شرح الفيلسوف المصري والمفكر والباحث الإسلامي “الشيخ الدكتور أيمن عبدالخالق المصري” أهم محطات نشأة الفلسفة الإسلامية منذ العصر الإغريقي ثم نشأتها الأولى على يد الفارابي وتطورها فيما بعد.
وأشار إلى ذلك، الباحث والكاتب والفيلسوف المصري ورئيس ومؤسس أكاديمية الحكمة العقلية في مدينة “قم المقدسة”، “الشيخ الدكتور أيمن عبدالخالق المصري” في حديث خاص له مع وكالة “إكنا” للأنباء القرآنية الدولية.
وفي معرض ردّه على سؤال ما هي الفلسفة وكيف بدأت وتطورت في الحقبة اليونانية؟ قال الدكتور أيمن المصري إن “الفلسفة بالمعنى اللغوي تعني(حبُّ الحكمة) وكانت تعادل في البداية العلم والفيلسوف هو العالم”.
وأضاف: “ثم تطورت هذه الفلسفة بالتدريج بين الفلسفة الطبيعية قبل سقراط ثم الفلسفة الأخلاقية على يد سقراط ثم الفلسفة الميتافيزيقية على يد أفلاطون إلى أن جاء المعلم الأول أرسطوطاليس الذي وضع علم المنطق وقسّم العلوم إلى الفلسفة النظرية وإلى الفلسفة العملية أو الحكمة النظرية والحكمة العملية”.
وفي معرض إشارته الى كيفية إنتقال الفلسفة اليونانية إلى العالم الإسلامي؟ قال رئيس أكاديمية الحكمة العقلية في قم المقدسة: “بعد غزو روما إلى أثينا وسقوط المملكة المقدونية اليونانية بدأ العالم يدخل في المرحلة التي تسمى المرحلة الهلينيستية التي بدأت في الإسكندرية واستمرت من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السادس بعد الميلاد يعني حوالي ألف سنة تقريباً”.
وقال إن هذه الفلسفة خلطت الفلسفة العقلية التي أسسّ لها المعلم الأول أرسطو، خلطتها بالأديان الشرقية من البوذية والمانوية والديانة الأورفية اليونانية والزرادشتية وأيضاً مع التعاليم الهرمسية في مصر وبالتالي خلطت الفلسفة القائمة على البرهان العقلي المحض بالأديان الشرقية والعرفان الصوفي”.
وأوضح: “ثم بعد ذلك عندما ظهرت الأديان الإبراهيمية دخلتها اليهودية ثم المسيحية ثم بعد ذلك انتقلت إلى العالم الإسلامي عن طريق الإسكندرية عندما فرّ الفلاسفة اليونانيون من الإسكندرية إلى أنطاكيا وحرّان ثم انتقلت بعد ذلك إلى بغداد وكانت البداية لـ أبي نصر الفارابي(المعلم الثاني) الذي تلقى هذه الفلسفة اليونانية المخلوطة بالفلسفة الأفلاطونية الحديثة التي جاءت من الإسكندرية وهي مختلطة بالأديان الشرقية والعرفان وبدأ الفارابي أولاً ثم إبن سينا ثانياً يعملون على تبيء هذه الفلسفة اليونانية المعدلة التي جاءت من الإسكندرية بما يتناسب مع الدين الإسلامي المبين الذي كان هو الحاكم في العالم العربي في هذا الزمان”.
وفي معرض إشارته الى موقف العلماء المسلمين بعد دخول الفلسفة اليونانية من الإسكندرية إلى العالم الإسلامي؟ قال الشيخ الدكتور أيمن المصري إنه انقسمت الأمة الإسلامية إلى الفرقتين؛ الفرقة الأولى: تبنت هذه الفلسفة واستقبلتها بقبول حسن وقامت بتطويرها وانطلاقاً من النصوص الدينية الإسلامية واستعملتها للدفاع عن العقائد الإسلامية ويمثّل هذا الفريق الكندي والفارابي وابن سينا والطوسي والميرداماد، والملا صدرا.
وأضاف أن “الفرقة الثانية إتخذت موقفاً سلبياً واعتبرت هذا من الغزو الثقافي للأمة الإسلامية وبمنطق يوناني يخالف المنطق العربي والإسلامي وهذا الاتجاه أيضاً انقسم إلى القسمين؛ الأول: قسم إنبرى للدفاع للاستفادة من المنطق الأرسطي والدفاع عن العقائد الإسلامية والهجوم على الفلسفة اليونانية، هؤلاء هم ما يسمون بالمتكلمين وفي بدايتهم الجويني والغزالي ثمّ بعد ذلك الفخر الرازي وسعدالدين التفتازاني، والشهرستاني وإن كان المتكلمون الشيعة أخذوا موقفاً أقلّ سلبية من الاتجاه العام للأمة الإسلامية وأخذوا موقفاً متحفظاً ولم يهاجموا الفلاسفة الإسلاميين”.
وقال إن “الاتجاه الثاني المخالف للفلسفة الإسلامية هو الاتجاه الإخباري الحنبلي الذي أخذ موقفاً سلبياً معادياً جداً واستعمل سلاح التكفير والتحريم ضد الفلسفة والفلاسفة الإسلاميين عندما اعتبر هذا نوع من الكفر والزندقة التي تخالف النصوص الإسلامية بوضوح وظلّ هذا الاتجاهان(الاتجاه الكلامي والاتجاه الاخباري الحنبلي) يعملان معاً ضد الفلسفة الاسلامية”.