1 – الإمام الحسين ( عليه السلام ) – من خطبته لما عزم على الخروج إلى العراق – : الحمد لله وما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، صلى الله على رسوله وسلم ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي ! اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصال يتقطعها ( 1 ) عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن مني أكراشا جوفي وأجربة سغبى لا محيص عن يوم خط بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه ، ويتنجز لهم وعده . من كان فينا باذلا مهجته وموطنا على لقائنا ( لقاء الله – خ ل ) نفسه فليرحل ، فإني راحل مصبحا إن شاء الله ( 2 ) .
2 – الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : لما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجبت ( 3 ) قلوبهم .
وكان الحسين ( عليه السلام ) وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدأ جوارحهم وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا ، لا يبالي بالموت ! فقال لهم الحسين ( عليه السلام ) : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ؟ ! وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب . إن أبي حدثني عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت ( 4 ) .
3 – أبو مخنف : بقي الحسين ( عليه السلام ) ثلاث ساعات من النهار ملطخا بدمه رامقا بطرفه إلى السماء وينادي : يا إلهي ، صبرا على قضائك ، ولا معبود سواك يا غياث المستغيثين . فتبادر إليه أربعون فارسا يريدون حز رأسه الشريف المكرم المبارك المقدس المنور ، ويقول عمر بن سعد : ويلكم ! عجلوا بقتله (5).
4 – حاجب عبيد الله بن زياد : إن ابن زياد دعا بعلي بن الحسين ( عليه السلام ) والنسوة وأحضر رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وكانت زينب ابنة علي ( عليهما السلام ) فيهم ، فقال ابن زياد : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحاديثكم ! فقالت زينب ( عليها السلام ) : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا ، إنما يفضح الله الفاسق ويكذب الفاجر . قال : كيف رأيت صنع الله بكم أهل البيت ؟ ! قالت : كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاكمون عنده ( 6 ) .
5 – الإمام الحسين ( عليه السلام ) – وقد مات ابن له ، فلم ير كآبة ( 7 ) عليه ، فعوتب على ذلك – : إنا أهل بيت نسأل الله عز وجل فيعطينا ، فإذا أراد ما نكره فيما يحب رضينا ( 8 ) .
6 – إبراهيم بن سعد : سمع علي بن الحسين ناعية في بيته وعنده جماعة ، فنهض إلى منزله ثم رجع إلى مجلسه ، فقيل له : أمن حدث كانت الناعية ؟ قال : نعم ، فعزوه وتعجبوا من صبره ، فقال : إنا أهل بيت نطيع الله فيما نحب ، ونحمده فيما نكره ( 9 ) .
7 – الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ندعو الله فيما نحب ، فإذا وقع الذي نكره لم نخالف الله عز وجل فيما أحب ( 10 ) .
8 – علاء بن كامل : كنت جالسا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فصرخت صارخة من الدار ، فقام أبو عبد الله ( عليه السلام ) ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه ، ثم قال : إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا ( 11 ) .
9 – قتيبة الأعشى : أتيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) أعود ابنا له ، فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين ، فقلت : جعلت فداك ، كيف الصبي ؟ فقال : والله إنه لما به ، ثم دخل فمكث ساعة ، ثم خرج إلينا وقد أسفر ( 12 ) وجهه وذهب التغير والحزن .
قال : فطمعت أن يكون قد صلح الصبي ، فقلت : كيف الصبي جعلت فداك ؟ فقال : وقد مضى لسبيله ، فقلت : جعلت فداك ، لقد كنت وهو حي مهتما حزينا ، وقد رأيت حالك الساعة وقد مات ، غير تلك الحال ، فكيف هذا ؟ فقال : إنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة ، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره ( 13 ) .
ــــــــــــــــــــ
( 1 ) كذا في المصدر ، والأصح ” بأوصالي تقطعها ” كما في الملهوف .
( 2 ) كشف الغمة : 2 / 241 ، الملهوف : 126 ، نثر الدر : 1 / 333 .
( 3 ) وجب القلب وجيبا : إذا خفق ( النهاية : 5 / 154 ) .
( 4 ) معاني الأخبار : 288 / 3 .
( 5 ) ينابيع المودة : 3 / 82 .
( 6 ) أمالي الصدوق : 140 / 3 ، روضة الواعظين : 210 ، الملهوف : 200 ، إعلام الورى : 247 كلاهما نحوه .
( 7 ) الكآبة : سوء الحال والانكسار من الحزن ( لسان العرب : 1 / 694 ) .
( 8 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 1 / 147 نقلا عن الشافعي .
( 9 ) حلية الأولياء : 3 / 138 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ” : 57 / 88 ، كشف الغمة : 2 / 314 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) .
( 10 ) حلية الأولياء : 3 / 187 عن عمرو بن دينار ، كشف الغمة : 2 / 363 عن أحمد بن حمدون .
( 11 ) الكافي : 3 / 226 / 13 .
( 12 ) أي أضاء وأشرق ( لسان العرب : 4 / 369 ) .
( 13 ) الكافي : 3 / 225 / 11 .
المصدر: أهل البيت في الكتاب والسنة / الشيخ محمد الريشهري