Search
Close this search box.

الشيخ أحمد الزين: أدعو إلى وحدة حقيقية بقيادة الإمام الخامنئي

الشيخ أحمد الزين: أدعو إلى وحدة حقيقية بقيادة الإمام الخامنئي

أطروحة الوحدة الإسلامية باتت اليوم واحد من أكثر قضايا النهضة الإسلامية المعاصرة إلحاحاً بل هي المشروع المركزي لحالة الانبعاث الإسلامي الراهن، وليس هناك من شك في أن عيد المولد النبوي الشريف يمثّل الشجرة الوارفة التي يمكن التفيُّؤُ بظلالها، للتداول بما تحقق، وما يجب تحقيقه عل درب الوحدة الإسلامية المنشودة: من هنا كان «لبقية الله» أن تتلقي مع عالمين جليلين التقيا على درب الوحدة عملا سوياً ضمن تجمع العلماء المسلمين من أجل تحقيق هذه الوحدة هما عضوا التجمع الشيخ أحمد الزين قاضي شرع صيدا والشيخ محمد القبيسي وهنا نص مقابلة الشيخ الزين.

* عندما ندعو إلى الوحدة الإسلامية يتبادر إلى أذهاننا فوراً أن هناك تفرقة وانقساماً وخلافاً، فلنبدأ من اللحظة الأولى، على ما توحدنا وكيف اختلفنا وكيف سنتوحد؟

ـ تبدأ فكرة الوحدة عندنا من التوجه إلى الله تبارك وتعالى بالوحدانية التي تجمع الخلائق جميعاً. ابتداءً من السماوات والأرض وما بينهما ـ على تسبيح الله عزّ وجلّ، والتي تدعو البشرية ـ على اختلاف ألوانها وأجناسها وقومياتها ـ للتوجه نحو الله تبارك وتعالى، كما توحدها في تطلعها إلى إله واحد في مواجهة الوثنيات التي تقسم الناس وتشرذمهم، من هنا كانت الدعوة للوحدة الإسلامية جزءاً أساسياً من عقيدتنا، وليس معنى هذا أن الوحدة ستلغي التنوع بين الناس أفراداً وأوطاناً وقوميات وأجناساً، فعقيدتنا تعترف بهذا التنوع في تفصيلاته وجزئياته ويتجلى ذلك في خطابه تعالى للناس:  ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. وفي قوله عزّ وجلّ أيضاً:  ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾ هذا النداء الإلهي يقر بوجود التنوع والتعددية، لكن في إطار توجهها لإله واحد يجمع بين الناس ولا يفرق، باختلاف الألسنة والعقول والألوان والأعراق والحضارات، من آيات الله و ليست سبباً للتفرقة بين الناس والبعد عن الوحدة، هذا إذا ما التفت الناس وتطلعوا إلى إله واحد، لذلك نجد أن الإسلام يعترف من ناحية بالتعددية والتنوع بين الخلائق ومن ناحية أخرى يدعو المسلمين لأن يكونوا أمة واحدة  ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون﴾ِ  كما يدعوهم للاعتصام بحبل الله  ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾.

فتأتي الخطوة الأولى بالدعوة للمؤمنين كي يتحدوا لتعقبها خطوة أخرى للناس جميعاً على اختلاف دياناتهم لينضووا تحت راية الإنسانية، من هنا علينا أن نفهم موضوع الوحدة الإسلامية فهماً شرعياً وإنسانياً ونتجنب الدعوات العصبية التي تدعو للتزمت والانعزال بين أهل الدين وأن نتجنب الآراء التي كانت سبباً لاختلاف المسلمين والتي كانت سياسية، كالاختلاف عل الإمامة والخلافة، مع إقرارنا بها أنها حصلت على مرّ السنين، لكنها تبقى ضمن الدائرة السياسية وأن ربطها البعض بالناحية العقائدية، إلا أنها تبقى في الناحية السياسية وخاضعة للمصلحة الآنية.

* تفرّق شمل المسلمين عبر عدة قرون من الزمن إلى عدة فرق وعدة مذاهب، فلذلك مشروع الوحدة الإسلامية يحتاج إلى إعادة بناء، وبما أن كل مشروع وكل عملية بناء تحتاج إلى ركائز، برأيكم ما هي أهم ركائز الوحدة الإسلامية وأبرز القواسم المشتركة التي يمكن أن تلتقي عليها المذاهب الإسلامية لتحقيق هذه الوحدة؟

ـ الركيزة الأولى والأهم هي ركيزة العقدة في وحدة الخالق، والتي تبدأ في وحدانية الله سبحانه وتعالى ثم تنتقل من وحدة الكون التي هي من خلق الله، حيث نرى هذا في نظام الكون وفي هذا التنسيق الذي نلاحظه بين الأشياء، وفي التكامل الذي نراه بين جميع الخلائق، ونرى هذه العلاقة أيضاً بين تكوين الإنسان وبين حاجاته وسائر الموجودات المحيطة به، وهذا التكامل إن دلّ على شيء فإنما يدل على الوحدة في النظام والتي تؤدي في النهاية إلى وحدة المنظم والخالق، وبهذا العمق تأتي الركيزة الأول بالوحدة، وحدة الخالق.

ـ الركيزة الثانية، الوحدة الإنسانية، فنرى الإسلام يخاب الناس جميعاً، فالكثير من الآيات القرآنية تخاطب الناس  ومخاطبة الناس تدل دلالة واضحة على الوحدة بين جميع الناس وعلى وحدة الإنسانية ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.

ـ الركيزة الثالثة، وحدة الديانات السماوية، فالإسلام كما نعلم ليس ديناً منحصراً بنبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هو الدين الذي أنزله الله تبارك وتعالى على جميع الأنبياء والرسل منذ آدم عليه السلام حتى خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك تحققت الوحدة بين الديانات السماوية التي يشكل الإسلام حلقتها الأبرز والأخيرة، ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿ قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

ـ الركيزة الرابعة، الوحدة بين المؤمنين والمسلمين ويتجلى ذلك في أمر الله تعالى لهم بالاعتصام بحبل الله جميعاً ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون﴾ِ.

هذه الركائز الأساسية التي جاء بها الإسلام والتي تتجاوز الفروقات اللونية والعرقية والقومية والوطنية، جاءت لتجمع الناس في أمة واحدة، يتوجهون إلى رب واحد، ويتلقون من هذا الإله العظيم شرعاً واحداً يتمثل ذلك بالأحكام المستنبطة من كتاب الله ومن سُنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن اجتهاد الأئمة والعلماء في الأمور التفصيلية التي لم يرد ذكرها في الكتاب أو السُنَّة.

* ما زال القرآن الكريم منذ أن نزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يصدح بآيات الوحدة وما زال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يدعونا ـ بصراحته الكبيرة ـ للالتفاف حول خير الأمة، فكيف ترون هذا التعدد الفكري وهذا التنوع الثقافي هل هو لخير هذه الأمة ويعطيها غنًى أم يزيد في انقسامها واتساع الهوة ين مذاهبها؟

ـ علينا أن نميز بين الدعوة للوحدة والدعوة لإلغاء التمايز والتنوع والتعددية بين الأفراد والأوطان والقوميات، فالدعوة للوحدة لا تلغي الاختلاف في الفكر والتباين في الألسنة، وإنما تجمع الأفراد والأوطان والقوميات والأمم على اختلاف أجناسها وألوانها وأعراقها ضمن دائرة الإيمان والتوجه إلى الله تعالى، من هنا نرى علماء المسلمين من مختلف التخصصات يلتقون جميعاً ضمن الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية وإن اختلفت قومياتهم، فنرى ابن خلدون إلى جانب الزمخشري، إلى جانب الغزالي، إلى جانب المفيد والصدوق كل هؤلاء العلماء وإن اختلفت جنسياتهم وأفكارهم إلا أنهم اشتركوا جميعاً في بناء حضارة واحدة تنطلق من فكرة التوحيد وتدور حول كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، من هنا، علينا أن نفرق بين الدعوة للوحدة الإسلامية التي تجمع المسلمين مع تنوع أفكارهم وألوانهم وألسنتهم وأذواقهم وبين الدعوة التي يظن بها البعض أنها تجعل المسلمين في قالب واحد وفي فكر واحد أو في مذهب واحد.

