Search
Close this search box.

ذكرى مولد خليل الله

ذكرى مولد خليل الله

مولد نبي الله إبراهيم عليه السلام عن الرضا عليه السلام قال: ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السلام وولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام. بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ١٤ – الصفحة ٢١٤

النبي إبراهيم (ع)
النبي إبراهيم (ع) والمشهور بـإبراهيم الخليل، هو ثاني أنبياء أولي العزم، بعثه الله في بين النهرين؛ ليدعو الناس ونمرود حاكم عصره إلى التوحيد، فلم يؤمن به إلا القليل منهم، فلمّا يئس من إيمانهم هاجر إلى فلسطين.

كان لإبراهيم ابنان: إسحاق وإسماعيل، وقد بعث كلاهما للنبوة، فينتهي نسب بني إسرائيل والعديد من أنبيائه إلى إسحاق (ع)، فيما ينتهي نسب النبي محمد (ص) إلى إسماعيل (ع).

ورد في القرآن الكريم أن قوم إبراهيم كانوا يعبدون الأصنام، فكسر إبراهيم أصناهم، فرموه في النار، إلا أن النار بردت بأمر الله وخرج إبراهيم منها بسلام. وبناء على آيات قرآنية بنى إبراهيم الكعبة بأمر الله، ودعا الناس إلى الحج، كما ابتلاه الله بامتحانات، منها ذبح ولده، وبعد أن نجح في الابتلائات أعطاه الله مقام الإمامة إضافة إلى النبوة.

هويته

ورد في تاريخ الطبري عن نسبه: إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح. ويعتقد أكثر المحققين أن إبراهيم ولد في القرن العشرين قبل الميلاد، وقال البعض تحديداً في 1996 ق.م. وذكرت في المصادر الإسلامية عدة مدن كمولد النبي إبراهيم، فقال الطبري أن مولده مدينة بابل أو كوثى في سواد العراق والتي كان يحكمها نمرود آنذاك، وفي خبر آخر ولد إبراهيم في الوركاء (أوروك‌) أو حرّان‌، إلا أن أباه هاجر إلى بابل أو كوثى وفي رواية عن الإمام الصادق (ع) كان مولد إبراهيم مدينة كوثى.

توفي إبراهيم وهو في 175 أو 200 من عمره في حبرون الذي تعرف اليوم بالخليل، وتقع في فلسطين.

أبوه

بالنسبة لاسم والد إبراهيم هناك خلاف في المصادر، فجاء في العهد العتيق «ترح»وذكر في المصادر التاريخية الإسلامية تارُخ أو تارَح.

وبناء على آية ﴿وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ﴾ اعتقد بعض مفسّري أهل السنة كالفخر الرازي أن آزر هو والد إبراهيمأمّا المفسرون الشيعة فلم يوافقوا هذا الرأي، وقالوا أن «الأب» في هذه الآية لا يعني الوالد. وقال في تفسير الميزان إن كلمة «أب» يطلق في العربية إضافة للوالد على العمّ والجدّ والوليّ أيضا.

وقد ورد في بعض المصادر التاريخية أن نمرود في السنة التي ولد فيها إبراهيم أمر بقتل كل مواليد تلك السنة؛ لأن المنجّمين تنبّأوا بولادة مولود في تلك السنة يقوم بمخالفة نمرود وأتباعه، ويكسر الأصنام، فذهبت والدة إبراهيم بطفله إلى كهف قريب من بيته، خوفا من جنود نمرود، وأخرجته من الكهف بعد 15 شهراً.

زوجاته وأولاده

ورد في التوراة أنّ إبراهيم (ع) تزوج من سارة، وكانت أخته غير الشقيقة، لكن المصادر الإسلامية تقول أنها بنت خالته، كما أنها كانت أخت النبي لوط (ع). وقيل أنّ سارة كانت ابنة عمّه وكان زواجهما في اور الكلدانيين.وأورد صاحب الميزان أنه تزوجها في كوثا، وكانت ثرية تملك مالا كثيرا من المواشي والعقار، وبعد زواجهما قدمته لإبراهيم، فعمل به وأصلحه حتى نما، وأصبح حاله أحسن من الآخرين في تلك المنطقة.

كانت سارة عاقرا، فوهبت جاريته هاجر لإبراهيم، فولدت له إسماعيل. وبعد مضيّ 5 أو 13 عاما تمكنت من الإنجاب، فأنجبت ابناً سمّوه إسحاق. وتتحدث بعض الروايات عن عمر إبراهيم، وأنّه حين ولادة إسحاق كان عمره 100 سنة وسارة 90 سنة وهناك رواية أخرى تقول ولد إسحاق 30 عاما بعد ولادة‌ إسماعيل، وكان إبراهيم في 120 من عمره.

وقيل إن إبراهيم تزوج بعد وفاة سارة من امرأتين، ولدت إحداهما أربعة أبناء، وولدت أخرى 7 أبناء، فكان لإبراهيم 13 ابنا.

قصة إبراهيم(ع) في القرآن والمصادر الإسلامية

تحدث القرآن 69 مرة عن إبراهيم (ع). وسمّيت سورة باسمه؛ لأنها تحوي قصة حياته. وقد تطرق القرآن إلى عدة زوايا من حياة إبراهيم، منها نبوته وإمامته وذبح ولده وبعض معجزاته.

النبوة والإمامة ومقام الخُلّة

تحدّثت بعض الآيات القرآنية عن نبوة إبراهيم ودعوته إلى التوحيد. وذكر القرآن كتابه سمّاه بـ«صحف إبراهيم» وقيل قد أنزل الله عشر صُحف على إبراهيم.وذكر في الروايات أنه كان ثاني أنبياء أولي العزم، بعد النبي نوح (ع)، وجاء في الآية 124 من سورة البقرة أن الله أعطاه منصب الإمامة وذلك بعد أن امتحنه، وحسب آية أخرى اتخذ الله إبراهيم خليلا.فلُقّب بخليل الله، وبناء على رواية إن الله اتخذه خليلا لكثرة سجوده؛ ولأنه لم يردّ سؤال أحد، ولم يسأل إلا الله، ولإطعامه الطعام وصلاته بالليل.

وقد ورد في القرآن أن الله جعل النبوة في ذرية إبراهيم، ومن هنا لقّب بأبي الأنبياء. فإسحاق هو جد بني اسرائيل، وبعث الله من ذريته أنبياء منهم يعقوب، ويوسف وداوود وسليمان وأيوب وموسى وهارون. كما ينتهي نسب عيسى من جهة أمه مريم إلي يعقوب النبي.وبناء على روايات إسلامية ينتهي نسب النبي محمد (ص) إلى إسماعيل (ع).

معجزاته

أشار القرآن الكريم إلى معجزتين من معجزات إبراهيم:

فبناء على آية 260 من سورة البقرة طلب إبراهيم من ربه أن يُريه كيف يُحيي الموتى؛ وذلك ليطمئن قلبه، فأمره الله أن يأخذ أربعة من الطير، ويذبحها، ويخلط لحومها وعظامها معاً، ويجعل كل جزء منها على قمة جبل، ثم يقف بين الجبال، ويدعوها إلى نفسه، فامتثل إبراهيم ما اُمر به، فبعدما دعا الطيور تجمّعت أجزاء كل طائر وعاد كما كان.

تحكي آيات من سورة الأنبياء قصة محاجّة إبراهيم مع قومه، حيث إنه كسر الأصنام، وقال لهم قد فعل هذا كبير الأصنام، فاسئلوهم إن كانوا ينطقون، فقرّروا -بعدما عجزوا عن إجابته- أن يحرقوا إبراهيم، فألقوه في النار، إلا أن الله جعل النار بردا وسلاما عليه.

هجرته إلى فلسطين

جاء في قصص الأنبياء للراوندي عندما خرج إبراهيم بسلام من نار أوقدها قومه أمر نمرود بإخراج إبراهيم من بلادهم. ويقول القرآن عنه: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾. وعن موطنه الجديد قال بعض المفسرين إنه هاجر إلى الشام، وقال آخرون ذهب إلى فلسطين وبيت المقدس.

بناء الكعبة

يشير القرآن أن إبراهيم بنى الكعبة، وذلك برفقة ولده إسماعيل، ثم دعا الناس لأداء مناسك الحج.وبناء على بعض الروايات أن أول مَن بنى الكعبة النبي آدم (ع)، وأن إبراهيم أعاد بنائها.

ذبح ولده

من الابتلائات التي امتحن الله بها إبراهيم أنه اُمر بذبح ولده، فبناء على ما ورد في القرآن رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه، فأخبر ابنَه بمنامه، فطلب هو من أبيه أن ينفّذ أمر الله، إلا أنه عندما همّ بذبحه سمع نداءً: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ – إِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ﴾، ففداه الله بذبح، حيث جاء جبرائيل بكبش من عند الله فذبحه إبراهيم.

ولم يذكر القرآن اسم ولد إبراهيم الذي اُمر بذبحه، فاختلف علماء المسلمين شيعة وسنة بهذا الصدد، فالبعض يرى أنه إسماعيل (ع) فيما يعتقد أخرون أنه إسحاق (ع).

وقال الشيخ الطوسي أن المستفاد من روايات الشيعة أن الذبيح هو إسماعيل، وعدّ الملا صالح المازندراني هذا الرأي مشهورا بين علماء الشيعة.

قصة إبراهيم في العهدين

ذكر اسم إبراهيم في العهد القديم «أبرام» إلا أنه ورد في باب آخر: «قلا يُدعى اسمك بعدُ أبرام، بل يكون اسمك إبراهيم؛ لأني أجعلك أباً لجمهور من الاُمَم».

وبناء على رواية العهد العتيق يصل نسب إبراهيم إلى القبائل الآرامية التي رحلت من جزيرة العرب إلى شواطئ الفرات‌ في شمال الشام.

وجاء في سِفر تكوين أن تارح (والد إبراهيم) رحل مع ولده إبراهيم وسارة ولوط من أُور موطن الكلدانيين إلى كنعان، وعندما وصلوا إلى حرّان أقاموا هناك، ومات تارح في حران. فاستنتج البعض أن مولد إبراهيم اور الكلدانيين.

بقي إبراهيم حتى 75 من عمره في حران، ثم ارتحل بأمر من الله إلى كنعان، واصطحب معه زوجته سارة وابن أخيه لوط، فبنى هناك مذبحا بأمر الله. وبعد أن حدث القحط ارتحلوا إلى مصر،ثم انتقلوا إلى حبرون (يعرف اليوم بالخليل ويقع في فلسطين) وأقاموا هناك.

وورد في التوراة أن إبراهيم عندما دخل مصر قال لأهله إن سارة هي أخته، وذلك اتقاءً من طمعهم في سارة، حيث كانت لها حسن وجمال، وكان يخاف أن يقتلوه لأجل الوصول إليها، فاتخذها فرعون زوجة له، وأحسن إلى إبراهيم لأجلها، فأخذ الله فرعون وبيته ببلاء عظيم.

واعتبر الطباطبائي هذه الرواية دليلا على تحريف التوراة، وذلك بسبب عدم تلاؤمها مع مقام النبوة والتقوى، إضافة إلى وجود تعارضات أخرى في قصة إبراهيم في التوراة.

ومن منظار العهد العتيق إن ذبيح الله هو إسحاق.بل هو ابنه الوحيد. كما عاهد الله إبراهيم في كنعان أن يعطي لأولاد إبراهيم من ولد إسحاق أرضا واسعا، بدءا من نهر النيل حتى نهر الفرات .

وفي العهد الحديث أيضا ورد الحديث عن إبراهيم في 72 فقرة، حيث يصل نسب عيسى (ع) -من طريق إسحاق- إلى إبراهيم بـ39 أو 54 واسطة. وصف العهد الحديث إيمان إبراهيم بأنه في أعلى مرتبته؛ لأنه عاش بأمر الله بعيدا عن موطنه في فلسطين، وهمّ بذبح ولده امتثالاً لأمر الله.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل