هاجر المولى محمد صالح المازندراني إلى أصفهان، حيث واجه الفقر والتحديات في طلب العلم، لكن إصراره غير العادي قاده إلى ابتكار حل غريب ليستمر في دراسته، ليكون مثالًا يُحتذى به في التغلب على الصعاب.
في رحلة طلب العلم، تبرز قصصٌ تُلهم الأجيال بتحدي الظروف وتحويل العقبات إلى سُلم للنجاح. ومن هذه القصص الملهمة، تجربة المولى محمد صالح المازندراني، الذي بدأ تعليمه متأخرًا وعانى من الفقر المدقع، لكنه لم يستسلم، بل وجد طريقة غير تقليدية لمواصلة تحصيله العلمي، ليكون شاهدًا حيًا على أن الإرادة تصنع المستحيل.
حكايةُ طالبٍ لم يتركْ للفقرِ أن يسرقَ حلمَه
هاجر المولى محمد صالح المازندراني إلى أصبهان [أصفهان]، ودخل مدرسة تعطي لطلابها رواتب حسب درجاتهم ومراتبهم في العلم والتحصيل، وكان راتبه أدنى الرواتب كلّها لا يكاد يفي بالضرورة لمأكله، لأنه كان لا يزال مبتدئاً، وكان لا بد له كغيره من الطلاب أن يراجع دروسه في الليل، كي يتهيّأ لتفهمها من الأستاذ في اليوم التالي، ولكن أنّى له بالمصباح وثمن الزيت.. وأخيراً وجد الحل، فقد كان للمدرسة بيوت خلاء تضاء في الليل، فكان يذهب إليها، ويقرأ في الكتاب على ضوئها، وهو واقف على قدميه الساعات الطوال، وبقي على ذلك أمداً طويلاً، حتى تقدّم في العلم، وزاد راتبه بحيث استطاع أن يقتطع منه ثمن الضياء. وكان يقول: أنا حجّة الله على كل طالب.. فإن احتجّ الطالب لكسله وعدم نجاحه بالفقر فلا أحد أفقر مني، وقد مضى عليّ أمد غير قصير، وأنا لا أقدر على ضوء غير ضوء الخلاء، وإن تذرّع بوقوف الذهن، فلا أحد أسوأ مني ذهناً، أما كبر السن فقد ابتدأت بتعلّم حروف الهجاء بعد الثلاثين من عمري، وقد بذلت كل مجهود، حتى منَّ الله عليّ بما قسمه لي من المعرفة.