Search
Close this search box.

النِّيَّة تحتَلّ أهمية كُبرى في الإسلام

النِّيَّة تحتَلّ أهمية كُبرى في الإسلام

تحتَل النِّيَّة أهمية كُبرى في الإسلام فهي التي تعطي العمل الإنساني قيمته الحقيقية، وعلى أساسها يتُمُّ تقييم العمل والعامل، لأن النيَّة هي الأداة التي تكشف عن حقيقة ما يُكِنُّه العامل في نفسه.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَوْ خَلُصَتِ النِّيَّاتُ لَزكَتِ الْأَعْمالُ”.
لا تُقبَل الأعمال، ولا تَزكو وتنمو، ولا تُؤْتي أُكُلها المرْجُوَة، ولاتكون ذات قيمة حقيقية إلا إذا كانت (النِّية) وهي الدافع إلى تلك الأعمال، صادقة، خالِصة لله سبحانه وتعالى.

النِّيَّة: هي القصد والدافع الداخلي الذي يحرك الإنسان للقيام بأي عمل، وهي التي تفرق بين العمل الصالح والعمل غير المقبول. إذا كانت النية لله خالصة ولوجهه الكريم، يصبح العمل طيِّباً ومقبولًا عند الله تعالى.

النِّيَّة هي: عَزْم القلب على فعل الشيء، وهي الدافع إلى العمل، بل هي قلب العمل وحقيقته وروحه، إذا صلحت صلح وإذا فسدت فسد، وعليها مدار قبول العمل وعدم قبوله، وهي المسؤولة عن آثاره النفسية وآثاره الواقعية الفعلية، ولذلك يُشترط الصدق فيها والإخلاص والصفاء، بحيث يكون العمل خالصا لله ويكون العامل متوجِّها بكل كيانه ومشاعره إلى الله دون سواه وهو ينجز عمله، فكل عمل يكون الدافع إليه التقرب من الله يكون عبادة، ويترتب عليه الأجر والثواب، ولذلك جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: “إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ”.

تحتَل النِّيَّة أهمية كُبرى في الإسلام فهي التي تعطي العمل الإنساني قيمته الحقيقية، وعلى أساسها يتُمُّ تقييم العمل والعامل، لأن النيَّة هي الأداة التي تكشف عن حقيقة ما يُكِنُّه العامل في نفسه، بخلاف العمل ذاته فأنه لا يكشف عما يُضمره العامل إذ يمكن أن يفعله بصورة مغايرة لما يُكِنُّه في نفسه، إنك ترى شخصاً يعطي مالاً لفقير فقد يفعل ذلك بنية طَيِّبة صادقة، يعطيه ليعينه وحسب، وقد يفعله بنيَّة خبيثَةٍ، يعطيه ليذله، والفرق واضح بين الحالَين، والبَونُ شاسع من حيث النِّيَّة، وإن كان الظاهر واحد في الحالَين.
والنِيَّة محلها القلب، ولا محل لها في اللسان في جميع الأعمال والأفعال، ولهذا لا يجب النطق بها، فلا يُقبل أمر إلا بنية، فلو نطق بعقد زواج أو أوقع طلاقاً لفظيا ولم يك ذلك عن نية حقيقية جادَّة فلا يقع الزواج ولا يقع الطلاق، وهذا يدل على قيمة النية وأهميتها في تحقق الفعل وفي قبوله وترتب الآثار النفسية والجزائية والثواب الأخرى عليه، فرُبَّ عمل ظاهره صالح ولكنه لا ينفع صاحبه لفساد نيته، أو تحويلها لغير محلها، وما أكثر الأعمال التي تذهب سُدىً لغفلة عاملها عن الله سبحانه والله هو الذي يتقبل العمل ويثيب عليه، وهو العالم بدواخل الإنسان وبواطنه.
وقد دعت النصوص الدينية الشريفة التي تكشف لنا ما غاب عنا من حقائق وجودية، وما نجهله من آثار تكوينية للنية، دعت المسلم إلى أن ينوي الخير في كل ما يفعله ويطلبه ويسعى إليه، أي أن يكون صافي القلب سليم الإرادة، وأنه سيفعل الخير بما يقدر عليه أو يحوزه ويناله ويربحه، وذكرت أن المرء لا يزال بخير ما نوى الخير.
الأمر الذي تجب الإشارة إليه هنا أن تأكيد الإسلام على النِّيَّة له أثر عظيم على العامل فضلا عن العمل، أما العمل فمعلوم أن قبوله مشروط بسلامة النية، وإذا قَبِلَه الله هيَّأ له أسباب نجاحه، وأما العامل فإن يقينه بأن النية هي ميزان العمل عند الله ويقينه بعلم الله وإحاطته بها فإن ذلك يُصلحه واقعاً ويُصلح داخله وباطنه، فيصير باطنه كظاهره، وإذا صار كذلك برء من النفاق والرياء، وصار في كل حال من أحواله خالصاً زاكياً، تزكو نفسه، ويزكو عمله، إذ من المعلوم أن الزكاة هنا تعني طهارة الأعمال ونماؤها وزيادتها في القرب من الله تعالى فـ”الزكاة” لغةً تعني النَّماء والزيادة والطَّهارة. فإذا خَلُصَت النِّيَّة، يصبح العمل مباركًا ومؤدياً إلى رضا الله وزيادة الأجر والثواب.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل