بسم الله الرحمن الرحيم،
تقبّل الله صلاتكم وتوسّلكم، وأسأل أن يحظى بكاؤكم وتوجّهكم وأدعيتكم باللطف والإجابة الإلهية، إن شاء الله. هنيئاً لكم، أيها الشباب: قلوبٌ مستنيرة ومرآة نقيّة ومستعدّة لجذب الألطاف الإلهيّة وجلبها. هذا هو الوصف الحقيقي لكم، أيها الشباب. بدايةً، أعتذر لكون المكان ضيّقاً للصلاة، وقد تسبّب هذا في العناء لكم بعد الصلاة. إنّ كلّ واحد من مجالس التوسّل وحالاته هذه التي تعيشونها فيه اتصالٌ وارتباطٌ بالنور المعنوي الأزلي للإمام الحسين، عليه الصّلاة والسّلام. إنّنا بهذه التوسّلات نستمدّ النور لشموع قلوبنا المنطفئة من المشعل النوراني الشاسع للأنوار الحسينيّة. إنكم تنيرون قلوبكم. اسم الإمام الحسين (ع) ومساره والتوجه إليه والتوسّل بالحسين بن عليّ – سيّد الشهداء سلام الله عليه – كلّه يُشرّع السّبل. إن الحسين (ع) مصباح الهدى بالمعنى الحقيقي للكلمة. الحسين (ع) مصباح الهداية. هذه الهداية تلمسونها في ضمائركم وبواطنكم أيضاً. إنّ كلّ من يجلس في محفل حسيني ويقوم منه يحظى – بلا شكّ – بفائدة روحانيّة من هذا الجلوس والنهوض. هذا أمر لا شك فيه. كلّ من يجلس منّا ساعةً في هذه المجالس تغدو قلوبهم في آخر تلك الساعة أنقى وأشدّ نوراً من بدايتها. المهمّ أن نُبقيَ على هذه الحالة، ومن الضروري أن نتمكّن من المحافظة على هذه النورانيّة. لقد قلتم في هذا النشيد الجميل الذي أدّيتموه بداية هذه الجلسة إنّ هذا الطريق طريق الإرادة. نعم إنّه طريق الإرادة. يجب التحرّك بإرادة وعزم. ليست قليلة نقاط الجذب التي تهدف إلى الانحراف عن هذا الصراط المستقيم، فدائماً كانت مسبّبات الانحراف هذه موجودة وهي اليوم أكثر من أيّ وقت. من الواجب التحلّي بالإرادة القويّة حتّى تتمكّنوا من مقاومة نقاط الجذب الشيطانيّة هذه. إذا قاومتم، فحينئذ ستفتحون القمّة، أي العمل الذي لم يُنجز بعد زمن رسول الله (ص) حتّى اليوم: قمّة الحاكميّة لدين الله، والحاكميّة للحق، والحاكميّة للعدل، وقمّة بلوغ الغاية والمنشود من الخلقة البشريّة، أي تكامل الإنسان والكمال البشري. ستبلغون هذه القمّة. هذه المهمّة مهمّتكم. أنتم – شبابَ اليوم – في مقدوركم أن تكونوا مدعاة للأمل، وأنتم كذلك – ليس النقاش حول استطاعتكم – أنتم مدعاةُ الأمل. إنّ كلّاً منكم قادرٌ اليوم على أن يكون مشعلاً نورانيّاً على درب من يحيطون به وفي البيئة المحيطة به. حاولوا الإبقاء على هذا. اسعوا للاستقامة على هذا الطريق؛ {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} (هود، 112). الاستقامة مهمّة والصمود أيضاً، وأنتم قادرون على إنجاز هذا العمل وستُنجزونه – إن شاء الله – ببركة التوجّه إلى الحسين بن علي (ع) والتوسّل به. كما كانت إراداتكم حاضرة خلال المسيرات العظيمة اليوم والأيام السابقة بين النجف وكربلاء وعلى الطريق نحو كربلاء أو في المدن تبعاً لتلك المسيرة حيث كانت هناك مسيرات، وكما تحرّكتم بصلابة وروح شبابيّة في هذه المسيرات، ستتمكّنون من التحرّك على طريق الروحانيّة والحقيقة والحاكميّة للتوحيد بالصلابة نفسها، إن شاء الله. هذا هو الأمل المعقود عليكم شبابَ اليوم، وشبابَ العالم الإسلامي، وشبابَنا الإيرانيّين الأعزّاء على وجه الخصوص. آمل أن يمنّ الله المتعالي عليكم بالعون والتوفيق، وأن تستقيموا في هذا المسار، وتعيشوا حسينيّين دائماً وتبقوا حسينيّين.
والسّلامُ عليكم ورحمة الله.