الطريق المشرف للروحانية يمتلك قابلية للاستمرار والانتشار عالميًا

الطريق المشرف للروحانية يمتلك قابلية للاستمرار والانتشار عالميًا

قال أمين المجلس الأعلى للحوزات العلمية: ينبغي على جميع الطلبة الالتزام بآداب طلب العلم، ولكن من يرتدي الزي الديني يجب أن يكون أكثر التزامًا. كان الإمام الخميني (ره) يوضح أن من خصائص الطلبة أن أي تصرف يصدر عن أحدهم يُعزى إلى الجميع، بينما في المهن الأخرى، مثل مهنة الطب، لا يُنظر إلى الأمر بنفس الطريقة.

بحسب تقرير مراسل وكالة حوزه، صرح آية الله شب زنده دار خلال مراسم ارتداء العمامة لطلاب معهد الفقه و العلوم الإسلامية العالي، مهنئًا بمناسبة عيد المبعث: في مثل هذه المناسبات التي تُتاح فيها فرصة وضع تاج الفخر على رؤوس الأعزاء الذين يرتدون العمامة و ينضمون رسميًا إلى معسكر صاحب الزمان (عج)، أحرص على ذكر قصتين موثوقتين تحملان رسائل مهمة للفضلاء والطلاب.

القصة الأولى قال: نقل والدنا المرحوم عن العلّامة الطباطبائي أنه عندما ذهب إلى النجف لإكمال دراسته، كان يعيل نفسه من عائدات الأراضي التي كان يملكها في تبريز. في ذلك الوقت، لم يكن المراجع يقدمون رواتب شهرية منتظمة. و ذات مرة، واجه ضائقة مالية شديدة لدرجة أنه لم يعد يستطيع الاستدانة. و في أحد الأيام، و بينما كان في حالة من القلق العميق، سمع صوت طرق على الباب، و عندما فتحه وجد رجلاً يقول: أنا حسين ولي الله تعالى يقول لك: منذ ۱۸ عامًا، متى تركتك لوحدك حتى تقلق هكذا الآن؟’ وقد كان هذا الرجل قد توفي قبل أكثر من ۵۰۰ عام. وعندما فكر في كلامه، أدرك أن الـ۱۸ عامًا تشير إلى الفترة منذ أن أصبح معمّمًا

و أضاف: أحيانًا تكون الأزمات و التحديات الطافًا خفية من الله لتزكية الإنسان، و قد تبدو المصاعب كأنها نقمة، لكنها في باطنها تحمل لطفًا و بركة. عندما توفي ابن الإمام الخميني (ره)، قال الإمام إن ذلك من الطاف الله الخفية، و بالفعل كان الأمر كذلك، حيث أصبحت وفاته مقدمة للثورة الإسلامية.

القصة الثانية

و تابع: القصة الثانية تتعلق بأحد الفضلاء الذي كان يعمل في قرية بين ماهان و كرمان. قال إنه كان يشعر بالتعب وقرر تغيير مكان تبليغه. و كان لديه عادة الاستماع إلى الراديو بعد الغداء، و أحيانًا كان يغفو أثناء ذلك. و ذات يوم جاءه أحد المصلين برسالة قائلاً إن رجلاً في المسجد طلب منه أن يخبرك بألا تغير مكان تبليغك. مع أن أحدًا لم يكن يعلم بنيته. كما قال له: لا تضع الراديو تحت عمامتنا؛ هذه العمامة مخصصة لصاحب الزمان، و هي لباس منسوب إليه و يجب احترامه. و أشار آية الله شب زنده دار إلى أن جميع الطلاب يجب أن يلتزموا بهذه الآداب، لكن من يرتدي هذا الزي يجب أن يكون أكثر حذرًا. و قال: الإمام الخميني (ره) كان يؤكد أن سلوك أي طالب يُحسب على الجميع. على سبيل المثال، عندما علم الإمام أن أحد الطلاب في مدرسة خان أطلق كلامًا غير لائق، أمر الإمام بمغادرته لقم، و قال: ‘تصرف غير لائق من طالب واحد يُحسب على الجميع ويضر بمكانة الروحانية.

الحفاظ على هوية الروحانية

و أضاف: لا يُناسب الطلاب أن يعيشوا حياة مزدوجة؛ فعندما ترتدي العمامة، يجب أن تكون دائمًا في زيك الديني. لا يجوز أن تكون أحيانًا معمّمًا وأحيانًا ترتدي زيًا آخر. والدنا المرحوم كان يولي حرمة الروحانية أهمية كبيرة. على سبيل المثال، عندما قرر السفر إلى العتبات المقدسة، طلبوا منه صورة لجواز السفر بدون عمامة، لكنه رفض وقال: ‘لن أخرج من زي طلب العلم’، وأصر على أخذ صورة بالعمامة

أشار إلى الآية ۱۶۴ من سورة آل عمران: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، و قال: “الله تعالى يقسم في هذه الآية أنه قد منح المؤمنين نعمة عظيمة لا تُقدر بثمن، و هي (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ). هذه رسالة عظيمة تُظهر مدى كرامة بعثة النبي الأكرم (ص) للمؤمنين.

آية الله شب زنده دار: النبي الأعظم (ص) كان مكلفاً بأربع مهام عظيمة صرّح آية الله شب زنده دار بأن النبي الأكرم (ص) وفقاً لهذه الآية كان مكلفاً بأربع مهام مهمة، و قال: أول مهمة هي (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ)، أي أن يتلو آيات الله على الناس و ينقلها إلى العالمين. هذه هي الخطوة الأولى، و من واجب العلماء و الأنبياء نشر آيات الله. تلاوة الآيات حتى من دون فهم معانيها لها تأثيرات، فهي تعكس الفصاحة و البلاغة والإعجاز الأبدي، ولذلك تُعدّ هذه المهمة ذات أهمية كبيرة.

و أضاف: المهمة الثانية هي (وَيُزَكِّيهِمْ)، أي أن النبي الأعظم (ص) كان يقوم بتزكية الناس. هناك فرق بين الإرشاد إلى طريق التزكية و بين القيام بعملية التزكية نفسها. الآية لا تقول إن النبي (ص) يُرشد الناس إلى الطريق، بل تُصرح بأنه يزكيهم فعلاً؛ أي أنه بأسلوبه وكلامه وسلوكه يزرع التزكية في قلوب ونفوس مخاطبيه.

وأشار أمين المجلس الأعلى للحوزات العلمية إلى أن ورثة الأنبياء يجب أن يكون سلوكهم و أفعالهم و تصرفاتهم سبباً في تزكية المجتمع. و أكد أن العلماء و طلاب الحوزات و المشايخ يجب أن يتحملوا مسؤولية تزكية المجتمع بكافة فئاته.

و أوضح أن المهمة الثالثة هي (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)، و قال: تعليم كتاب الله هو من مهام النبي الأعظم (ص). لم يكن يكتفي بتلاوة كتاب الله، بل كان يعلّم الناس حقائق الكتاب ويفسر لهم محتواه.

و تابع آية الله شب زنده دار: واجبنا في الاقتداء بالنبي (ص) هو أن نسعى في تعليم كتاب الله و شرح معانيه العظيمة، و أن نهيئ الظروف لذلك في الحوزات العلمية. الحكمة تعني المعارف الأخلاقية و الشرعية، و قد كان النبي (ص) يعلّم هذه المعارف للناس.

و أكد أن الحوزات العلمية يجب أن تعمل على تحقيق هذه المهام الأربع، و أضاف: لقد خطى العلماء منذ القدم خطوات في هذا الطريق، و إن شاء الله، يجب أن يستمر هذا النهج.

و تابع قائلاً: يقول الله تعالى في تتمة الآية: (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، أي أن المجتمع آنذاك كان يعيش في ضلال واضح، لدرجة أنهم كانوا ينسبون البنات إلى الله، لكن إذا بُشر أحدهم بمولودة أنثى، كان وجهه يسودّ من الغضب: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)

و أشار عضو مجلس خبراء القيادة إلى أن القرآن و الإسلام و البعثة النبوية لديهم القدرة العظيمة على رفع مجتمع متدهور كهذا من أدنى درجات الانحطاط إلى أعلى مراتب العظمة. وقال: يمكن لهذه الرسالة أن تربي شخصيات عظيمة مثل سلمان الفارسي، و أبوذر الغفاري، و مالك الأشتر. هذه الآيات توجه رسالة إلى الحوزويين و العلماء بأن الإسلام يمتلك هذه القدرة العظيمة، و أن الاقتداء بالنبي الأكرم والسير على خطاه يمكن أن يصلح المجتمع، و يربط القلوب بالروحانية، وينقل الإنسان من حضيض الذل إلى ذروة العظمة والعزة.

و أكد آية الله شب زنده دار أن الاستفادة من هذه القدرة العظيمة مشروطة بالاقتداء الحقيقي بالنبي (ص)، والسير على نهجه في السلوك والعمل الشخصي والعلمي والجهاد التبييني.

و أضاف: في زمن كان الجميع يائسين و لم يتصور أحد أن بإمكانه تغيير المجتمع، جاء طالب علم متواضع، تقي، متوكل على الله و مستلهم من القرآن، ليطيح بحكومة ملكية استمرت ۲۵۰۰ عام. لقد حقق هذا الإنجاز العظيم بالتمسك بهذه المهام الأربع، و أهدى هذا النجاح للمجتمع المؤمن.

و اختتم بالقول: إن هذا الطريق المشرّف يمكن أن يستمر ويتوسع ليشمل العالم بأسره. هذه الرسالة لديها القدرة على أن تصل إلى كل إنسان على وجه الأرض، خاصة أولئك الذين أنهكتهم الظلم الذي فرضه المستبدون عليهم. يمكن لهذه البلاد أن تكون مركزاً للتوعية والاستعداد لظهور الإمام المهدي (عج)

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل