معرفة الله عند الأطفال

معرفة الله عند الأطفال

هل يغفر الله لمن يقع في فخ وسوسة الشيطان؟

ملخص

يتناول هذا المقال أحد الأسئلة الشائعة في مجال التربية الدينية للأطفال، والمتعلق بإمكان مغفرة الله تعالى للطفل أو الإنسان إذا وقع في الخطأ نتيجة وسوسة الشيطان. ويعالج السؤال من زاوية قرآنية وتربوية، مع التأكيد على مركزية الرحمة الإلهية، وأثر التوبة في بناء العلاقة السليمة بين الطفل وربه.

مقدمة

إن طرح الأسئلة العقدية لدى الأطفال ظاهرة طبيعية تعكس حيوية التفكير وبداية تشكّل الوعي الديني. غير أن الإجابة عن هذه الأسئلة لا ينبغي أن تكون مباشرة أو تلقينية فحسب، بل يجب أن تُسبق بتهيئة فضاء من الفهم والحوار، بما يسمح للطفل بالتعبير عن قلقه وتساؤلاته دون خوف أو شعور بالذنب المفرط.
هذا السؤال مأخوذ من كتاب «معرفة الله القرآنية للأطفال» لحجة الإسلام غلامرضا حيدري أبهري، وهو من النماذج التي تجمع بين البساطة والعمق في مخاطبة عقل الطفل ووجدانه.

عرض الإشكالية

قد يخطئ الطفل، كما يخطئ غيره من البشر، وقد يقع أحيانًا تحت تأثير وسوسة الشيطان. في مثل هذه اللحظات، ينشأ شعور داخلي بالذنب والقلق، وقد يتساءل الطفل:
هل ما زال الله يحبني؟ هل سيغفر لي بعدما أخطأت؟

المعالجة القرآنية والتربوية

يؤكد القرآن الكريم بوضوح أن الله تعالى واسع الرحمة، وأن باب المغفرة مفتوح لكل من يندم على خطئه ويرجع إلى الله بقلب صادق. وقد ورد في التعاليم الإسلامية أن التوبة الصادقة تمحو أثر الذنب، حتى كأن الإنسان لم يرتكبه أصلًا.
وتشير الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) إلى أن التائب محبوب عند الله، وأن العودة إليه علامة وعي ونضج، لا سبب للعقاب أو النبذ.

من المنظور التربوي، من المهم ترسيخ صورة الله الرحيم في ذهن الطفل، لا الإله المنتقم. فمجرد أن يعترف الطفل بخطئه، ويقول بصدق: «يا الله، سامحني، لقد أخطأت»، فإن ذلك يعكس بداية تشكّل الضمير الأخلاقي لديه.

دور الشيطان في بثّ اليأس

يشير النص إلى أن الشيطان لا يكتفي بدفع الإنسان إلى الخطأ، بل يسعى بعد ذلك إلى إيقاعه في اليأس، من خلال الإيحاء بأن التوبة غير مجدية وأن الله لن يغفر. وهذا اليأس بحد ذاته خطر تربوي وعقدي، لأنه يقطع الصلة بين الإنسان وربه.
ومن هنا، فإن تعزيز الأمل في رحمة الله يُعدّ عنصرًا أساسيًا في التربية الدينية السليمة.

النتائج التربوية

1. الخطأ ليس نهاية الطريق في التربية الدينية، بل قد يكون مدخلًا للتعلم والنمو.

2. التوبة مفهوم إيجابي يجب تقديمه للطفل بوصفه عودة محبوبة إلى الله، لا مجرد اعتذار شكلي.

3. الله تعالى لا يعاقب عباده على زلة واحدة، بل يفتح لهم باب الرحمة والعودة.

4. ترسيخ الأمل والثقة بالله يقي الأطفال من القلق الديني واليأس الوجودي.

خاتمة

إن بناء صورة الله الرحيم في وعي الطفل، وتعليمه أن يقول بهدوء وثقة: «يا رب، اغفر لي»، هو أساس التربية الإيمانية الصحيحة. فالله، بحسب التعبير التربوي القرآني، يفتح دائمًا باب رحمته، ويستقبل عباده بالقبول متى ما عادوا إليه بصدق.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل