كانت حالة معيشة سماحة الامام الخميني (قدس سره)، محط تعجب والتفات الذين كانوا ينظرون الى دخوله بقدرة وجدية الى عالم السياسة.
كانت حالة معيشة سماحة الامام الخميني (قدس سره)، محط تعجب والتفات الذين كانوا ينظرون الى دخوله بقدرة وجدية الى عالم السياسة، منذ سنوات الـ: 40 (اشارة الى تاريخ بدء نضال الامام (قدس سره) في اوائل عام 1340 هـ.ش (1980 ميلادي). فعند بدء فترة النضال، اصبحت معيشته اقل مما كانت عليه!.. كان ذلك هاماً جداً وذا معنى بالنسبة للشعب وصف لوسين جورج، مراسل صحيفة لوموند (الفرنسية) منزل ومحلة الامام، في المنفى، بما يلي:
” يقع المنزل المتواضع لآية الله الخميني في منعطف أحد أزقة النجف الضيّقة التي تتداخل بيوتها بنحو يقيها أشعة الشمس الحارقة، ويشبه المنزل في تواضعه وبساطته بيوت فقراء النجف. اذ تضمّ غرفه الثلاث اكثر من اثنى عشر من المقرّبين لسماحته، كما أن هذا المنزل المتواضع يخلو من أي مؤشر أو علامة تدل على قدرات زعماء الانتفاضة أو رؤساء الأحزاب المعارضة الذين في المنفى. واذا كان آية الله الخميني يتمتّع بالقدرة التي أهّلته لأن يتحكم بالشعب الايراني وانتفاضته، فمن المؤكد أنَّ هذه القدرة مستوحاة من حضوره القوي والفاعل في أفكار الشعب الايراني. نحن الآن في محضر آية الله، في حجرة أبعادها 2* 3 متر، في منزل يقبع في أبعد نقطة من نقاط مدينة النجف (صحيفة الامام ، ج3، ص 321)”.
ان انتصار الثورة الاسلامية لم يُضِف على ما يملكه الامام (قدس سره) شيئاً، فالازقة الضيقة في محلات جماران، افضل دليل على سلامة نفس وزُهد رجل، قاد ثورة عظيمة مجيدة، من منزل صغير وقديمي هناك!
بعد الثورة، وبالنظر لماجاءت به الفقرة 142 من الدستور، يتوجب على القائد، 91 اعضاء مجلس القيادة، رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، الوزراء وزوجاتهم وابنائهم، الاعلان عما يمتلكون قبل وبعد الخدمة (الحكومية)، لديوان البلاد العالي (يرادف ذلك، المحكمة الدستورية العليا، كما تسمى في دول اخرى)، وذلك للنظر في ملكيتهم وعدم ازديادها خلافاً للحق (القانون). لذا، في 24/11/1359 هـ.ش (13/2/1981 م) اعلن رئيس الديوان المذكور، آنذاك، ان الامام كان اول من افصح عما يملكه، هو وافراد اسرته، حيث دوّن كل ما بحوزته، وبعث رسالة في 24/10/1359 هـ.ش (14/1/1981 م)، الى اية الله موسوي اردبيلي. نص الرسالة:
“الإسم: روح الله، الكنية: مصطفوي المعروف بالخميني، رقم الهوية: 2744
مكان الإصدار: مدينة خمين، المهنة: عالم دين.
1- الممتلكات غير المنقولة (مع ذكر المواصفات):
1- منزل يشتمل على جناح خارجي وجناح داخلي في قم، منطقة باغ قلعه المعروفة.
2- قطعة أرض إرث من الوالد، وحسب علم السيد بسنديده فهي مشاعة بيني وبين سماحته وورثة المرحوم أخي السيد الهندي، وسهمي من تأجيرها وحسب علم أخي الكريم أربعة آلاف ريال في السنة وهي لا تعطى لي «2».
2- الممتلكات المنقولة سواء الأموال النقدية الموجودة أو الودائع المصرفية، والأسهم والأموال غير المنقولة الأخرى مع ذكر قيمتها التقريبية:
1- قليل من الأموال على شكل نذورات وهدايا شخصية موجودة في طهران.
2- لا أملك أثاث منزل، وجزء بسيط من الأثاث الموجود في قم وطهران وهو ملك لزوجتي، توجد قطعتان من السجاد في البيت، سلمتا لي إذا ما أردت ان أراعي فيهما أحكام الخمس وهما ليستا ملكي ولا لورثتي ويجب أن تعطيا للفقراء من السادة. ولديّ عدة مجلدات من الكتب، وبقية الكتب التي سرقت في عهد الشاه المخلوع لا أعرف عددها، ولديَّ أيضاً عدة مجلدات من الكتب هي هدية من قبل أصحابها المؤلفين أهدوها لي عندما كنت في طهران ولا أعرف قيمتها بدقة ولكن قيمتها بسيطة جداً. أما الأثاث الذي في المنزل السكني الحالي في طهران فهو ملك لصاحب المنزل، وأحمد على علم بذلك.
3- جميع الأموال التي في البنوك أو في المنزل أو عند بعض الأشخاص هي أموال شرعية وليست ملكاً لي وليس للورثة أي حق فيها، والسيد بسنديده على علم بذلك باستثناء الشيء القليل الذي أشرت إليه وقد بينت وضع هذه الأموال في الوصية (صحيفة الامام ، ج13، ص 408)”.
بعد ذلك، وفي مرسوم بتاريخ 26/12/1362 هـ.ش (16/3/1984 م) قام بالتنازل عن حصته الوراثية في خمين (مسقط رأس وحياة الامام الخميني (قدس سره)، الى فقراء هذه المدينة.
على هذا الاساس، بعد ارتحال الامام (قدس سره) قدم نجله (المرحوم السيد احمد الخميني)، مباشرة، طلباً الى السلطة القضائية، للنظر في ملكية الامام، حسب الدستور.
(الصحف الرسمية للبلاد – 11/4/1368 هـ.ش (2/7/1989 م).
كان ذلك ملفتاً للنظر! ليس، فقط، عدم ازدياد ماكان يملكه سماحته، خلال فترة قيادته لهذه البلاد الغنية، بل، حتى ان قطعة الارض التي ورثها، حسب ما امر به، مُنحت لفقراء المحل (محل حياة الامام) وبذلك خرجت تلك من ملكيته!. كان منزله القديم، في قم، ما تبقى له مما يملكه (من الاموال غير المنقولة).. والذي اصبح منذ نفي الامام وبعد ذلك، مقراً لتمرير اهداف النهضة الاسلامية ولم يكن للمنزل المذكور، انتفاع فردي، على هذا المنوال.
فيما يتعلق بذلك، ذكر السيد محمود دعائي، اقدم اصحاب الامام والمقرب من بيت سماحته (قدس سره)، انه: ” كان الامام مرجع عالم التشيع على الاطلاق، حاكم جمهورية مقتدرة وذات تأثير، وكانت لديه وجوه شرعية كثيرة (الاموال التي يدفعها المسلمون حسب الشرع المقدس الى المراجع). وبعد ارتحاله، كان القسم المالي لمكتب الامام، يتمتع بمنابع مالية كثيرة وبالعملة الصعبة والوطنية، الاّ ان نجل الامام (قدس سره)، (المرحوم السيد احمد الخميني)، اعاد ذلك، جميعه، الى اماكنه الاصلية، في اقل من 24 ساعة! من ارتحال الوالد. اضاف دعائي :” الاماكن الاصلية، كانت، الحوزات العلمية، ومجمع مدرسي الحوزة العلمية الذي كان على رأسه (آنذاك) المرحوم فاضل لنكراني. لذلك.. اصبح السيد احمد، خلال 24 ساعة بعد ارتحال الوالد، رجلاً (عادياً) من رجال الدين، لايمتلك شيئاً! فقد اعاد كل اموال اعظم حاكم شرع الى اصحابها! وما تبقى له الاّ منزل سكني.. اقنع باقي الوُرّاث بأن يكون تحت تصرف ولي فقيه العصر.
قال دعائي: لقد تنازل السيد احمد، عن ذلك البيت، ايضاً.. وتحوّل نجل قائد النهضة الى رجل دين عادي، يتلقى راتبه من الحوزة (العلمية).