Search
Close this search box.

السيد حيدر الحلي… نعي سيد الشهداء على لسان جبرائيل (ع)

السيد حيدر الحلي... نعي سيد الشهداء على لسان جبرائيل (ع)

عرف السيد حيدر الحلي بمراثيه (الحوليات) وسميت بذلك لأنه كان يعتد بنفسه فلا يثبت القصيدة إلا بعد أن يقرأها المرة تلو الأخرى, فكان لا يذيع قصيدته إلا بعد أن يمر عليها عام كامل ومن ثم يخرجها ويقرأها ليذيعها في الأندية فكانت (حولياته) تشتمل على شعر رصين مركز خال من الحشو والإسهاب والخلل.

ولنقرأ قصيدته (الناعية) التي يبدأ كل بيت من أبياتها الثلاثين بكلمة (نعى) والمقصود به جبرائيل (عليه السلام).

نــعــى الروح جـبــريــلٌ بـأنَّ ذوي الغـدر *** أراقـــوا دمَ المـــوفـــيـــنَ لله بــالنــذرِ

نَـعــى وانــقـلاب الكـون فـي ضمن نعـيـه *** بأن ذوي الحجر استـباحوا ذوي الحجر

نَــعــى فـغـدا مـن فــي الوجــود بــدهـشـةٍ *** هي الحـشر لا بل دونها دهـشـةُ الحَـشر

نَــعـى من بـقـلب الدهـر من جُرح جـسـمـه *** جـراحاتُ حُـزنٍ لا يعالجـنَ بـالسَـبـر

نَــعـــى أنَّ روح الكـون بــالطـفّ أقـلعـت *** يـدُ الموت منـه وهــي دامــيــةُ الظِـفـر

نَــعــى مــقــلةُ الإِسـلام فـاحـتـلب الشـجى *** دمـاءَ أفـاويـق الدُمـوع مـــن الصَّخـــر

نَــعــى شـطـرَ قـلب الـدين للديـن فاغـتـدى *** ومن قـلبه شـطـرُ يـنـوح عـلى شَــطــر

نَــعــى مــن دَعـا بالديـن حيّ عـلى الهُـدى *** أُنـاساً دعـوا بـالشـرك حيّ عـلى الكُـفـر

نَـــعـــى داعـــيـــاً لله حـــيًّاـــــ ومــيّـــتــاً *** وفـي زبـر الأســيـافِ يــصـدع والذكـر

نَــعـــى ســـاجـــداً صــلَّت إلى الله روحـهُ *** قضى رأسه المرفوع من سَـجـدة الشـكر

نَــعــى مــن بــجــنــب الله للمـوت نــفـسـه *** يَـجــود بها بــيـن القـواضـب والسُّمــر

نَـــعـــى مــن أعــار الله بــالطــفّ هــامــه *** ومَــن قَــلبــهُ فــيـهـا أقـام عـلى جــمــر

نَــــعــــى ذات قـــدسٍ يــــعـــلم الله أنَّهـــا *** مــنــزَّهــةُ الأفــعـالِ فـي السـرِّ والجـهـر

نَـعـى للنـفـوس التـسـع مـن كان عاشـر ال *** عــقــول أبــا الخـمـس الجـواهـر للفـخـر

نَــعــى الجــوهــر الفـرد الذي فـي أُمـوره *** تـــجـــرَّد للرحــمــن مـن عـــالم الأمـــر

نَــعـى مَـن له النـفـس البـسـيـطـةُ لم تـصـل *** ولو حـــاولت إدراكـه بـالقــوى العــشــر

نَـــعـــى صـــفـــوةَ الله العــظــيــم ولطــفَه *** علـى الخلق في الدنيا وفي الحشر والنشر

نَــعــى مــن له خــلق الورى يــوم خـلقهـم *** ويــومَ يـقـوم الحــشـر سـلطــنــةُ الحـشـر

نَـــعـــى للهـــدى النـصــرَ الإِلهــيَّ والذي *** لمــرهـفــه وسـمٌ عـلى جــبــهــة الكُــفــر

نَــعــى خــيــرَ مــن سار المـطـيُّ بـرحــلِه *** وأكـرمَ مـن يـمـشي ســويًّاـ عـلى العَـفـر

نَــعــى مُـطـعِــم الهُــلاّك مـشـبـعَ غـرثـهـا *** أخـي الشـتـوات الشهب في الحجـج الغُبر

نَـعـى مـن يَـضيـف الطيـرَ والوحش سـيفهُ *** وجـيــش المـنــايـا تـحـتَ رايـتـه يـسـري

نَــعــى واســمــاً وجــهَ المـنـايـا بعـضـبـه *** فــقــلب الـمـنــايــا بــيـن قـادمـتـي نـســرِ

نَـعـى مـن يُـحـلي الشـوسَ ضربـاً فَـسـيـفُه *** عـلى النحر طوق أو وشاحٌ على الخـصر

نَــعــى ابْــنَ الذي ســده الثـغـور بـسـيـفـه *** وأفــرغَ فــيـهـا مـن دم الشـوس لا القَـطـرِ

نَـعــى أن أسـيــافــاً نـحــرنَ ابــن فـاطـمٍ *** نـــحـــرنَ بــحــجــر الله كــلَّ أُولي الأمــرِ

نَــعــى ضـامــيــاً أبـكى السـمـاءَ بـعـنـدمٍ *** وحــقّ لهــا تــبــكــي بــأنــجــمــهـا الزهـرِ

نَـعــى مـن بـكـى لا خِــيـفـةً مـن عِـداتـه *** ولكـــن لإشـــفــاقٍ عــليــهــم مــن الكــفــر

نَـعــى شـاكــراً نـال الشــهــادةَ صــابــراً *** وقــد يُــجــتــبـى شـهـدُ العـواقـبِ بـالصـبـر

________

تعريف بالشاعر:

ولد السيد حيدر بن سليمان بن داود بن سليمان الحلي والذي يرجع نسبه الشريف إلى زيد الشهيد ابن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليهم السلام) في مدينة الحلة في 15 شعبان عام 1246هـ/1831م ونشأ بها يتيماً, فقد مات أبوه وهو طفل صغير فتولى رعايته وتربيته عمه السيد مهدي السيد داود فتعهد بتربيته كما يتعهد أحد أولاده حتى إنه أشركه في الميراث مع ولديه وكان لعمه فضل في صقل مواهبه فنشأ شاعراً فذّاً لا يشق له غبار.

ومما روي عن مكانته في دنيا الأدب وزعامته لأعلام الشعر في زمانه أنه كان إذا سافر إلى سامراء لزيارة الامامين العسكريين (عليهما السلام) والحجة المجدد آية الله السيد محمد حسن الشيرازي (قدس سره) يصحبه عدد كبير من الشعراء يكون هو في طليعتهم مرتدياً حلته الخضراء فيكون الإمام الشيرازي في استقبالهم ويرعاهم لرفقتهم له

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل