إن ما يتناوله الإنسان من طعام يواطئ في أثره ما ينثره من بذور في الأرض الزراعية فإن طاب مأكله وتطهر.. تجلى انعكاسه في رقة وصفاء القلب وهو سلطان الجسم. أما إذا ورد الأحشاء ما اختلط بحرام وشبهة فمردوده تَعَكُر صفو القلب وانسدال غشاوة عليه ويزيل أثر انغماسه في القسوة والضلال كل أمل في انبعاث الخير منه وفي انصياعه لأي نصيحة وإرشاد وهذا ما نستشفه من كلام سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام) وهو يخاطب عسكر ابن سعد:- (مُلِئَت بطونكم من الحرام وطُبِع على قلوبكم. ويلكم ألا تنصفون.. ألا تسمعون).
وبإيجاز نقول بأن أكل الحرام يضفي القساوة والضلال على القلب.
فيأبى تقبل كل حق والانقياد إليه ويوصد أبوابه بوجه كل نصيحة بل لا تعفو نفسه عن آية جريمة وجريرة. إن إقحام الحرام في المال يذهب ببركته كما جاء ذلك عن مولانا الإمام الصادق (سلام الله عليه):- (من كسب مالاً من غير حل سلط الله عليه البناء والماء والطين)..
أي يبدو من خلال هذا القول الوارد عن الإمام (عليه السلام). أنه يعمر فينفق ماله وعمره فيما لا ينفع دنياه ولا آخرته وكأن تلك القطعة من الأرض انتدبت لتبتلع ماله. فالحرام في المال والطعام يحجب العبادات عن نيل القبول كما ورد عن رسولنا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله):- (من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله).. وقال أيضا (صلى الله عليه وآله):- (إذا وقعت اللقمة من الحرام في جوفه لا ينظر الله إليه ومن أكل اللقمة من الحرام فقد باء بغضب من الله فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به).
وكلنا يعلم بأن الإنسان يعتمد في جميع أعماله ونشاطاته. على الطاقة المتحررة من المواد الغذائية التي يتناولها ولهذا تكتسب أعماله عفوياً ملامح الحرام. وكما قال امير المؤمنين (عليه السلام):. (يا كميل إن اللسان يبوح من القلب والقلب يقوم بالغذاء. فانظر فيما تغذي قلبك وجسمك. فإن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تعالى تسبيحك ولا شكرك).
ومن هنا يتبين لنا اتحاد نهج حياة الإنسان تحت طائل نوع طعامه. إن كان حراما أو حلال فالطعام الحرام يعيث في روح الإنسان فساداً كما يتسبب الغذاء المتفسخ في تسمم جسمه وفي إفساد حاله.
