السؤال:
بلغت ابنتُنا سنَّ التكليف منذ بضعة أشهر، لكنها تنام كثيراً في فترات ما بعد الظهر، ويطول نومُها. فنواجه صعوبة في إيقاظها لأداء صلاتَي المغرب والعشاء، وكذلك لصلاة الفجر؛ وأحياناً ندخل في نقاشات وخلافات معها كي تستيقظ للصلاة. ماذا ينبغي لنا أن نفعل؟
الجواب:
في هذه المسألة نواجه قضيتين اثنتين:
القضية الأولى: إدارة النوم.
القضية الثانية: أسلوب تعاملنا مع هذا الابن/الابنة.
أمّا بالنسبة لإدارة النوم، فلدينا ما يُسمّى بالقيلولة. والقيلولة ليست مناسبة للجميع؛ فليس من المنطقي أن أستيقظ عند الساعة الحادية عشرة صباحاً ثم يضيف إلى ذلك أيضاً قيلولة تمتد ساعتين بعد الظهر، فهذا غير صحيح.
فالشخص الذي يستيقظ مبكراً ويقوم بنشاط وحركة خلال النهار، يمكنه أن يستفيد من قيلولة قصيرة. لكن هذه القيلولة لا ينبغي أن تكون طويلة؛ فالمقدار المناسب ـ كما ذُكر في الدراسات والخبرة العملية ـ هو نحو ثلاثين إلى أربعين دقيقة.
أمّا إذا امتدّ نوم ما بعد الظهر إلى ساعة، ساعة ونصف، أو حتى ساعتين، فهنا تظهر مشكلتان:
المشكلة الأولى: أنّ النوم الطويل بعد الظهر يجعل الإنسان مضطرب المزاج وبلا حيوية؛ وكلّنا جرّبنا ذلك: حين ننام طويلاً بعد الظهر نشعر بالضيق والكسل.
المشكلة الثانية: أنّ النوم الطويل بعد الظهر يجعل النوم الليلي صعباً؛ فالإنسان يذهب إلى السرير، لكن مهما حاول لا يستطيع أن ينام بسهولة، فيتأخر نومه إلى ساعات متأخرة من الليل، وهذا يربك النظام الطبيعي للنوم كلّه.
النقطة التالية تتعلق بنوم الليل. فكما يقول المختصّون، إنّ تأثير النوم قبل منتصف الليل يفوق بكثير تأثير النوم بعد منتصف الليل.
وللأسف، من المشكلات الشائعة في مجتمعنا اليوم السهر المفرط. فعلى الأغلب، حتى لو حاولنا النوم مبكراً، نجد أنفسنا لا ننام قبل الساعة الثانية عشرة أو الثانية عشرة والنصف، وأحياناً ما هو أبعد من ذلك؛ مع أنّ الأمر لا ينبغي أن يكون على هذا النحو. فالحدّ الأقصى هو أن نعوّد طفلَنا على النوم في حدود الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف مساءً.
وهنا تبرز نقطة مهمّة جداً، وهي: ما هو نمط نومنا نحن الوالدين؟ ففي النهاية، الطفل يتعلّم من سلوكنا. فإذا كنتُ أنا ـ كأب أو كأم ـ أسهر إلى منتصف الليل أو بعده، حتى الثانية عشرة أو الواحدة ليلاً، منشغلاً بالهاتف أو بمشاهدة التلفاز، فمن الطبيعي جداً أن يفقد الطفل قناعته بأنّ النوم المبكر مفيد وصحّي. سيقول في نفسه: إن كان النوم المبكر جيداً، فلماذا لا يفعله والدَيَّ؟
وهذه ملاحظة أساسية لا ينبغي إغفالها.
أمّا فيما يتعلق بأسلوب تعاملنا مع الابن/الابنة، فينبغي أن ننتبه إلى أنّ الهدف من تعليم الصلاة ليس أن ندخل في صراع يومي مع طفلنا، ولا أن نضربه أو نتشاجر معه من أجل أن يصلّي.
فنحن مأمورون بالأمر بالصلاة، أي بالحثّ عليها والتوصية المستمرة بها. وقد يحدث أحياناً أن يفقد الإنسان صبره، لكن هذا لا ينبغي أن يتحوّل إلى نمط ثابت؛ فلا يصحّ أن أتشاجر مع طفلي عند كلّ صلاة، أو أن أرفع صوتي عليه، أو ـ لا سمح الله ـ أن ألجأ إلى الضرب. فذلك كلّه يؤدّي بمرور الوقت إلى نتائج عكسية ويُنفّر الطفل من الصلاة. ولذلك، لا بدّ من اعتماد أساليب أخرى.
أوّل ما ينبغي فعله هو تهيئة الظروف المناسبة. والمسائل العقدية لها مجالها الخاص، أمّا في موضوع الاستيقاظ للصلاة، فالمهم هو رفع مستوى الدافعية لدى الطفل. فمثلاً فيما يتعلق بنوم بعد الظهر، من المفيد أن يعرف الطفل أنه بعد نصف ساعة أو أربعين دقيقة من النوم سيكون بانتظاره شيء يحبه: كوب شاي، قطعة كعك، بسكويت… هذه الأمور الصغيرة تمنحه دافعاً للاستيقاظ بسرعة.
وفيما يخصّ صلاة الفجر، ينبغي أن يكون الإيقاظ بأسلوب لطيف، وأن نتجنّب الدخول في صراع، لأنّ الضغط الزائد قد يولّد أثراً عكسياً.
وفي هذه المرحلة العمرية، فإن للتشجيع دورا كبيرا جداً. بمعنى أن يعرف الطفل أنه إن استيقظ للصلاة بانتظام، فستكون هناك مكافأة أو هدية أو شيء يفرحه. وهذا مؤثر للغاية، لأنّ الطفل ليس معارضاً للصلاة، ولا رافضاً لها، بل إنّ ما يزعجه حقيقة هو ثِقَل الاستيقاظ من النوم، وهو أمر نشترك فيه جميعاً.
لذلك يجب تكوين العادة لديه. وكيف يتم ذلك؟ من خلال فترة مؤقتة من التعزيز الإيجابي: هدايا، مكافآت، أو تشجيعات بين حين وآخر (لا بصورة يومية بحيث يتوقع الطفل جائزة كل يوم). ومع مرور الوقت، حين ينام الطفل في الوقت المناسب ويستيقظ في الوقت المناسب، ستترسخ لديه عادة الاستيقاظ بسهولة، وسيساعده ذلك كثيراً.