إن الإمام أمير المؤمنين (ع) يحذِّرُ في جوهرته الكريمة من اتخاذ الدين لهواً ولعباً، لما للاستهانة بالدين من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، ويدعونا في الوقت عينه إلى احترام قدسية الدين في الفكر والعمل.
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “مَنِ اتَّخَذَ دينَ اللّهِ لَهْواً وَلَعِباً أَدْخَلَهُ اللّهُ النّارَ مُخلَّداً فيها”.
ويحدِّر الإمام أمير المؤمنين (ع) تحذيراً شديداً من التعامل مع الدين بأسلوب غير جاد أو باستخدامه كوسيلة للعبث واللهو والسخرية والاستهزاء، أو التلاعب بمبادئه وشريعته، أو جعله وسيلة لتحقيق مصالح شخصية وأغراض دنيوية، مثل استخدامه لتحقيق مكاسب سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو التعامل مع العبادات والواجبات الدينية كأنها “طقوس” يؤديها ولا يلتزم بجوهرها، أو الابتداع في الدين ونسبة ما ليس منه إليه، أو التأويل الخاطيء أو المُتَعَمَّد لآيات القرآن الكريم والنصوص الدينية الشريفة، أو تحريفهما، أو التشكيك في الثوابت الدينية التي يُطلَق عليها مصطلح (ضروريات الدين) كالتشكيك في جود الله، أو عدله، أو رحمته، أو حكمته، أو التشكيك في نبوة النبي الأكرم محمد (ص)، أو نفي نُبوَّة نبي من الأنبياء الذين ذكرهم القرآن الكريم، أو التشكيك في وجوب الصلاة والزكاة والحج، أو تبنِّي أفكار إلحادية، أو المجاهرة بالمعاصي، أو الاستهانة بحُرُمات الله، أو إظهار الإيمان وإبطان الكفر (النفاق) أو التلاعب بالأحكام الشرعية والتحايل عليها، أو سوى ذلك من التصرفات.
إن الذي لا يجعل لدينه وقاره واحترامه باتخاذه قاعدة حياته اعتقاداً وعبادة، وخُلُقاً وسلوكاً، إنما يتَّخِذ دينَه لَعِباً ولَهواً، والذي يتحدث عن مبادئ الدين الإسلامي وشريعته حديث الاستهزاء.
والذي يتحدث عن الحياء والعفة بوصفها من أخلاق المجتمعات المتخلِّفة، والذي يتحدث عن أحكام الحياة الزوجية المقررة في الإسلام حديث إنكار أو استنكار، والذي يصف الضمانات التي جعلها الله للمرأة لتحفظ عفتها بأنها أغلال، أولئك جميعاً يتخذون دينهم لَعِباً ولَهْواً.
ويصوغ الإمام علي (ع) من ذلك حتمية تربط بين هذا النوع من التعامل مع الدين وبين العاقبة الوخيمة وهي الخلود في النار، ناهيك عن النتائج السلبية الخطيرة التي تترتب على هذا التعامل مع الدين في الدنيا، والتي من أبرزها الانحراف، والفوضى، وسيادة الظلم في المجتمع، وفقدان الثقة بالدين، وانعدام الاحترام له.
أما الأسباب التي تؤدي بالإنسان إلى اتخاذ الدين لهواً ولعباً فكثيرة لكن أهمها: الجهل بالدين، وضَعف الإيمان به، وتلقيه كموروث لا كعقيدة يدرسها الشخص ويتعمَّق فيها ويفهمها، والتأثُّر بالشُبُهات، واتباع الشهوات، وارتكاب الذنوب، والتأثُّر بالبيئة الفاسدة، أو الاعلام الفاسد الذي يُرَوِّج للسخرية بالدين، وتفضيل المصلحة الشخصية عندما تتعارض مع قيم الدين وشريعته.
خلاصة القول: إن الإمام أمير المؤمنين (ع) يحذِّرُ في جوهرته الكريمة من اتخاذ الدين لهواً ولعباً، لما للاستهانة بالدين من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، ويدعونا في الوقت عينه إلى احترام قدسية الدين في الفكر والعمل، والالتزام بتعاليم الإسلام بجدية وإخلاص، مِمّا يؤدي إلى بناء الفرد والمجتمع المتوازنين روحياً ودنيوياً.