كانت تكنّى: أمّ البنين(1)، وقد ذُكر لها العديد من الأسماء، منها: نجمة، وأروى، وسكن، وسمان، وتَكْتُم، وهو آخر أساميها(2)، وعليه استقرّ اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى عليه السلام. قال بعض الشعراء يمدح الإمام الرضا عليه السلام:
أَلا إنَّ خيرَ النَّاسِ نَفْساً ووالِدا
ورَهْطاً وأجداداً عليّ المُعَظَّمُ
أَتَتْنا بهِ لِلْعِلْمِ والحِلْمِ ثامِناً
إماماً يُؤَدِّي حُجَّةَ اللهِ تَكْتُمُ(3)
وقد كانت من الإماء الطاهرات، كما هو شأن سائر أمّهات الأئمّة عليهم السلام، حيث طهّرهنّ الله تعالى من كلّ رجس وكفر ورذائل الأخلاق وقبائح الأعمال، ليكنّ وعاءً لصفوة خلقه وسادة بريّته، كما جاء في زيارة الإمام الحسين عليه السلام: “أشهد أنّك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة، لم تنجسّك الجاهليّة بأنجاسها، ولم تُلبِسك من مدلهمّات ثيابها”(4).
وذكرت السيّدة حميدة المصفّاة -أمّ أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام- أنّها رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لها: “يا حميدة، هبي نجمة لابنك موسى، فإنّه سيولد له منها خير أهل الأرض، فوهبتْها له”(5).
وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفّاة، حتّى إنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها، فقالت لابنها موسى عليه السلام: “يا بنيّ إنَّ تَكْتُم جارية ما رأيت جارية قطّ أفضل منها، ولست أشكّ أنّ الله تعالى سيطهّر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك، فاستوصِ بها خيراً”(6).
وهكذا اقترن الإمام الكاظم عليه السلام بهذه المرأة الطاهرة، لتكون أمّاً لحجّة الله من بعده. وتحدّث السيّدة تَكْتُم أمّ الرضا عليه السلام عن فترة حملها ووضعها بالإمام الرضا عليه السلام فتقول: لما حملتُ بابني عليّ، لم أشعر بثقل الحمل، وكنت أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني، فيفزعني ذلك ويهولني، فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً، فلمّا وضعتهُ وقع على الأرض، واضعاً يده على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء، يحرِّك شفتيه، كأنّه يتكلّم، فدخل إليَّ أبوه موسى بن جعفر عليه السلام، فقال لي: “هنيئاً لكِ، يا نجمة، كرامة ربّك”، فناولته إيّاه في خرقة بيضاء، فأذَّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنّكه به، ثمّ ردَّه إليّ وقال: “خذيه، فإنّه بقيّة الله تعالى في أرضه”(7).
ولمّا ولدت الرضا عليه السلام سمّاها الإمام الكاظم عليه السلام الطاهرة(8).
وقد كانت من العابدات، حيث روي أنّ الرضا عليه السلام “كان يرتضع كثيراً، وكان تامّ الخلق، فقالت أمّه: أعينوني بمرضعة، فقيل لها: أَنَقصَ الدَّر (أي اللبن)؟ فقالت: لا أكذب، والله ما نقص، ولكن عليّ وِردٌ من صلاتي وتسبيحي وقد نقص منذ ولدت”(9).
فسلامٌ عليك يا مولاي يا عليّ بن موسى الرضا وعلى آبائك وأمّهاتك الطاهرين الطيبين ورحمة الله وبركاته.
1.الكافي، الكلينيّ، ج1، ص486.
2.عيون أخبار الرضا عليه السلام، الصدوق، ج1، ص26.
3.(م.ن)، ج1، ص24- 25.
4.مصباح المتهجد، الطوسي، ص664.
5.إعلام الورى، الطبرسي، ص302.
6.عيون أخبار الرضا عليه السلام، (م.س)، ج1، ص24.
7.(م.ن)، ج1، ص29.
8.(م.ن)، ج1، ص29.
9.(م.ن)، ج1، ص24.