Search
Close this search box.

من الأرض إلى المجرة؛ إرث “الشهيد طهراني مقدم” لإيران

من الأرض إلى المجرة؛ إرث "الشهيد طهراني مقدم" لإيران

جعل الشهيد “حسن طهراني مقدم”، رائد صناعة الصواريخ والفضاء، إيران واحدة من الدول القادرة على إطلاق الأقمار الصناعية إلى مدار الأرض من خلال جهوده المستمرة في تطوير تقنيات حاملات الأقمار الصناعية والوقود الصلب.

ففي ليلة هادئة مليئة بالنجوم، حيث كانت السماء مليئة بالأسرار التي لا يملك الشجاعة لاستكشافها إلا الشجعان، كان رجل يفكر في الغد البعيد وغير المكتشف؛ رجل وصل قلبه إلى السماء وعقله إلى أعماق الفضاء.

كان اسمه “حسن طهراني مقدم”. رجل الإرادة والإيمان، ينبض قلبه في طريق العلم والتطلعات السامية لوطنه. لقد أدرك منذ شبابه أن إيران تستحق مكاناً فوق الأرض، وفي أعماق السماء، وحتى وراء مدارات المجرات.

وفي عتمة ليالي الورشة والمختبرات الصامتة، كان هو وزملاؤه يقتربون من عالم أحلامهم وسط أصوات الانفجارات ورائحة النار والوقود. وبالنسبة لـ “حسن طهراني مقدم”، لم يكن هناك شيء مستحيل؛ لقد أراد أن تصل إيران إلى مكان لا ترتفع فيه أقمارها الصناعية من الأرض فحسب، بل يتألق فيه أيضًا اسم ومعرفة الشباب الإيراني خارج هذه الأرض. هذا الرجل الذي سلك دائما طريقا صعبا وسط الدخان والنار، وعلى وجهه ابتسامة دافئة، تم تسجيل اسمه بعنوان” أبو البرنامج الصاروخي الإيراني” في التاريخ وبقي مخلدا في الأذهان.

حسن طهراني مقدم وإيران الفضائية

على الرغم من أن الشهيد “حسن طهراني مقدم” معروف بأنه أبو البرنامج الصاروخي الإيراني، إلا أنه لا ينبغي أن ننسى دوره المحوري في صناعة الفضاء في البلاد. كان الشهيد “حسن طهراني مقدم” أحد أكثر الشخصيات المؤثرة في تطوير تكنولوجيا الصواريخ والفضاء في إيران، والذي لعب بجهوده المستمرة دورا مهما في تأسيس وتقدم برامج الصواريخ والفضاء في البلاد ومهد طريق إيران نحو الاستقلال التكنولوجي في مجال الأقمار الصناعية وحاملاتها.

ومنذ بداية أنشطة الشهيد “حسن طهراني مقدم” في العقود الأولى من الثورة الإسلامية، واجهت برامج الصواريخ والفضاء الإيرانية قيودا وعقبات خطيرة. ولذلك ركز في البداية على تطوير القدرات الدفاعية للبلاد، ووضع أساسا لمزيد من التطورات في هذا المجال من خلال تصميم وتطوير أنظمة صاروخية فعالة.

كان لديه فهم عميق لأهمية الحصول على تقنيات الدفاع والفضاء المتقدمة، مما أدى إلى توسع أنشطته تدريجياً نحو تقنيات الفضاء.

وكان أحد الإنجازات العظيمة التي حققها الشهيد “حسن طهراني مقدم” في هذا المجال هو الجهود المبذولة لتصميم وتطوير أنظمة الأقمار الصناعية، والتي من خلال تشكيل فرق متخصصة واستخدام المعرفة التقنية والشباب ذوي الخبرة، تمكنت من تحويل مشاريع الصواريخ إلى تقنيات تتعلق بإطلاق الأقمار الصناعية. وتمكن هو وفريقه من تصميم وتطوير أنظمة إطلاق الأقمار الصناعية المحلية، مما جعل من الممكن إرسال الأقمار الصناعية الإيرانية إلى مدار الأرض.

دور الشهيد “حسن طهراني مقدم” في استقلال إيران الفضائي

كان يعتقد الشهيد “حسن طهراني مقدم” أن استقلال تكنولوجيا الفضاء والوصول إلى المدارات المختلفة، بما في ذلك المدارات الأرضية المنخفضة (LEO) والمدارات الأعلى، أمر حيوي بالنسبة لإيران. ومن خلال إنشاء أنظمة أقمار صناعية محلية، تمكن من جعل إيران واحدة من الدول القليلة التي لديها القدرة على إطلاق أقمار صناعية إلى مدار الأرض.

وكانت من مشاريعه المهمة في هذا المجال هي حاملة الأقمار الصناعية “سفير” التي تمكنت من إرسال أول قمر صناعي إيراني اسمه “أميد” إلى مدار الأرض. ويعتبر هذا النجاح نقطة تحول في تاريخ صناعة الفضاء الإيرانية وأظهر قدرة إيران في مجال إطلاق الأقمار الصناعية.

لعب الشهيد “حسن طهراني مقدم” بالإضافة إلى تطوير تقنيات الصواريخ والفضاء، دورا مهما في خلق ثقافة الثقة بالنفس والاستقلال التكنولوجي؛ ولقد أكد دائمًا على تدريب القوى المتخصصة وتعزيز المعرفة المحلية ونظر إلى التطور العلمي والتكنولوجي للبلاد من منظور طويل المدى. ولذلك فهو معروف بأنه المعلم والقائد للعديد من العلماء والمتخصصين الإيرانيين، ولا يزال إرثه حياً في صناعة الفضاء والدفاع الإيرانية.

ولطالما حظي الشهيد “حسن طهراني مقدم” بالاحترام والتقدير في الأوساط العلمية والعسكرية الإيرانية بسبب أنشطته البارزة والمؤثرة في مجال الصواريخ والفضاء. ومن خلال جهوده الدؤوبة والتزامه بالمثل العليا للبلاد، جعل إيران على طريق أن تصبح قوة فضائية ومن ثم ضمن مستقبل صناعة الفضاء الإيرانية من خلال توفير البنية التحتية اللازمة.

حامل “قائم” للأقمار الصناعية، المشروع الأخير للشهيد “حسن طهراني مقدم”

وفيما يلي نستعرض بعضا من أنشطته في مجال الفضاء للبلاد:

تطوير محركات الوقود الصلب:

لعب الشهيد “حسن طهراني مقدم” دورًا رئيسيًا في إنتاج وتحسين محركات الوقود الصلب، مما مكن من بناء حاملات الأقمار الصناعية المحلية. وكانت هذه المحركات مهمة جدًا لحاملات الأقمار الصناعية والصواريخ الفضائية، ومنحت إيران القدرة على إطلاق الأقمار الصناعية إلى مدارات أعلى.

وباعتباره أحد المؤسسين الرئيسيين لتقنيات الصواريخ الإيرانية، فقد ركز على التطورات الرئيسية في إنتاج وتطوير محركات الوقود الصلب. ويعد هذا النوع من المحركات مهمًا جدًا في صناعة الصواريخ نظرًا لبساطة تصميمه وتكلفته المنخفضة وقدرته على التخزين على المدى الطويل.

لقد أدرك الشهيد “حسن طهراني مقدم” أهمية هذه التكنولوجيا منذ البداية وحاول بالتعاون مع فريق من المهندسين والمتخصصين الإيرانيين جعل إيران الإسلامية مكتفية ذاتيا في هذا المجال.

كان لمحركات الوقود الصلب تأثير كبير في تطوير حاملات الأقمار الصناعية نظرًا لإمكانية الوصول إلى سرعات أعلى وتحكم أفضل واستخدامها في بيئات مختلفة. ومن خلال دعمه لهذه التكنولوجيا، قدم الشهيد “حسن طهراني مقدم” الأسس اللازمة لبناء حاملات الأقمار الصناعية المحلية وتعزيز قوة إيران الفضائية.

إنشاء أنظمة الأقمار الصناعية:

يُعرف الشهيد “حسن طهراني مقدم” بأنه المهندس الرئيسي ومؤسس مشاريع الأقمار الصناعية في إيران. وقام مباشرة بتوجيه مشاريع بناء منصات إطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية، وساعد المهندسين والفرق الفنية على تصميم أنظمة عالية الأداء قادرة على إطلاق الأقمار الصناعية في مدارات مختلفة.

إطلاق مركز أبحاث الفضاء:

شارك الشهيد “حسن طهراني مقدم” في إنشاء مراكز أبحاث وتطوير تقنيات الفضاء. وساعدت هذه المراكز في تشكيل البنية التحتية اللازمة للبحث والاختبار وتطوير تقنيات الأقمار الصناعية.

تعليم وتدريب القوى البشرية:

كان أولى الشهيد “حسن طهراني مقدم” أهمية كبيرة لتدريب القوى العاملة المتخصصة، ومن خلال تدريب الشباب والمتخصصين، أصبح مؤسس مجموعة من مهندسي وعلماء الفضاء الإيرانيين الذين تمكنوا من إكمال مشاريع الفضاء بشكل مستقل.

تطوير مشاريع أجهزة استقبال الأقمار الصناعية في القائم والسفير والسيمرغ:

لعب الشهيد “حسن طهراني مقدم” دورا رئيسيا في تصميم وتطوير حاملات الأقمار الصناعية المهمة مثل “قائم”، سفير وسيمرغ. وسمحت هذه الحاملات للأقمار الصناعية لإيران بالوصول إلى الفضاء ووضع الأقمار الصناعية الإيرانية في مدارات مختلفة، وتعتبر نقطة تحول في تاريخ الفضاء الإيراني.

وكان الأب الصاروخي الإيراني في مشروعها الأخير يقوم بإعداد حاملة أقمار صناعية عمودية تعمل بالوقود الصلب مكونة من أربع مراحل.

الطريق الذي يستمر

وبهذه الإجراءات، تمكن الشهيد “حسن طهراني مقدم” من إرساء أساس متين لصناعة الفضاء والأقمار الصناعية في إيران ولعب دورا فعالا في تقدم توطين تكنولوجيات الفضاء.

وبعد استشهاده، تستمر برامج الفضاء الإيرانية، وتماشيًا مع رغباته وإنجازاته، يواصل العلماء والباحثون الإيرانيون جهودهم لتطوير تقنيات الفضاء وتحقيق مدارات أعلى.

واستمرارا لهذا المسار، تألق الباحثون الإيرانيون، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص، ووصل عدد عمليات الإطلاق في إيران منذ عام 2021م حتى الآن إلى 14 إطلاقًا ناجحا، والتي تشمل أقمار الاتصالات، والاستطلاع، والأقمار الصناعية الأخرى..

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل