قم – وكالة الحوزة: دعا المرجع الديني آية الله العظمى جعفر سبحاني المعتكفين إلى اغتنام أيام الاعتكاف للدعاء من أجل إنقاذ المسلمين من الظروف الصعبة التي يمرّون بها، مؤكدًا أن ما يشهده العالم الإسلامي اليوم يُعدّ من الأحداث النادرة في تاريخ الأمة، وأن حالة الغفلة العالمية تجاه هذه المآسي تُضاعف مسؤولية الدعاء والتوسل ويقظة الأمة الإسلامية.
جاء ذلك خلال لقائه بأعضاء المجلس العلمي ورئيس المقرّ المركزي للاعتكاف، حيث ثمّن الجهود المبذولة في نشر وتعزيز هذه الشعيرة الروحية، مشددًا على الدور الجوهري للمعنوية في حقيقة وجود الإنسان.المعنوية جزء أصيل من هوية الإنسان.
وأوضح آية الله سبحاني أن جانبًا مهمًا من إنسانية الإنسان مرتبط بالمعنوية، وأن سلب المعنوية منه يؤدي إلى إضعاف حقيقته الإنسانية. وأضاف أن التوجّه إلى الله والالتفات إلى العالم العلوي أمر فطري متجذّر في ذات الإنسان، وأن الزعم بوجود تعارض بين اللهمحورية والهوية الإنسانية هو فهم خاطئ لحقيقة الفطرة الإلهية.
الاعتكاف طريق العودة إلى الفطرة
وأشار سماحته إلى مكانة العبادات الإسلامية في توجيه الإنسان نحو المعنوية، مبينًا أن الاعتكاف يُعدّ من أهم العبادات التي تذكّر الإنسان بالعالم العلوي، إذ يتيح له ـ عبر الانقطاع عن مشاغل الحياة اليومية والمادية ـ فرصة العودة إلى الله وفطرته وداخله الروحي.
ولفت إلى عظمة هذه العبادة، مذكّرًا بأن النبي الأكرم (ص) لمّا لم يتمكّن من الاعتكاف في عام بسبب غزوة أُحد، عوّض ذلك في العام التالي باعتكاف دام عشرين يومًا، كما نُقلت في الروايات مدد مختلفة لاعتكافه الشريف.
المعنوية حلّ لأزمات الإنسان المعاصر
وفي حديثه عن واقع العالم اليوم، أشار آية الله سبحاني إلى هيمنة النظرة المادية على حياة البشر، مؤكدًا أن توجيه الناس نحو المعنوية بأساليب صحيحة وعقلانية كفيل بحلّ الكثير من المشكلات الفردية والاجتماعية، وجعل الحياة أكثر طمأنينة، والحدّ من نيران الحروب والنزعات الأنانية.
التأكيد على الأحكام الشرعية للاعتكاف
كما تطرّق المرجع الديني إلى بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالاعتكاف، مشددًا على ضرورة الالتزام بحرمة البيع والشراء خلال أيام الاعتكاف، ومشيرًا إلى أن المدن الكبرى كمدينة قم تتوفر فيها الإمكانات اللازمة للمعتكفين، في حين تتطلب المناطق الأقل كثافة سكانية عناية أكبر في مراعاة الأحكام الشرعية.
تعزيز المحتوى الروحي للاعتكاف
وأكد سماحته على أهمية تعميق البعد الروحي للاعتكاف، داعيًا إلى تخصيص واعظَين يوميًا، أحدهما في الفترة الصباحية والآخر في المساء أو الليل، لطرح القضايا الروحية والأخلاقية بشكل مركّز، موضحًا أن المعنوية تشكّل أساس هوية الإنسان، وأن الابتعاد عنها يؤدي إلى إضعاف إنسانيته.
الدعاء للمسلمين ووحدة الأمة
وفي ختام حديثه، دعا آية الله العظمى سبحاني المعتكفين إلى الدعاء من أجل إنقاذ المسلمين من الظروف الراهنة، وتعزيز وحدة الأمة الإسلامية ورفع الظلم عنها، مؤكدًا أن ما يمرّ به المسلمون اليوم يُعدّ غير مسبوق تاريخيًا، وأن تجاهل العالم لهذه المآسي يزيد من مسؤولية الدعاء والتوسل ويقظة الأمة.
واختتم سماحته بتمنياته بالتوفيق للقائمين على شؤون الاعتكاف، معربًا عن أمله في أن تسهم هذه الحركة الروحية في تعزيز الإيمان والأخلاق والوحدة داخل المجتمع الإسلامي.