دعا 12 ألف أستاذ جامعي في إیران الأكاديميين في العالم لاسیّما أساتذة العالم الإسلاميّ في بيان الى التحرك لمعاقبة الكيان الصهيوني القاتل للأطفال لدى اشارتهم الى الاوضاع الجارية في قطاع غزة، معتبرين مايجري في هذا القطاع اليوم بأنه مصداق واضح للمجازر الجماعية وجريمة ضد البشرية كافة.
فيما يلي نص البيان:
“بسم ربّ الشهداء والصّدیقین
إنّ عملية “طوفان الأقصى” التي تبعث علی الفخر، والتي كانت عملاً مستقلاً وعفوياً لفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني دفاعاً عن حقوقه الأصيلة والثابتة وعملیة فدائیة كبيرةً وتاريخيةً أربکت حسابات الکیان الصهيوني، وجسّدت الكلمة الإلهية “إنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت” علی أرض الواقع مرة أخری، وجعلتها اعتقاداً مؤکداً، وأثبتت الرهبة الزائفة والقوة المزيَّفة لهذا الکیان المحتل، وفرضت فشلاً ذریعاً لايمكن إصلاحه على قوة الاحتلال.
وبالطبع فإن هذا الإجراء کان ردّاً مشروعاً من قبل شعب مظلوم لأجل الدفاع عن حقوقه، والمقاومة ضد مغتصبي ومحتلّي الأرض والمعتدين على الشعب الّذي هو أبسط حق يعتقده كل الشرفاء والأحرار، على اختلاف أديانهم وعقائدهم واتجاهاتهم الفکرية.
ومن ناحية أخرى، إن السلوك القاسي والمروع للکیان الصهيوني، الذي ظل طوال عقود من اغتصابه للحياة، قد عرّض الشعب الفلسطيني المضطهد للقتل والجريمة والقسوة مع سياسات الفصل العنصري، والسجل المشؤوم لهذا الکیان المليئ بالانتهاكات منذ البداية وحتى الآن، والانتهاك الصارخ للحقوق الأساسية للفلسطينيين، والقتل وتدنيس الأماكن المقدسة، يؤلم قلب كل إنسان حر.
إن ما يحدث اليوم في غزة والهجمات الوحشية التي تُشنّ هذه الأيام على المنازل السكنية والبُنی التحتية والمساجد والمدارس والجامعات والمستشفيات وفرق الإغاثة وقطع الوقود والمياه والكهرباء هي أمثلة واضحة على القتل الجماعي والجرائم ضد الإنسانية.
هؤلاء الأطفال الأبرياء، وهؤلاء النساء المضطهدات، وهؤلاء كبار السن الأبرياء؛ ماذا ارتکبوا لیستحقوا تدمیر بلدهم وسفك دمائهم بهذه الطريقة الجبانة والوحشية؟ وما ذنبهم لیکونوا فریسةً لظلمٍ لا حدّ له ولجشع أناسٍ لا يحلمون إلّا بالسيطرة على العالم ولاسيّما على المنطقة من النيل إلى الفرات؟
هل إنّ إدراك حق هؤلاء البشر العزل في الحياة، والحق في علاج آلامهم وجراحهم العميقة، والحق في الراحة والعيش تحت سقف منازل أجدادهم، صعب جداً على المطالبين بحقوق الإنسان لدرجة أنهم لايستطيعون تمییز المعتدين الإسرائيليين المتعطشين لدماء الأبرياء الذين يتعرضون للهجوم بحیث إنهم إما يلتزمون الصمت أمام هذه الکارثة البشعة، أو يکتفون فقط بدعوة کلا الجانبین إلى الهدوء وضبط النفس، أو يذرفون دموع التماسيح على الإسرائيليین. ويدعمونهم، بل وبكل وقاحة، یطرحون مشروع ترحیل الشعب الفلسطيني إلی خارج هذا البلد وتغيير النسبة السكانية لهذه الأرض، تحت شعار حقوق الإنسان.
وتشیر التطورات الأخيرة في فلسطين المحتلة إلی أن سياسة الاسترضاء والدعم لهذا الکیان الغاصب لن تعزّز السلام والأمن الإقليميَّين والدوليَّين فحسب، بل على العكس من ذلك، ستشجع هذا النظام على تجاهل العشرات من قرارات الأمم المتحدة، لمواصلة السياسات العنصرية، واستمرار الاحتلال وارتكاب الجرائم الدولية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان – مقرونة بالتظاهر بالمظلومیّة. وللأسف، سلبية وتقاعس الدول الغربية والعربية والمؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، أمام هذه الانتهاكات الصارخة للمعايير والقوانين الإنسانية الدولیّة في الأراضي المحتلة جعلت الکیان الصهيوني أكثر وقاحة في مواصلة جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
إنّ المطلوب من المنظمات والتجمعات والمؤسسات المسؤولة عن الشؤون الدولية وحقوق الإنسان، في سبيل القيام بواجباتها القانونية والإنسانية، الخروج عن الصمت والتقاعس، من أجل إحقاق حقوق الأمة الفلسطينية ومعاقبة المحتلين، والامتناع عن المشاركة في هذه الجرائم التي لايمكن إنكارها، والتي تعدُّ عاراً على المجتمع الإنساني، ومع ردّ فعل حاسم وفعّال وإدانة جرائم الکیان الصهيوني، لکي یوقفوا هذا الکیان عن الاستمرار في أعماله هذه.
نحن أساتذة جامعات إیران، إذ نشيد بأرواح الشهداء الفلسطينيين الطاهرة، حیث نعتبر أنفسنا متعاطفين معهم، ونؤكد على حقهم الأصيل والقانوني في الدفاع عن أنفسهم ضد وحشية وجرائم الکیان الإسرائيلي الشنيعة.
كما نؤكد على الحاجة إلى الإرادة وإلی إجراءات عالمية عاجلة لوقف الأعمال المعادية للإنسانية التي يقوم بها هذا الکیان، ونعتقد أنّ الهدوء والسلام الدائمین في فلسطين لا يمكن تحقيقهما إلا مع إنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين وتحدید النظام المستقبلي لفلسطين على أساس الاستفتاء بمشارکة جميع الفلسطينيين، وأخيراً تشكيل الدولة الفلسطينية الموحدة وعاصمتها القدس الشريف.
كما ندعو مفكري وخبراء وأكاديميي العالم، لاسیّما أساتذة العالم الإسلاميّ، ضمن اتخاذ مواقف موحدة في إدانة هذه الجرائم البشعة، إلى رفع صوت هؤلاء المضطهدين في مختلف الساحات وعدم نسيان مسؤوليتهم الفكرية في الدفاع عنهم. وعدم السماح لحدوث أبشع الفجائع الإنسانية أمام أعينهم.
والمهمة الأخرى هي متابعة معاقبة الحكومة الصهيونية الإرهابية والوحشية. كل أصحاب الضمائر الحیّة یعترفون بأن جريمة قتل الأطفال والنساء الفلسطينيين المستشریة في هذه الأيام يجب ألّا تمر من دون عقاب، ويجب محاكمة ومعاقبة جميع عملاء الکیان الصهیونيّ المتواطئین ونتنياهو المجرم شخصیّاً من قبل محاكم الدولية والمستقلة.
واليوم الجامعات أمام اختبار، وسيسجل التاريخ احتجاج الأكاديميين والمفكرين والناشطين الثقافيين والاجتماعيين أو عدم وقوفهم ضدّ هذه الغدّة السرطانية.
يجب أن يعلم العالم أن أهل غزة ليسوا وحدهم، وأن فلسطين كانت وستظل دائماً جزءًا من جسد العالم الإسلامي.
والعاقبه للمتّقين”.