Search
Close this search box.

رؤى قرآنية (لا أحد فوق القانون..)

قال الله عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز: (يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلْأَرْضِ فَٱحْكُم بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌۢ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ ( (ص: 26).

الدولة الاسلامية…مباديء و خصائص

1– التفسير بايجاز:

يا داود إنا استخلفناك في الأرض وملَّكناك فيها، فاحكم بين الناس بالعدل والإنصاف، ولا تتبع الهوى في الأحكام، فيُضلك ذلك عن دين الله وشرعه، إن الذين يَضِلُّون عن سبيل الله لهم عذاب أليم في النار؛ بغفلتهم عن يوم الجزاء والحساب. وفي هذا توصية لولاة الأمر أن يحكموا بالحق المنزل من الله، تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه، فيضلوا عن سبيله.

2- قال الله تعالى: ﴿وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُا۟ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُوا۟ ٱلۡمِحۡرَابَ ٢١ إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡض فَٱحۡكُم بَیۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَاۤ إِلَىٰ سَوَاۤءِ ٱلصِّرَ ٰطِ ٢٢﴾ (ص: ٢١-٢٢)

وهل جاءك -أيها الرسول (ص)- خبر المتخاصِمَين اللذَين تسوَّرا على داود (ع) في مكان عبادته، فارتاع من دخولهما عليه؟ قالوا له: لا تَخَفْ، فنحن خصمان ظلم أحدنا الآخر، فاقض بيننا بالعدل، ولا تَجُرْ علينا في الحكم، وأرشِدنا إلى سواء السبيل.

3– لا أحد يحق له أن يدق ناقوس الخطر او يهددني بالمحاكمة فأنا الملك او ولي عهد الملك او الرئيس الأعلى الذي له حصانة سياسية ولا يمكن لأحد أن يدينني او يحاكمني … لا ندري كيف جاء ذاك المتكلم بمثل هذا القانون الظالم، نعم ربما هناك قانون الحصانة البرلمانية في دساتير بعض الدول أما مثل ذلك القانون لم يخطه لأنفسهم إلا الطغاة ، وهو بنفسه قانون ظالم يبيح للمسؤولين الكبار الإفلات من العقاب وقد أتاح لكثير من مسؤولي الدول سرقة ثروات شعوبهم والهروب بها خارجا قبل انتهاء مدة حكومتهم ، فهل يظن أولئك أنهم في نجاة من عقوبة السماء (ام حسب الذين يجترحون السيئات ان يسببقونا ساء ما يحكمون).

4- أما قانون السماء الذي لا يسمح بأي خطأ ولو بسيط، بل هي العدالة بكامل متطلباتها، اذ يستدعى كل من المتهم والشاكي ليدلي كل منهما بادعاءه على حد سواء، وان على الحاكم ان لا يستعجل الحكم قبل أن يستمع إلى الطرفين، كما في القصة التاريخية الأبدية والرمزية التي سردها لنا القران المجيد والتي جرت للنبي داوود (ع) ليتعلم الناس أهم فقرة في قوانين المحاكمة العادلة وهي التعرف على تفاصيل الجريمة والاستماع الى كلا الطرفين حتى لو كان الحاكم او القاضي نبيا معصوما (وانه قد شخص الطرف المعتدي و ذاك بحكمته او الهامه )، بل عليه القيام بمهمته الأساس وهي الاستماع للطرف الآخر و دفاعه، لربما كان الطرف الاخر هو على الحق.

5- الجمبع مسؤولون أمام القانون ولا أحد فوق القانون، هذا هو عدل الحكومة الاسلامية .

الحصانة السياسية المدعاة على لسان بعض الحكام لا وجود لها في الاسلام، فالجميع مسؤولون أمام القانون والعدل الالهي، والأمر الالهي هو ان (أحكم بالعدل ولا تشطط) أي إنتبه أيها الحاكم في حكمك وتبين الحق قبل إصدار الحكم.

6- الإمام علي ابن ابي طالب (ع) الله وقف أمام القاضي وهو خليفة كما تذكر بعض الكتب التاريخية، وقف امام القاضي شاكيا اليه فقدان درعه وقد وجدها عند رجل نصراني، فاختصما إلى القاضي شريح، قال علي (ع): الدرع درعي، ولم أبعْ ولم أهبْ، وقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت القاضي شريح إلى الامام علي (ع) يسأله: يا أمير المؤمنين، هل لك من بينة؟ فضحك علي (ع) قائلًا: أصاب شريح، ما لي بيِّنة، فقضى شريح للنصراني بالدرع لأنها في حوزته ولم يقدم أمير المؤمنين بينة تؤيد دعواه، فلما أخذها الرجل خطا خطوات ثم عاد يقول: أمير المؤمنين يُدينني إلى قاضيه فيقضي لي عليه؟ أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، الدرع درعك يا أمير المؤمنين، إذ عندما اتبعتُ الجيشَ وأنت مُنطلق من صفّين، فخرجتْ الدرع من بعيرك الأروق فاخدتها، فقال علي: أما إذ أسلمت فهي لك.

7- هذه هي معالم سياسة الاسلام في الدولة الاسلامية، وقد أرسى دعائمها الاسلام وقد بينها القران الكريم خير بيان.

و الحمد لله

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل