تراخي المؤسسات الثقافية وضرورة الفهم الدقيق لمطالب وليّ الأمر

من وجهة نظر خبراء في الشأنين الثقافي والاجتماعي، فإن معالجة حالة التقصير التي تعاني منها المؤسسات والأجهزة الثقافية، ولا سيما في مجال ترسيخ ثقافة الإيثار والشهادة لدى الجيل الشاب، تتطلب قبل كل شيء فهماً دقيقاً وعميقاً لمطالب قائد الثورة الإسلامية في هذا المجال.

قم – وكالة حوزه للأنباء: العتاب الأخير الذي وجّهه سماحة قائد الثورة الإسلامية خلال لقائه القائمين على مؤتمر شهداء محافظة البرز، ينطوي على دلالة بالغة الأهمية، مفادها أن المؤسسات والأجهزة الثقافية – للأسف – تعاني من نوع من التراخي أو القصور في أداء واجباتها، وأن المسألة الأساسية اليوم تتمثل في ضرورة إيجاد حلول عملية لتجاوز هذه الحالة من الضعف والخلل.

عتاب صريح وذو دلالة من قائد الثورة

وقد شدد سماحته في هذا اللقاء، وبصراحة تامة، على أهمية نقل قيم ومعارف الدفاع المقدس إلى الأجيال الجديدة، قائلاً:

«أنا أقول: يجب عليكم ألا تسمحوا بانطفاء هذه الدوافع، فهذه الدوافع ينبغي أن تُنقل إلى الجيل القادم. إن السلوك الذي نراه من بعض الأجهزة الثقافية وبعض الجهات المسؤولة، ومن الذين يُفترض أن يهتموا بهذه القضايا، لا يعكس هذا التوجه؛ فنحن في الواقع لا نرى في كثير من الحالات جهداً حقيقياً لنقل هذه المفاهيم السامية وهذه القيم إلى جيل الشباب».

غير أن الوقوف عند عمق كلام سماحته أمر بالغ الأهمية، ولا سيما تأكيده – إلى جانب مطالبته للمسؤولين – على أن الجيل الشاب الإيراني، خلافاً لما يُشاع، جيل مؤمن ومعتقد بالمبادئ الدينية والقيم الثورية، وهي حقيقة ينبغي ألا تُغفل أبداً في أي تخطيط ثقافي، خاصة حين يكون ذا طابع تربوي وأخلاقي.

ضرورة معرفة العدو واستراتيجياته

وفي هذا السياق، أكد الدكتور مهدي إسلامي، عضو الهيئة العلمية في معهد الإمام الصادق (ع)، أن معرفة العدو، والإحاطة بقدراته، ثم العمل على مواجهته بصورة واعية وفعالة، ليست خياراً عاطفياً، بل هي تكليف ديني واضح في منظومة فكر الثورة الإسلامية، كما أكد عليها قائد الثورة مراراً.

وأضاف: ينبغي، إلى جانب معرفة العدوّ، الاستثمار في الرصيد الفكري والروحي والعلمي لمجتمعنا، ولا سيما الجيل الشاب المؤمن والثوري، ومنحه الفرصة ليُسهم بإبداعه والتزامه وإيمانه في حل الكثير من الإشكالات والتحديات.

وأشار إلى أن سماحة قائد الثورة شدد مراراً على الدور المحوري للثقافة في المجتمع، مؤكداً أن أهميتها لا تقل عن أهمية الأوكسجين لحياة الإنسان.

تقصير المؤسسات الثقافية وآثاره الخطيرة

وبيّن إسلامي أن قائد الثورة ينظر إلى الثقافة بوصفها أحد الأعمدة الأساسية المكوّنة لهوية المجتمع وسلوكه، وأن أي تقاعس في هذا المجال قد يؤدي إلى أضرار جسيمة تمس القيم والمعايير الاجتماعية.

وأضاف أن سماحته يؤكد دائماً ضرورة مواجهة الهجمات الثقافية للأعداء، محذراً من أن تقاعس المؤسسات الثقافية يفتح المجال أمام تغلغل الثقافات الدخيلة، وما يترتب على ذلك من انحرافات فكرية وأخلاقية، في حين يمكن – بالاعتماد على الثقافة الإسلامية والإيرانية، وبالتمسك بأسماء الشهداء وذكراهم – عبور الفتن المعقدة الفكرية والثقافية والأخلاقية بسلام.

ضرورة التكامل والتآزر لتعويض التقصير

من جانبه، أكد حجة الإسلام السيد محمود موسوي حسب، الباحث الحوزوي والناشط الثقافي، أن تعويض حالات التراجع والتقصير في المجال الثقافي، لا سيما في نشر ثقافة الإيثار والشهادة، يتطلب تعزيز التعاون والتكامل بين المؤسسات الثورية والأجهزة الثقافية، وفق توجيهات قائد الثورة الحكيمة.

وأوضح أن غياب التنسيق أو ضعف التعاون يؤدي حتماً إلى ضعف الأداء الثقافي، مشدداً على ضرورة الإيمان بالعمل الجماعي والتحرك الجبهوي في ساحة الثقافة، إلى جانب الإخلاص والابتعاد عن الدوافع الشخصية والمصالح الدنيوية، حتى تتحقق بركات هذا العمل في المجتمع بعون الله.

قلق عميق على المستقبل الثقافي للبلاد

وأضاف موسوي حسب أن عتابات قائد الثورة تعكس قلقاً عميقاً على المستقبل الثقافي للبلاد، وتأكيداً على ضرورة الارتقاء بمستوى الوعي والثقافة العامة. وأكد أن المسؤولية لا تقع على عاتق المؤسسات الرسمية وحدها، بل ينبغي التعويل أيضاً على الطاقات الشعبية والمؤمنة والثورية، في إطار من التآزر والتكامل.

ضعف المحتوى الثقافي الفعّال

وأشار إلى أن قائد الثورة عبّر مراراً في السنوات الأخيرة عن امتعاضه من ضعف أداء المؤسسات الثقافية، ولا سيما في مجال إنتاج محتوى ثقافي مؤثر ومواكب للعصر، إضافة إلى حالات من ردّ الفعل السلبي أمام الحرب المعرفية والإعلامية التي يشنها العدو، في حين المطلوب هو العمل بروح ثورية وجهادية، مع فهم دقيق للمخاطَب، لنقل القيم السامية للثورة والدفاع المقدس إلى الأجيال الجديدة.

انتقاد النظرة الإحصائية للعمل الثقافي

كما انتقد موسوي حسب النظرة التي تقتصر على الأرقام والتقارير الشكلية في العمل الثقافي، بل وحتى تحويله أحياناً إلى نشاط تجاري، مؤكداً أننا بحاجة إلى أعمال أعمق ذات رؤية تحليلية وحضارية، لأن النتائج الحالية لا ترقى إلى مستوى تطلعات قائد الثورة.

وختم بالتأكيد على أن الثقافة لا تزال – للأسف – خارج أولويات بعض المسؤولين، داعياً إلى الاستفادة الجادة من أفكار الشباب المؤمن والمبدع، ولا سيما في ما يتصل بقضايا الدفاع المقدس، ومنحهم الثقة والدعم اللازمين.

تقرير: سيد محمد مهدي موسوي

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل