أهم نقطة في الدعاء، بعد الحمد والثناء على الله تعالى هو الصلاة على محمّد وآل محمّد أولياء أمور المسلمين. وتحتل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته مساحة واسعة جداً من الأدعية، وقد ورد في النصوص الاسلامية تركيز وتأكيد كبيران على هذه الصلوات. ولهذا الاهتمام سبب واضح، فإن الله تعالى يريد أن نجعل من الدعاء وسيلة لارتباط المسلمين بأولياء أمورهم، واعتصامهم بحبل الولاء الذي جعله الله تعالى عصمة للمسلمين. والصلوات من أهم أسباب هذا الارتباط النفسي، فإن حلقات الولاء ممتدة بين الله تعالى وعباده، وولاء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته من أهم هذه الحلقات.
ويقع الولاء لرسول الله صلي الله عليه واله وسلم في امتداد الولاء لله، والولاء لأهل البيت عليهم السلام امتداد الولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتأكيد هذا الولاء وتعميقه من تأكيد الولاء لله، ومن تعميق الولاء لله تعالى وتثبيته. وهذا باب واسع من المعرفة لا يمكن ايجازه في هذا الموضع ولا يمكن أن نبسط الكلام فيه، كما ينبغي، ولعل الله تعالى يوفقني للحديث عن هذه النقطة الهامة والحساسة في الثقافة الاسلامية، وفي تكوين الأمة الأسلامية في موضع آخر.
وقد ورد في النصوص الاسلامية تأكيد بليغ وكثير على ذلك. وفيما يلي نورد بعض النصوص ذات العلاقة بهذا الموضوع.
وأعظمها نص من كتاب الله. يقول تعالى:
(إنّ الله وملائكته يُصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما)([1]).
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الصلاة علي نور على الصراط»([2]).
وعنه صلى الله عليه واله وسلم: «إن أبخل الناس من ذكرت عنده، ولم يصل علي»([3]).
وروى عبدالله بن نعيم، قال: «قلت لأبي عبدالله عليه السلام: إني دخلت البيت، ولم يحضرني شيء من الدعاء إلا الصلاة على محمّد وآله. فقال: أما إنه لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت به».
وعن الباقر والصادق عليه السلام: «الثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الصلاة على محمّد وعلى أهل بيته»([4]).
وعن أمير المؤمنين عليه برواية الشريف في نهج البلاغة:
«إذا كان لك الى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلي الله عليه واله وسلم ثم سل حاجتك؟ فإن الله اكرم من أن يسأل حاجتين، فيقضي إحداهما ويمنع الأخرى»([5]).
والدعاء للأنبياء والمرسلين وأوصيائهم من هذا الدعاء.
وقد ورد الصلاة والسّلام على الأنبياء وأوصيائهم عموماً، أو على نحو التشخيص والتعيين والتسمية كثيراً في نصوص الأدعية المأثورة عن أهل البيت، ومن ذلك الدعاء الوارد في (عمل أم داود) في الأيام البيض من شهر رجب، وهو دعاء مروي عن الإمام الصادق.
نموذج من الصلاة على محمّد وآل محمد:
وهو من أدعية الصحيفة السجادية: «رب صل على محمّد وآل محمد، المنتجب، المصطفي، المكرّم، المقرّب أفضل صلواتك وبارك عليه أتم بركاتك، وترحم عليه امتع رحماتك.
رب صل على محمّد وآله صلاة زاكية، لا تكون صلاة ازكى منها، وصل عليه صلاة نامية، لا تكون صلاة أنمى منها، وصل عليه صلاة راضية، لا تكون صلاة فوقها، رب صل على محمّد صلاة ترضيه، وتزيد على رضاه، وصل عليه صلاة ترضيك، وتزيد على رضاك، وصل عليه صلاة لا نرضى له إلا بها، ولا ترى غيره لها أهلاً.. رب صل على محمد وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك وانبيائك ورسلك وأهل طاعتك».
الدعاء عند أهل البيت (عليهم السلام)، سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي (رحمه الله)
([1]) الاحزاب: 56.
([2]) كنز العمال: ح 2149.
([3]) كنز العمال: ح 2144.
([4]) بحار الانوار 71: 374.
([5]) نهج البلاغة، قسم الحكم، حكمة رقم 361.