Search
Close this search box.

سيد البطحاء ومؤمن قريش أبو طالب (عليه السلام) في ذكرى وفاته

في السادس والعشرين من شهر رجب من السنة العاشرة للبعثة -على رواية-، توفّي بطلُ الإسلام المؤمن الموحد عم النبي (صلّى الله عليه وآله) أبو طالب (رضوان الله عليه)، مؤمن قريش وحامي النبيّ وكافله بعد أبيه.

إسمه عبد مناف بن عبد المطّلب بن هاشم، وكنيته أبو طالب، وُلد قبل مولد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بخمسٍ وثلاثين سنة، وكان سيّد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكّة،
وكان على الشريعة الإبراهيمية الحنيفية. ولد حوالي عام ۸۸ قبل الهجرة، أي قبل ولادة النبي (ص) بـ ۳۵ عاماً. وأُمّه فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران المخزومية.
تزوّج من فاطمة بنت أسد، وهو أوّل هاشميّ يتزوّج بهاشميّة، فولدت له أكبر أبنائه من الذكور: طالب (وبه يُكنّى)، وعقيل، وجعفر، وعلي، ومن الإناث: أمّ هاني واسمها (فاخته)، وجُمانة.
لمّا بُعث النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله) إلى البشريّة مبشّراً ومنذراً، صدّقه أبو طالب وآمن بما جاء به من عند الله، ولكنّه لم يُظهر إيمانه تمام الإظهار، بل كتمه ليتمكّن من القيام بنصرة رسول الله(صلّى الله عليه وآله) ومَن أسلَمَ معه.
تُوفّي أخوه عبد الله ـ والد النبي(ص) ـ والنبي حمل في بطن أُمّه، وحينما ولد(ص) تكفّله جدّه عبد المطّلب (رض)، ولمّا حضرت الوفاة لعبد المطّلب أوصى ولده أبا طالب (رض) بحفظ رسول الله (ص) وحياطته وكفالته، وكان عمره (ص) ثمانية سنين، فكفله أبو طالب وقام برعايته أحسن قيام.
كان ابو طالب يحبّ النبي (ص) حبّاً شديداً، وفي بعض الأحيان إذا رآه كان يبكي ويقول: إذا رأيته ذكرت أخي»، وكان عبد الله أخاه لأبويه.
ولمّا أدخلت قريش بني هاشم الشعب (إلّا أبا لهب وأبا سفيان بن الحرث)، فبقي القوم بالشعب ثلاثة سنين، وكان رسول الله (ص) إذا أخذ مضجعه وعرف مكانه، جاءه أبو طالب فأنهضه عن فراشه وأضجع ابنه علي (ع) مكانه.

قال الشيخ المفيد(قُدّس سرّه): «اتّفقت الإماميّة على أنّ آباء رسول الله(صلّى الله عليه وآله) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطّلب مؤمنون باللّه عزّ وجل موحّدون له. وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالب (رحمه الله) مات مؤمناً، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد، وأنّها تُحشر في جملة المؤمنين».

وقال الشيخ الصدوق(قُدّس سرّه): «اعتقادنا في آباء النبيّ أنّهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله، وأنّ أبا طالب كان مسلماً، وأُمّه آمنة بنت وهب كانت مسلمة».

قال أبو بصير ليث المرادي: «قلت لأبي جعفر(عليه السلام): سيّدي، إنّ الناس يقولون: إنّ أبا طالب في ضحضاحٍ من نارٍ يغلي منه دماغه! فقال(عليه السلام): كذبوا والله، إنّ إيمان أبي طالب لو وُضِع في كفّة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفّة لرجح إيمانُ أبي طالب على إيمانهم. ثمّ قال: كان والله أميرُ المؤمنين يأمر أن يحجّ عن أبي النبي وأُمّه(صلّى الله عليه وآله) وعن أبي طالب في حياته، ولقد أوصى في وصيّته بالحجّ عنهم بعد مماته».

وقال الإمام الصادق(عليه السلام): «نزل جبرئيل(عليه السلام) على النبيّ(صلّى الله عليه وآله) فقال: يا محمّد، إنّ ربّك يُقرئك السلام ويقول: إنّي قد حرّمت النار على صلبٍ أنزلك، وبطنٍ حملك، وحجرٍ كفلك، فالصلب صلب أبيك عبد الله بن عبد المطّلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، وأمّا حجرٌ كفَلَك فحجرُ أبي طالب».

ولمّا قُبض(رحمه الله) أتى أمير المؤمنين(عليه السلام) رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، فآذنه بموته، فتوجّع لذلك النبيّ(صلّى الله عليه وآله) وقال: امضِ يا علي، فتولّ غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني. ففعل أميرُ المؤمنين(عليه السلام) ذلك، فلمّا رفعه على السرير اعترضه النبيّ(صلّى الله عليه وآله) فرقّ له وقال: (وصلتك رحماً، وجزيت خيراً، فلقد ربّيتَ وكفلتَ صغيراً، وآزرتَ ونصرتَ كبيراً).
ثمّ أقبل على الناس فقال: (أما والله، لأشفعنّ لعمّي شفاعةً يعجب منها أهلُ الثقلين).
ـ قال الإمام الصادق(ع): «إنّ مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الشرك، فآتاهم الله أجرهم مرّتين».

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل