القناعة/آية الله عزيز الله خوشوقت

تعتبر القناعة -بمعنى الاكتفاء بالقدر اللازم من شؤون المعيشة- مسألة أساسيّة وجذرية.

فالإنسان يستطيع أن يرتّب حياته بطرق شتّى، ولكلِّ واحدٍ أسلوبه في العيش. وكلّما اقتصر المرء على مقدار حاجته، وجعل القناعة ميزانًا لسلوكه، قلَّت العثرات التي يتعرّض لها في مسيره، وابتعد عن كثير من الذنوب.

أمّا إذا لم يعرف حدّ الكفاية، وظلّ يلهث وراء المزيد، فسيفتح على نفسه أبوابًا غير نقيّة في طلب الرزق، ويُجرّ نفسه –لأجل الإنفاق الزائد– إلى طرقٍ تُضعف النّفس وتبعده عن الصراط المستقيم.

ولهذا كانت القناعة من جهةٍ عمليةٍ سياجًا واقيًا أمام الوساوس والانحرافات.

وتتأكّد هذه الخصوصية في حقّ المسلمين عمومًا، وفي حقّ الشيعة خصوصًا، وتبلغ ذروتها عند طلبة العلوم الدينية؛ إذ القناعة لهم ضرورة من ضرورات المعاش ومن أسس السلوك الحوزوي.

فإن لم يتحلَّ الطالب بالقناعة، جرّه الشيطان إلى التفكير في الدّخل وطلب الراحة، وصرفه عن طريق التبليغ والروحانيّة، فينشغل بالدنيا ومادّيّاتها بدل أن يعرّف الناس بربّهم ودينهم.

إنّ هدفنا ينبغي أن يكون: أن نُعرِّف الناس بالله وبالدين على قدر طاقتنا الوجوديّة، سواءً أكان ذلك لشخصٍ واحد، أم عشرة، أو غير ذلك. والطريق إلى ذلك هو القناعة؛ فمن يتطلّع إلى الزيادة والإنفاق الواسع لن يبلغ باب التبليغ، وسيُخرجه الشيطان عن هذا المسار.

ولهذا تُعدّ القناعة من أهمّ الأمور في حياتنا الفرديّة والاجتماعية. وقد أكّد الإمام الصادق (عليه السلام) على القناعة؛ لأنّها الطريق الذي يحفظ الإنسان من الانجرار إلى صرفٍ غير محسوب، وما يجرّ إليه من مكائد الشيطان ومصائده.

للمشاركة:

روابط ذات صلة

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل