أدانت حركة مجتمع السلم في الجزائر، بشدة، تصريحات ومواقف عميد مسجد باريس “شمس الدين حفيز” حول تجريم المقاومة في فلسطين ووصمها بالإرهاب، واعتبرت أن ما قاله لا يقرّه أي من علماء المسلمين.
وقالت الحركة وهي أكبر حزب إسلامي في البرلمان الجزائري، في بيان لها إنها “تابعت باستغراب واستنكار شديدين التصريحات الخطيرة، لعميد المسجد الكبير بباريس، حول المعركة البطولية التي أدهشت بها المقاومة الفلسطينية العالم في معركة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر، رداً على جريمة الاحتلال والحصار وقتل آلاف الأبرياء والانتهاكات المتكررة لمقدسات الأمة، وعلى رأسها بيت المقدس”.
ونقلت الحركة المعروفة بـ”حمس” مقاطع من كلام حفيز الذي وصف حسبها أفعال المقاومة بالجرائم العنيفة، وقال إن رسالة الدين لا تتناسب مع لغة المقاومة، وأنه يستشعر عظم الآثام في قتل الضحايا اليهود الصهاينة الأبرياء، واعتبر ذلك مجازر مروعة، وأبدى تعاطفه معهم، واصفاً حركة حماس بأنها منظمة إرهابية، وقد صدر ذلك في بيان رسمي باسم عمادة مسجد باريس ثم تبعته تصريحات في نفس السياق عبر قنوات إعلامية.
وإثر ذلك، أكدت الحركة أن تصريحات العميد المحسوب رسمياً وسياسياً على الدولة الجزائرية، تشكل انحرافاً خطيراً ومتناقضاً مع الموقف الثابت للدولة الجزائرية، ومصادماً للإجماع العام للشعب الجزائري، ومع القيم التي تأسست عليها مؤسسة مسجد باريس.
واعتبرت هذه التصريحات متناقضة مع المواقف المشرفة لعموم المسلمين في فرنسا والغرب، حتى العقلاء والموضوعيين من المسيحيين واليهود، والتي عبرت عنها المسيرات الشعبية في مختلف الدول الغربية، وهو ما يطرح تساؤلات جدية عن هوية وولاء هذا المسؤول، والأجندات التي يخدمها.
واستنكرت عجز هذا المسؤول على مؤسسة إسلامية عريقة في أوروبا على الصدح بالحق وإنصاف قضية عقيدة وأمة؛ يفرض عليه التزام الصمت، بدلاً من الانسياق وراء المساندين للرواية الكيدية الظالمة للآلة الإعلامية الصهيونية، والانحياز إليها.
وفي سياق تصحيح المفاهيم، شددت حمس على أن تاريخ الصراع لم يبدأ بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر بل هي معركة ضد التاريخ الإجرامي للعدو الصهيوني منذ 75 سنة، مشيرة إلى أن حركة حماس هي حركة تحرر وطني، مثلها مثل جبهة وجيش التحرير الوطني ضد جرائم الاستعمار الفرنسي مدة 132 سنة.
واستغربت الحركة هذه الازدواجية في الاختباء وراء تعاليم الإسلام في إدانة المقاومة الفلسطينية، بفهم انحيازي ومجتزأ لا يقرُّه عليه علماء الأمة الإسلامية، مقابل السكوت على الجرائم والمجازر والفظاعات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني منذ 1948، والانتقال إلى تأييد قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والمرضى والجرحى.
وكانت تصريحات عميد مسجد باريس شمس الدين حفيز، لقناة “بي أف أم” الفرنسية قد أثارت استياءً واسعاً في الجزائر، خاصة أنه يتولى عمادة مؤسسة دينية تقع تاريخيا تحت التأثير الجزائري.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نال عميد مسجد باريس أيضاً هجوماً شديداً بعد حضوره ندوة شاركت فيها السفيرة الإسرائيلية بفرنسا. وصنف عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم آنذاك، ذلك الفعل في دائرة الخيانة.
وتساهم الجزائر التي تملك أكبر الجاليات المسلمة في فرنسا، بنحو 3 مليون يورو سنويا في ميزانية مسجد باريس الذي يشرف على ابتعاث الأئمة الجزائريين لفرنسا، ويقوم حالياً بمهمة الإشهاد على المنتجات الحلال التي تدخل الجزائر، علما أن هذه المؤسسة العريقة تولى عمادتها منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي شخصيات جزائرية.
المصدر: القدس العربي