صدرَ حديثاً عن مركز العميد الدّوليّ للبحوث والدِّراسات التَّابع لقسم الشُّؤون الفكريّة والثَّقافيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة، العددان (الثَّالث عشر والرَّابع عشر) من مجلّة تسليم المحكَّمة، وهي مجلّةٌ فصليّة محكَّمة مختصَّة بعلوم اللّغة العربيّة وآدابها، ومعتَمَدةٌ للنشر والتَّرقيات العلميّة، إذ تضمَّن هذا الإصدار خمسة عشر بحثاً، فضلاً عن ملفّ العدد الذي توسَّم بعنوان: (بلاغة النَّهج في خطاب الآل (عليهم السلام).. أصول وتحوّلات).
ولتفاصيل أكثر عن هذا العدد أوضحت الهيأتان (الاستشاريّة والتحريريّة) قائلةً: “يسعى البحث الأكاديميّ في شتّى مستوياته الفكريّة والمعرفيّة إلى تكريس الوعي عبر ما تجود به طروحاته، فضلًا عن ذلك فهو ينطوي على مقارباتٍ تأويليّة تشي بمقصديَّات دلاليّة تتكرّس فيها الصياغات الجماليّة، لتتَّخذ من المدّ الفكريّ منطلقًا تتشكّل بموجبه هويّتُه الحضاريّة والإنسانيّة، وإنَّما تتجسّد تلك المقصديّات الدّلالية في مجموعةٍ من القيم المتوارية خلف دوالّ النّصوص والخطابات والممارسات، فضلًا عن الحمولة النظريّة والعلميّة والمعرفيّة التي تكتنز بها تلك الطّروحات ومآلاتها، وهي تستند إلى منظومتَيْ اللغة وآدابها”.
وأضافت: “وإذا ذهبنا أبعد من ذلك فإنَّنا سنطّلع على (المهيمنة) التي تضمرها تلك النصوص، لنجد ثمَّة دلالة تشكّلت بموجبها رؤى النّصوص، وتَمَثُّل تلك (الهويّة) بوصفها وجودًا له صدى فكريّ ومدى إنسانيّ عميق، وبهذا فهي لا تتحقّق إلّا عبر القراءة العميقة لتكشف عن تشكّلاتها، بل هي تجسّد روح الانتماء والوعي وكلاهما يشيران إلى بوصلة اللغة لكونها هويّةً وانتماءً، وهما يتشكّلان للفرد والجماعة معًا كما للأوطان والأمم، وهما بمثابة تاريخهما الفعليّ، كذلك لا يخفى على الجميع أهمّيّة تلمّس الحمولة الفكريّة/ الإنسانيّة في طروحات اللغة، وهي تتحرّك بدوافع معرفيّة وعلميّة ونقديّة، لتكشف عن المعطيات المعرفيّة الإنسانيّة على مدى التاريخ بأكمله”.
وتابعت: “وبهذا يتّجه الوعي الأكاديميّ المعاصر إلى تبنّي رؤى فكريّة تسهم في مناقشة الصياغات والمفاهيم والمصطلحات ومستجدّات المشهد المعرفيّ، متجاوزةً الأبعاد الضَّيِّقة والمفاهيم ذات الرؤى الواحدة، ومحاورةً (التراث، والأصالة، والحداثة وما بعدها)، وقد اتّجهت البحوثُ المنتمية لهذا الوعي إلى إمكانيّات حضور العقل المفكِّر من جهة، وغياب مهيمنات التفكير الأحاديّ من جهةٍ أخرى، وبذلك اكتسب البحثُ العلميّ حضوره الفاعل وهو يفتح مساحته للمناقشة والتمييز والفحص والنقد، وتحديد سلوكيّات ناجعة تفرزها تلك الرؤى يُمكن التعويل عليها”.
واختتمت: “انطلاقاً ممّا ذُكِر من تكريس اتّجاهاتٍ معاصرة في اللغة والأدب والنقد، فإنَّ مجلّة (تسليم) تنحو هذا النحو في أعدادها السابقة واللاحقة؛ من أجل تعزيز الوعي المعرفيّ وهي تستقطب أبحاثًا عن اللغة العربيّة وآدابها، تتناول سبل المعنى ومستوياته الدّلاليّة والتّركيبيّة واللغوية، متّخذةً المزيد من المساحات الأدبيّة والمقاربات النقديّة، وهي بذلك تؤكِّد انتماءها الحقيقيّ للفكر ولمنهاجه عبر ما تكشفه عن هويّة مطرّزة بلغة القرآن الكريم”.
الجديرُ بالذكر أنَّ مجلّة تسليم هي مجلّةٌ فصليّة محكَّمة مختصَّة بعلوم اللُّغة العربية وآدابها، ومعتَمَدةٌ للنشر العلميّ والترقيات العلميّة بحسب موافقة الجامعات العراقيّة.