قبل أن نجيب كيف نفرح في يوم عيدنا، لا بد لنا أن نحدد الإجابة عن سؤال مهم يسبقه ويترتب عليه وهو: لماذا نحن نفرح في يوم عيدنا؟
سؤال نراجع به مفهوم الفرح في يوم العيد والباعث له، ذلك أن كثيراً من الناس يفرح في يوم عيده وهو لم يحدد السبب لهذا الفرح، ومنهم من يفرح لأسباب ليست باعثة للفرح.
والحقيقة أن يوم العيد يوم فرح وسرور شرعاً وعرفاً، لما حصل لنا فيه من خير عظيم وزال عنا فيه شر كثير حيث سبقه شهر رمضان، تلك المرحلة الزمنية الفاضلة المباركة الذي جعلها الله تعالى فرصة عظيمة واسعة للمسلمين للتخلص من أوزارهم وآثامهم ومضاعفة أجورهم، فيعم القلوب في هذا العيد ومثله عيد الأضحى الذي يأتي بعد الوقوف بعرفة فرحة كبرى، إذ بلوغ رمضان نعمة كبرى على من أدركه وقام بحقه، فيفرح المسلمون في أيام العيد راجين فضل ربهم ورضوانه كما قال ربنا جل وعلا {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (58) سورة يونس.
ولذا قد قيل: ما فرح أحد بغير الله إلا لغفلته عن الله، فالعاقل يفرح بلهوه وهواه، والمؤمن يفرح بقربه من مولاه.
وبهذا المفهوم الصحيح لمعنى فرحة العيد ستبدو ملامح فرح المسلمين في ذلك اليوم مظهرا من مظاهر العبادة والعمل بشكر الله جل وعلا والثناء عليه واللهج بذكره، ومن ذلك التكبير ليلة العيد إلى الصلاة كما قال تعالى {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (185) سورة البقرة. وكذلك أداء صلاة العيد، كل ذلك من الشعائر العظيمة ومن علامات شكر النعمة.
ومن مظاهر الفرح والاحتفاء بيوم العيد ذلك الجو المفعم بالتواصل والتزاور والتكافل وبذل الصدقات وتبادل التهاني والعبارات الجميلة، الأمر الذي يترك أعظم الأثر في نفوس من يرى هذه الصورة المشرقة في مجتمع المسلمين. ومن ملامح ذلك الفرح التجمل ولبس أحسن الثياب تأسياً بالنبي صلى الله عليه واله وسلم.
ومن أجمل ما اكتسى به المتجمل في يوم عيده هو صفاء القلب ونقاؤه بالعفو والتسامح ونبذ العداوة والشحناء، راجين بذلك تمام عفو الله وصفحه في يوم يرجع فيه أقوام بعفو الله ورحمته كما ولدتهم أمهاتهم.
وكلمة أخيرة أنصح فيها إخواني المسلمين بالحذر من مظاهر الفرح بغير الحق التي يكون فيها مخالفة أمر الله والوقوع في معاصيه، وكذلك الاستغراق في اللهو واللعب والسهر الذي يفوت على كثير من الناس أداء الفرائض وتجر إلى مفاسد عظيمة، مما يخشى على من فعل ذلك الدخول في الوصف الذي ذم الله به أهل النار بقوله تعالى {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (51) سورة الأعراف، وكأنهم يريدون بذلك أن يمحوا أثر رمضان من نفوسهم وصحائفهم، وما علموا أن من علامات قبول العمل الاستمرار على طاعة الله والبعد عن معاصيه {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (27) سورة المائدة.