يصادف يوم الجمعة 4 يونيو/حزيران المقبل ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله تعالی علیه، القائد الذي أعاد الحياة الى الإسلام؛ الاسلام المناهض للاستبداد والاستعمار والداعي للإصلاح من خلال الرجوع الى الاسلام المحمدي الأصيل.
عندما نريد ان نتكلم عن الإمام الخميني “رضوان الله تعالى عليه” تقف الحروف عاجزة عن الاصطفاف دون حيرة حتى ترسو على مرفأ تلك الشخصية القيادية التي أضاءت أبعادها الشرق والغرب وهي تحمل بعداً روحياً عرفانياً بمزايا وشروط القيادة والقدوة معًا، إضافة الى الفكر والروح والنهج الأصيل، فلو أردنا الوقوف عند البعد الروحي العرفاني تأخذنا تلك الأبحاث الراقية في الأخلاق ونحن نتصفح كتاب الأربعون حديثا، ولو سبرنا أغوار بحر عطائه لوجدناه تلك الصرخة التي تدفع باتجاه الاهتمام بالمستضعفين والمحرومين غير ناظرة الى الحدود الجغرافية او القومية، إن شخصية روح الله “قدس سره” هي استثناء القرن العشرين ما ندر تكرار المثيل لها بعد الأنبياء والأولياء.
لقد تركت فينا أثرا عميقا دافعا لنا نحو الاستقامة من جهة والى الصبر والعطاء من جهة اخرى، ولعل خير مااستطيع أن اقول: إنه منهج فجّر فينا ينابيع الثورة على كل أنواع الظلم وخلَّد للأجيالِ إرثًا شامخًا ونهجًا حسينيًا لازال نوره يتّسع في كل آفاق الأرض كلما تقدم الزمان.
وفي ذكرى رحيله، إذ نستذكر تلك الحقبة التي قاد فيها الإمام الخميني الثورة الاسلامية في ايران ليؤكد للعالم أجمع ان الاسلام هو الحق وأنه يستطيع ان يهزم كل جبابرة الكفر وطواغيت العالم، وأن النصر حليف الشعوب المستضعفة ولو بعد حين، وان الاسلام لا ينسى القضايا المصيرية حتى ولو وضعتنا في المواجهة وجهًا لوجه مع قوى العدوان والاستكبار.
كما أراد الامام الراحل عبر ثورته المباركة تثبيت حقيقة ان “اسرائيل” هي الشر المطلق وغدة سرطانية لابد من إزالتها من الوجود، وأن أمريكا هي الشيطان الأكبر، ماجعلت هذه الشعارات تتأصّل لتصبح سلاحًا مرعبًا بوجه الاستكبار والصهيونية ولتعلن للعالم أن القضية الفلسطينية هي القضية الاسلامية المركزية ولابد أن تعود القدس إلى اهلها الشرعيين، وخير شاهد على ذلك تأسيسه ليوم القدس العالمي المعروف لدى العالم منذ مايقرب من السبعين عاما ليتحول ذلك اليوم إلى ثورة عالمية تحظى بتأييد أغلبية الشعوب الاسلامية والعالمية من غير الاسلام .
نعم! ان نهج الامام الخميني كان ولايزال هو نهج الثورة واستنهاض الهمم لبناء الحاضر وضمان المستقبل، وإدامة الحياة الحرة الكريمة.
ومايجدر ذكره بحسب الملكات الفكرية والانسانية للامام العظيم هو عدم غفلته “قدس سره “عن ضرورة استمرار النهج المحمدي الأصيل في حال رحيله، فخلف من بعده خير خلف غيور حريص وهو يترك وصيته في ذمة السيد الوليّ الخامنئي العظيم، فقد واصل قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي (دام ظله)قيادته بحكمة وبصيرة وحسن تدبير ورؤيا ثاقبة، ومازالت المسيرة في تصاعد بما ارتقى بالجمهورية الاسلامية الى اعلى المراتب على مستوى العلم والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة والصناعات النووية والتقنيات الطبية وغير ذلك من الأدوار التي تمثل القمة في الشرق الاوسط مما أغاض الأعداء وعملاء المستكبر فراحت تحيك المؤامرات والخطط للحدّ من حركة عجلة التقدم، فأيران اليوم تتصدر المقاعد الامامية في كل مجالات الحياة من خلال دورها الأقليمي والدولي والذي بات يزلزل العدو بمخططاته الاستكبارية كافة لتبرز ايران اليوم انها دولة عظيمة يحسب لها الف حساب، ولعل أبرز ادوارها انها ذلك النصير والسند لجميع المستضعفين والاحرار ومسرحًا من مسارح التمهيد لذلك اليوم الذي وعد الله به العالم بقيام دولة العدل المقدس.
فسلام والف تحية لروح روح الله العظيم يوم وُلد ويوم مات ويوم يبعث حيًّا.