* دعيتم إلى التعدد ولم توافقوا على صب المذاهب الإسلامية في مذهب واحد، فإن لم يكن الهدف من رفع شعار الوحدة تهذيب هذه المذاهب وصبها في مذهب واحد، إذاً ما هو الهدف الحقيقي للوحدة الإسلامية، هل هو في البحث عن أرضية مشتركة بين معتقدات وفقه المذاهب الإسلامي أم بلورتها في حالة سياسية شبيهة بالأحلاف السائدة في العالم وبين الدول، وهل هذا النوع من الوحدة يحقق وحدة حقيقية برأيكم؟

ـ أولاً: يجب أن ندرك معنى الوحدة الحقيقية، الوحدة الحقيقية هي أن نلتقي على وحدة تجمع الأمة في عقيدة واحد وشريعة واحدة، لكن على أن لا يلغي أحدنا الآخر، فكل مذهب يدّعي، وكل فئة تدّعي أن الجوهر عندها وأن الحق إلى جانبها، وتأتي فئة جديدة لتقول أنا أريد أن أجمع الأمة على هذا الأمر الجديد، وهذا الجوهر، وإذا بها تضيف إلى القديم جديداً، هناك اختلاف يجب أن نقر به، لكن يجب أن لا يخيفنا ولا يباعد بيننا، هناك اختلاف بين الأخ وأخيه في البيت الواحد، وهناك اختلاف بين هذا الفقيه وذاك، وكل يدّعي الحق إلى جانبه، ولكن لا يمنع هذا من التقاء الجميع على جوامع مشتركة وأريد أن أذكر حادثة حصلت معنا حيث اجتمعنا في دار الفتوى وطُرح موضوع الوحدة بين السُنَّ والشيعة ففي الجلسة الأولى والثانية والثالثة أخذوا يبحثون في موضوع الأذان، هل نقول حي على خير العمل أو نلغيها من الأذان، وبحثوا في موضوع المسح على الرجلين في الوضوء.
أعتقد إن هذه الأمور لا توصلنا لأي وحدة لأن لكل مجتهد رأياً ولكل مذهب سنده، أرى أن هذه الآراء على اختلافها تغني الفقه والتشريع، فعلينا أن لا نخافها، تعالوا ننظر إلى الأدوار التي تجمّع وتوحّد والتي تؤمن المصلحة للجميع، هناك العقيدة في التوحيد، هناك الإيمان بكتاب واحد، الإيمان بنبي واحد، الإيمان بسائر الأنبياء والرسل، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالجنة والنار، الإيمان بأركان الإسلام، فقط الإسلام لماذا أنت تسبل يديك في الصلاة وأنا اكتفهما، ونتفق على خلاف بيني وبينك لأجل ذلك، فلندع الأمور التي تفرّق بيننا جانباً ونلتقي على الأمور التي تجمّع بيننا وتوحّد وما أكثرها، وليحتفظ كل منا بما لديه من أعراف واجتهادات، وليس معنى هذا أن لا نتطلع على ما يملك كلٌّ منا من آراء واجتهادات ونتعرف إليها، ولكن لا أن يكفر بعضنا بعضاً، ولا أن يلعن بعضنا عضاً، ولا أن نضع بيننا السدود والفوارق التي تبعّد بيننا، فأمور كثيرة يمكن أن نلتقي عليها في الدين ثم نخطو الخطوة التالية لنرى أن مصلحة السُنَّة بمذاهبها ومصلحة الشيعة أو الزيدية أو مصلحة المسيحيين ومصلحة الكل أن نلتقي ونوحد أنفسنا بوجه عدو طامع بمياهنا وبترابنا وبقرارنا السياسي، ونواجهه المواجهة الحضارية والمواجهة التي تؤمن لنا نصرنا عليه، وإذا ما فكرنا بالانقسام والتفرقة فإننا لن نستطيع أن نواجهه، ولك تفرقة. أقولها بصوت عالٍ. كل دعوة للتفرقة بين المسلمين وبين المواطنين في لبنان هي لمصلحة إسرائيل، كل دعوة للتفرقة بين المسلمين خاصة، بين السُنَّة والشيعة، بين المسلمين والمسحيين هي لمصلحة ولخدمة إسرائيل، لماذا؟ لأن هناك اختلافاً بين الناس، هذا أمر طبيعي، ولكن علينا أن نلتقي جميعاً لمواجهة العدو، وهناك جوانب كثيرة نلتقي عليها. ولا حياة للمسلمين إلا بالوحدة وسيضطر المسلمون إلى التوحد إذا ما تطلعوا إلى حياة حرة كريمة، ولا ملاذ ولا نجاة لهم إلا بالوحدة وإلا ستضيع قيمهم ويلغى إنسانهم بالإضافة إلى ضياع ثرواتهم وأوطانهم لأن المسلمين بالوحدة يؤمّنون الحماية لإنسانهم وألأطانهم وثرواتهم. في عصر يتوحد العالم على سوق عالمية اقتصادية واحدة. والمسلمون بشخصيتهم المميزة وبما يحملون من عقيدة وقيم لا يستطيعون ولن يستطيعوا وهم متفرقون أن يواجهوا هذه الهجمة الشرس الاقتصادية والاستعمارية، فالوحدة أراها بالنسبة للمسلمين قضية حياة أو موت، والإمام الخميني طرحها من ذوقه العرفاني ونشكر الله على أن السيد الخامنئي حفظه الله يسير على ذات الطريق.

* الوحدة الإسلامية هي مصارحة بعضنا البعض بعيداً عن التقية والتكفير، وكل مذهب يكفّر الآخر، والوحدة الإسلامية هي روحية ترتبط بالوجدان الإسلامي قبل أن تكون مشروعاً، برأيكم لماذا لم نستطيع حتى الآن لا تحقيق معنى الوحدة الإسلامية فقط، ولكن معنى قبول الآخرين في الخطوط الإسلامية الواحدة، ولماذا نخاف أن تنفتح قاعدتنا السُنيّة على قاعدتنا الشيعية أو العكس؟

ـ الحل الوحيد لتحقيق وحدة إسلامية هو المصارحة بين المسلمين واعتراف كل منا بالآخر ولنكن صريحين، الاختلاف موجود منذ عهد الخلفاء الراشدين، في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان الوحي هو الذي يبت بأي خلاف وبأي سؤال يطرح، كان الوحي يتنزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السماء ويبت كل هذه الخلافات، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واستلام الصحابة الخلافة والإمامة بدأ الخلاف وهذا الخلاف أمر واقعي لا نستطيع أن ننكره، فإن كان الخلاف متعلقاً بالأمور الاجتهادية والمعاملات بين الناس فهذا خلاف لا ضرر فيه بل بالعكس هو يعطينا أكثر من رأي ويفسح المجال للعلماء أن تجتهد وتضيف إلى الفكر الإسلامي فكراً جديداً، ولهذا علينا أن نتقبل وأن نرضى بهذه الآراء الاجتهادية المتعددة وأن لا نقبل أن تكون هذه الآراء سبباً للاختلاف بين المسلمين، ومن أسباب الخلاف أيضاً الناحية السياسية، الاختلاف على الإمامة وعلى الخلافة وعلى الفقه هذه الناحية كذلك علينا أن نقر بها أنها حصلت على مر السنين ولكنها تبقى ضمن الدائرة السياسية وإن وضعها البعض وربطها بالناحية العقائدية إلا أنها تبقى في الناحية السياسية خاضعة للمصلحة الآنية، حينما قال المسلمون بأن الإمامة والخلافة يجب أن تكون في فلان وليس في فلان يتوخون بذلك الأمر الشرعي والمصلحة الإسلامية، الآن هذه الخلافات السياسية والتي يربطها البعض بالناحية العقائدية مضى عليها الزمن والآن نحن بحاجة للتفتيش عن المصلحة الإسلامية التي تهم الجميع، أنا لا أقول بأن علينا أن نغيّر من آرائنا في التاريخ وفيما مر من مشاكل سياسية في الماضي، لا، لكني أقول علينا أن لا ندع للاختلافات التي مضى عليها الزمن أن لا ندعها تؤثر في حياتنا وفي المصلحة الإسلامية العليا، لنعمل جميعاً اليوم لنصرة الإسلام والمسلمين، لمواجهة العدو الإسرائيلي، لبناء وطن يتكافىء أبناؤه وتعمه العدالة والحرية والمساواة، لماذا ندع الاختلافات في القرون الماضية تؤثر على واقعنا في الحاضر، تقول لي أنا أختلف معك لأنك مع علي وأنا مع أبي بكر، أقول لك تعال وأنت مع علي وأنا مع أبي بكر، تعال التقي وإياك على التوحيد في كتاب الله وهدي رسول الله ونصرة الإسلام ومواجهة إسرائيل وتبقى أنت مع علي وأنا مع أبي بكر أو أبقى أنا وإياك نلتقي على أبي بكر وعلي وهدي رسول الله، الذي أريد أن انتهي إليه أن الخلافات السياسية وحتى المرتبطة منها بالناحية العقائدية يجب أن لا تؤثر على المصلحة الإسلامية العليا والتي منها دعوة المسلمين إلى الوحدة، يأتي من يقول لي بصراحة، كيف تدعوا للالتقاء مع من نختلف معهم في الإمام علي وأبي بكر ومن يسب الصحابة ويلعن محمداً وأبا بكر، أقول هذه الأمور دعوها للتاريخ، فليؤمن كل منا بما يؤمن في التاريخ وتعالوا نلتقي على ما يجمع بيننا من قيم إسلامية ومن مصلحة، لندع الخلافات التاريخية جانباً ونلتقي على ما يحقق مصلحتنا في الحاضر في نصرة ديننا وفي مواجهة العدو.

* أين تجدون دور الجمهورية الإسلامية وخصوصاً الإمام الخميني ومن بعده الإمام القائد الخامنئي في تحقيق هذه الوحدة وفي البعد عن الخلافات التاريخية والالتقاء على مصلحة الأمة الإسلامية في الوقت الراهن، وخصوصاً أمام التحديات الكبيرة التي تواجهها الأمة مثل العولمة والاتحاد الأوروبي والنظام العالمي الجديد؟

ـ لقد خطت فكرة الوحدة الإسلامية خطوة واسعة بإطلالة الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني بعد أن كانت الدعوة إلى الوحدة دعوة يطلقها العلماء وبعض الأحزاب الإسلامية انتقلت هذه الدعوة لتصبح دعوة دولية تتمثل في سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تدعو الجميع للوحدة ولتحرير القدس الشريفة، هذا برأيـي قفزة كبيرة وواسعة على طريق الوحدة الإسلامية ومن أجل هذا حوصرت الجمهورية الإسلامية بكل الوسائل.
وأرى أن الجمهورية الإسلامية في ثباتها وفي استمرارها للدعوة للوحدة وخروج هذه الدعوة من حيز العواطف والوجدانيات إلى العمل السياسي والاقتصادي إنما يشكل خطوة وحدوية كبيرة ومن آثارها ما نرى من دعم المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان ومن مساندة الأخوة في حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين والكثير من الشعوب الإسلامية في العالم وكل هذا نتيجة الإطلالة الوحدوية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكما قلت لا بد أن يأتي اليوم الذي يقر فيه المسلمون من سائر أنحاء الدنيا بضرورة التوحد وتنفذ الوحدة الإسلامية التي دعا إليها الإسلام بما يرون من مصلحة لهذه الوحدة ولأن العالم برمته يسير نحو التوحد ولأن حماية المسلمين لأوطانهم وقومياتهم وثرواتهم لن تتم إلا بتعاونهم ووحدتهم والتكامل فيما بينهم.
وبدون التعاون بين المسلمين وبدون القرار السياسي المبني على الأخوة بين المسلمين سيخسر الجميع، سيخسرون ثرواتهم وسيخسرون قيمهم وإنسانهم.

* هذه الوحدة يلزمها مرجعية وقيادة ألا ترون أن مصلحة المسلمين ومصلحة الأمة الإسلامية في توحدها هي أن تجتمع حول مرجعية واحدة.

ـ القيادة هي عمل شرعي، الشرع دعا إلى القيادة وتمثل ذلك في دعوة القرآن الكريم حين يقول تبارك وتعالى:  ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُون﴾َ فالقرآن الكريم يدعو للقيادة الواحدة وإلى العمل القيادي، والسُنَّة المطهرة كذلك تدعونا إلى القيادة الواحدة وتمثل ذلك في قيادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في مكة والمدينة وفي الخلفاء الراشدين من بعده وفي إمامة الإمام علي عليه السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام، والشرع يؤكد دور القيادة وحاجة المسلمين للقيادة، والعمل السياسي والاقتصادي والتربوي وبديهيات الأمور تقول أن لكل عمل قائد فأية مؤسسة لا يمكن أن تضمن، لها النجاح إلا إذا جئت لها بالقياد الصالحة لهذا كان لا بد من هذه القيادة والآن تتمثل القيادة في السيد القائد الخامنئي حفظه الله في الجمهورية الإسلامية، هذه القيادة التي تلتزم بمشروع الدولة الإسلامية وبمشروع الوحدة الإسلامية وبتحرير القدس الشريفة ولا مانع من أن تنضم لهذه القيادة سائر القيادات الإسلامية ويلتفت الجميع للقرار السياسي الواحد والقرار الإسلامي الواحد ضمن صياغة معينة تمثل وحدة القيادة، تتمثل فيها سائر الشعوب الإسلامية والدول الإسلامية، المهم أن نصل إلى القرار الواحد سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو تربوياً والآن تتمثل هذه القيادة بالإمام الخامنئي حفظه الله.

* هل ترون أن للمقاومة الإسلامية دوراً في استنهاض حركة الوحدة الإسلامية كما كان لها الدور الأكبر في انطلاقة الانتفاضة الأبية في فلسطين المحتلة؟

ـ آن لنا أن نغير أسلوبنا في نمط الأشياء وفي تعاطينا مع الأمور، آن لنا أن ننتهي من دور المزايدات والأقاويل والكلام المجرد والخطب وأن نخلص إلى دائرة التنفيذ العملي الواقعي، وإذا كان للمقاومة من أثر حسن وجيد فهو في تجسيدها للعمل الإسلامي الذي تجاوز الكلام المجرد والمعاني البعيدة عن الواقع، المقاومة الإسلامية أعطت النموذج الطيب للعمل السياسي والجهادي والوحدوي الإسلامية، مساندة الجمهورية الإسلامية في إيران للمقاومة هو عمل وحدوي، فما الذي يفرض على الأخوة في إيران هذا التأييد والمساندة للمقاومة في جنوب لبنان أو الأخوة في فلسطين المحتلة، بمعنى الخروج بالعمل الإسلامي إلى الأسوة وإلى القدوة وإلى الواقع، وأن ننتهي من التنظير.

نحن الآن بحاجة لمن يطرح نموذجاً طيباً للشخصية الإسلامية وللقيم الإسلامية وللمجتمع المسلم، كما فعل ذلك سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مجتمع المدينة حينما كان الناس يسألون كيف الإسلام وأين الإسلام، كان يشار إلى مجتمع المدينة المنوّرة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

ونحن حين ننظر للمقاومة الإسلامية ننظر إليها باعتبارها النموذج الطيب للعمل الإسلامية الجهادي المنطلق من القيم الإسلامية الرفيعة في الدفاع عن الوطن وعن الكرامة وعن العرض في مواجهة العدو الإسرائيلي، وهكذا ننظر إلى الأخوة في حماس وفي الجهاد الإسلامي وفي الانتفاضة داخل فلسطين باعتبارها النموذج الطيب للشباب المسلم الذي تجاوز فكرة الدفاع والثناء على الإسلام إلى تجسيد الإسلام في البذل والتضحية والجهاد.

 

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل