قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر (رضي الله عنه): “يا أباذر ما من شاب يَدَع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقاً، يا أباذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين”.
إنّ الصّديق من صدّق الأنبياء وتابعهم في القول والفعل أكثر من غيره، ويمكن توجيه هذه الأحاديث الواردة في ثواب الأعمال والأفعال بوجهين:
الأول: أن يكون المراد الصديقين من سائر الأُمم، أي انّ الشاب الصالح له أجر اثنين وسبعين صدّيقاً من سائر الأُمم.
الثاني: أنّ كلّ عمل يستحق مقداراً من الأجر والثواب والله تعالى يعطي أضعافه بفضله، فالمراد انّ ما يعطيه الله لذلك الشاب الصالح يساوي استحقاق أجر اثنين وسبعين صديقاً، وهناك وجوه اُخر ونكتفي بهذين الوجهين لكونهما أظهر من غيرهما.
روي بسند معتبر عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال: ثلاثة يدخلهم الله الجنة بغير حساب… إمام عادل، وتاجر صدوق، وشيخ أفنى عمره في طاعة الله عزّوجلّ…([1]).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انّه قال: سبعة يظلّهم الله عزّ وجلّ في ظلّه يوم لا ظلّ الاّ ظلّه، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه.
ورجلان كانا في طاعة الله عزّوجلّ فاجتمعا على ذلك وتفرّقا، ورجل ذكر الله عزّ وجلّ خالياً ففاضت عيناه من خشية الله عزّ وجلّ، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله عزّ وجل، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما يتصدّق بيمينه([2]).
.
وروي عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه قال: من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله عزّ وجلّ مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة، يقول: يا ربّ إنّ كلّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي، فبلّغ به أكرم عطاياك.
قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حلّتين من حلل الجنّة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا ربّ قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا.
فيعطي الأمن بيمينه، والخلد بيساره، ثم يدخل الجنّة فيقال له: اقرأ واصعد درجة، ثم يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول: نعم، قال: ومن قرأه كثيراً وتعاهده بمشقّة من شدّة حفظه أعطاه الله عزّ وجلّ أجر هذا مرّتين([3]).
وروي بسند معتبر عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال: ذاكر الله عزّ وجلّ في الغافلين كالمقاتل عن الفارّين، والمقاتل عن الفارّين له الجنّة([4]).
والأحاديث بهذه المضامين كثيرة.
عين الحياة، العلامة محمد باقر المجلسي (رحمه الله)
([1]) الخصال: 80 ح 1 باب 3 ـ عنه البحار 75: 336 ح 5 باب 81.
([2]) الخصال: 342 ح 7 باب 7.
([3]) الكافي 2: 603 ح 4 ـ الوسائل 4: 833 ح 1 باب 6.
([4]) الكافي 2: 502 ح 2 ـ الوسائل 4: 1189 ح 2 باب 12.