لقاء أساتذة ومفسّري القرآن مع آية الله أعرافي: مرجعية القرآن في العلوم الإنسانية شرطٌ لبناء الحضارة

لقاء أساتذة ومفسّري القرآن مع آية الله أعرافي: مرجعية القرآن في العلوم الإنسانية شرطٌ لبناء الحضارة

عُقدت الجلسة السابعة للعصف الفكري في إطار رسالة قائد الثورة الإسلامية إلى «الحوزة الرائدة والمتقدمة»، تحت عنوان: «التفسير الاجتهادي، حاجات المجتمع، وبناء الحضارة القرآنية»، بحضور آية الله الدكتور عليرضا أعرافي، مدير الحوزات العلمية، وبمشاركة نخبة من أساتذة ومفسّري القرآن الكريم، في أجواء علمية ومعمّقة.

وهدفت الجلسة إلى بحث طاقات القرآن الكريم في الاستجابة للتحديات الاجتماعية المستجدّة، وبيان دور التفسير الاجتهادي في بناء الحضارة الإسلامية المعاصرة، ورسم آفاق مشروع حضاري قرآني متكامل. وأكّد المشاركون ضرورة إحداث تحوّل جذري في مناهج التفسير داخل الحوزات العلمية.

التفسير الحضاري يحتاج إلى تعريف ومنهج مستقل

وأوضح حجة الإسلام والمسلمين فاكر ميبدّي أن «التفسير الحضاري» بات توجّهًا علميًا جديدًا، بل مرشّحًا ليكون تخصّصًا مستقلًا، مشددًا على أن الخطوة الأولى تكمن في تحديد هويته العلمية وتعريفه الدقيق.
وأضاف أن هذا النوع من التفسير، إضافة إلى مبادئ التفسير العامة، يحتاج إلى مبانٍ خاصة، وقواعد مميّزة، ومنهجية مستقلة، مؤكدًا أن بناء الحضارة القرآنية غير ممكن دون التنظير واستخراج الأنظمة الحضارية من القرآن.

مرجعية القرآن في العلوم الإنسانية أساس النهضة الحضارية

من جانبه، أكّد حجة الإسلام والمسلمين رضائي الإصفهاني أن النهضة الحضارية الإسلامية في بعدها الفكري والناعم تقوم على تحوّل جذري في العلوم الإنسانية، والعودة إلى مرجعية القرآن الكريم بوصفه مصدرًا علميًا.
وأشار إلى أن تحقيق الحضارة الإسلامية المعاصرة لا يمكن دون اجتهادات تخصصية في التفسير، داعيًا إلى تطوير أصول التفسير والاستفادة القصوى من مناهج أصول الفقه.

الحاجة إلى وثيقة شاملة لبناء الحضارة القرآنية

بدوره، اعتبر حجة الإسلام والمسلمين نجّارزادكان أن الحراك العلمي لإعادة قراءة الطاقات الحضارية للقرآن خطوة مباركة، لكنه شدد على أن هذا المشروع لا يقتصر على مدرسة فقهية بعينها، بل يحتاج إلى مشاركة جميع مفكري العالم الإسلامي.
واقترح إعداد وثيقة استراتيجية شاملة تتناول حاجات الإنسان المعاصر، وأجوبة القرآن، ومبادئ الحضارة الإسلامية، وخارطة طريق تنفيذية؛ تفاديًا للتشتت والتوازي في الجهود.

الجمع بين الفقاهة والتفسير الاجتهادي محرّك مستقبل الحوزة

وأكد حجة الإسلام والمسلمين اعتمادي الكاشاني أن الحوزة العلمية لا يمكنها تجاهل التحولات المتسارعة في العالم المعاصر، معتبرًا أن التفسير الاجتهادي يعني تجاوز القراءة النقلية إلى أفق العقلانية.
وأشار إلى أن الجمع بين الفقاهة والتفسير الاجتهادي يشكّل المحرّك الأساس لمستقبل الحوزة، وأن بناء الحضارة القرآنية يتمثل في استنباط النماذج الكلّية لإدارة المجتمع والعالم من نصّ القرآن.

الحاجة إلى تخصصات بينية وتفسير معاصر

ودعا حجة الإسلام والمسلمين علوي مهر إلى إعداد مفسّرين في أعلى المستويات العلمية، يمتلكون القدرة على فهم مناهج التفسير والاستجابة لحاجات العصر.
وشدد على أهمية تطوير تخصصات بينية مثل: «القرآن والإدارة»، «القرآن والسياسة»، و«القرآن وعلم النفس»، محذرًا من أن إهمال الحوزة لهذه المجالات سيفتح المجال أمام مؤسسات أخرى لاحتلال هذا الفراغ.

القرآن منبع جميع العلوم

وفي مداخلة أخرى، أكّد حجة الإسلام والمسلمين ميركتولي أن القرآن الكريم هو منبع جميع المعارف، مستشهدًا بقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بأن مصاحبة القرآن تُبعد الإنسان عن الجهل وتزيده بصيرة وهدى.
وأشار إلى أن تركيز الحوزة في مراحل معينة على الفقه والفلسفة أبعدها نسبيًا عن النص القرآني، داعيًا إلى إعادة التفسير إلى موقعه المركزي في التعليم الحوزوي.

القرآن حصن حضاري في مواجهة الهجمة المعادية

وأكد حجة الإسلام والمسلمين رحماني سبزواري أن القرآن كتاب حضاري بامتياز، استطاع أن يحوّل مجتمع الجاهلية إلى حضارة قائمة على العدل والرحمة ومواجهة الظلم.
وأضاف أن أعداء الإسلام يسعون اليوم إلى فصل الأمة عن القرآن، ما يجعل من التفسير القرآني الواعي خط الدفاع الأول في مواجهة الانحراف الفكري.

نحو أسلمة العلوم الإنسانية بالقرآن

وأشار حجة الإسلام والمسلمين بهروزي لك إلى تجربة تخصص «القرآن والعلوم السياسية» في جامعة باقر العلوم (ع)، مؤكدًا أن هذا النموذج يعكس الإمكانات الكبيرة لربط القرآن بالعلوم الإنسانية.
ودعا إلى اعتماد قراءة اجتهادية متطورة للتفسير، على غرار «الفقه المضاف»، تمهيدًا لأسلمة العلوم الإنسانية.

ضرورة الرؤية العالمية للقرآن

واختتم حجة الإسلام والمسلمين زماني بالتأكيد على أن القرآن رسالة عالمية للبشرية جمعاء، محذرًا من بقاء الجهود التفسيرية محصورة في نطاق جغرافي أو مذهبي ضيق.
وشدد على أن التقصير في تقديم الخطاب العالمي الأصيل للقرآن سيفتح المجال لقراءات غير أصيلة تملأ هذا الفراغ.

وفي ختام الجلسة، أكّد المشاركون على ضرورة استمرار هذه اللقاءات، وتشكيل لجان تخصصية، وتوسيع التعليم الاجتهادي في مجال التفسير، وصياغة وثائق استراتيجية لبناء الحضارة القرآنية؛ بما يعزّز دور الحوزة العلمية في الاستجابة لتحديات العصر وقيادة العالم الإسلامي حضاريًا.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل