، لا بُدَّ من الرجوع القهقرى إلى الحوادث التاريخية التي وقعت قبل شهادة الإمام الحسين ” عليه السلام”.
فالباحث في التاريخ، عندما يريد فهم حادثة تاريخية على نحو معمق، ينبغي له الرجوع إلى سلسلة الحوادث السابقة على الحادثة المراد فهمها.
وهنا لدراسة واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين ” عليه السلام” لا بدَّ من دراسة خلفيات تلك الواقعة، وهذا يتطلب منا العودة إلى الوراء لنعرف مُجريات الأحداث التي سبقت واقعة کربلاء، وكيف انتهى وضعُ المسلمين إلى هذه الفاجعة بعد نصف قرن فقط من وفاة رسول الله محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”؟
فقد توفي رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” في 11 هج، وحدثت واقعة كربلاء في 61 هج. وهذا يعني أن واقعة كربلاء حدثت بعد مرور خمسين سنة فقط على وفاة رسول الله”صلى الله عليه وآله وسلم”.
إنه لأمر محيرٌ جداً، أن يحصل هذا السُّقوط المدوّي والتَّداعي السريع لهذه الأمة في برهة قصيرة بحساب تاريخ الأمم والشعوب.
السّؤال الذي يطرح نفسَهُ هو كيف تهيات الأجواء لوقوع هذه الفاجعة… وكيف انحدر وضع المسلمين وتسافَلَ إلى درجة أن يرتقي منصب الخلافة شخص مثل يزيد؟
منهج الدراسة
هناك عدة فرضيات في تفسير العقود الأولى من تاريخنا. الفرضية التي يختارها الباحث لتفسير تلك العقود تؤثر – على الأجح – في تفسيره لواقعة كربلاء وأهدافها وتحديد المتورطين في قتل الحسين “عليه السلام”.
الفرضية التقليدية – مهما حاولنا تكييفها – تعجز عن تفسير أحداث العقود الأولى، وتقودنا إلى فهم قاصر ومرتبك لواقعة كربلاء.
الفرضية المقترحة في هذا الكتاب تنطلق من افتراض أن كبار وجهاء المهاجرين القرشيين أخطأوا في حساباتهم خطأً جسيماً عندما ظنوا أن بإمكانهم إقصاء علي “عليه السلام” وإبقاء الوضع رهن السيطرة دون عودة بني أمية إلى الواجهة، ولم يتبادر إلى أذهانهم أن بني أمية إذا اعتلوا السلطة فسيخرجون باقي بطون قريش من الساحة ، وسيستأثرون وحدهم بالسلطة والمال.
يعتمد هذا الكتاب المنهج التاريخي السردي التحليلي” الذي هو مزيج من منهجين، الأول يُعبر عنه بالمنهج المتحرك عبر الزمن Diachronic، والمنهج الثاني يعبر عنه بالمنهج المتزامن Synchronic.
المنهج المتحرك عبر الزمن هو المنهج الذي يدرس موضوع البحث من خلال متابعته وملاحقته حسب التسلسل الزمني لوقوع الأحداث. والمنهج المتزامن هو المنهج الذي يتوقف عند لحظة زمنية معينة ليدرس كل أبعاد ودلالات موضوع البحث ليفهم أعماق الأحداث وتشعب وترابط العلاقات فيما بينها.