ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً يتضمن مقتطفات من كلام الإمام الخامنئي على مر السنوات الماضية حول أهمية جهاد التبيين والوقوف بوجه تحريف العدو للحقائق، ويلفت سماحته إلى أن الفكر الإسلامي يتعامل مع الأذهان والقلوب ويحاول إقناعها لكي يستنهض الأجسام ويحفزها على العمل، وهنا تكمن أهمية جهاد التبيين.
خَلْق عقيدة عامة
إن من أهم أساليب وسبل حركة الثورة الإسلامية هو التبيين: «في النضالات الإسلامية، التبيين مهم للغاية على أي حال» 3/5/2008. «كان عمل الثورة من الأساس قائماً على التبيين والتنوير والتعبير المنطقي والمستدل وبعيداً عن الجلبة» 7/4/2011، بينما «الفكر الماركسي في ذلك الوقت لم يكن يعتقد بالتبيين؛ كانوا يقولون إن النضال سُنّة وسوف يتحقق، سواء قلتم أو لم تقولوا» 3/5/2008. لذلك «كانت مسألة التبيين إحدى الاستراتيجيات الأساسية لعملنا منذ البداية» 4/7/2011، وعلى هذا الأساس أيضاً انتشر الفكر الثوري: «بالتأكيد لن تنجح أي فكرة ولا فكر متقن في الانتشار ولن يجري الاعتقاد بها لدى العموم، بدون التبيين والتبيين البليغ» 5/7/2010.
من حيث الخلفية الدينية والعقائدية، فإن أصل الدعوة في صدر الإسلام كانت تقوم على التبيين: «التبين والتوضيح من أهم مهام الأنبياء. أعداء الأنبياء يستخدمون الجهل والطمس» 5/5/2016. كان تبيين الحقائق بارزاً جداً في السيرة العلوية: «انظروا إلى خطب نهج البلاغة، كثير منها تبيين لحقائق كانت موجودة في المجتمع في ذلك اليوم» 9/20/2016. وكان التبيين أيضاً المبدأ المهم للثورة الحسينية: «يجب ألّا يُعرف الإمام الحسين فقط من خلال معركة يوم عاشوراء؛ فذاك جزء من جهاد الإمام الحسين ع. يجب معرفته من خلال تبيينه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وتوضيح مختلف القضايا في منى وعرفات من خلال توجيه الخطاب إلى العلماء والنخب» 27/7/2009. لذا فإن «الجهاد ليس مجرد حمل السيف والحرب في ساحة القتال. الجهاد يشمل الجهاد الفكري، والجهاد العملي، والجهاد التبييني والتبليغي، والجهاد المالي» 18/5/2016.
والنقطة المفتاحية أنه في حال غياب التبيين فإن الفرصة ستفتح للعدو لإغواء وتضليل الناس في مختلف المجالات، وكان إنتاج تنظيم «داعش» الأخيرة أحد الأمثلة على هذه المسألة في السنوات: «اليوم، لأننا لم نقم بواجب التبيين بنحو صحيح، هناك مجموعة أصيب بالضلال ويتصورن أنهم يعملون من أجل الإسلام، لكنهم يعملون ضد الإسلام… إنهم يحاربون المسلمين بدلاً من العدو» 18/5/2016.
يجب أن يكون التبيين احترافياً
«هناك حقائق كثيرة يجب أن يتم تبيينها» 27/9/2021. أهم القضايا والظواهر التي هناك أهمية في تبيينها، و«ما هو ماثل اليوم أمام شعبنا عبارة عن تبيين معارف الثورة الإسلامية» 26/2/2019. لا يجوز السكوت أمام تحريف حقائق الثورة: «اليوم كل الناس مسؤولون، وإذا رأوا أن الحقائق ومُحكمات الإسلام والثورة يتم تحريفها، فمن واجبهم أن يُبيّنوا. يجب ألا يسكتوا» 4/6/2001.
أيضاً، يجب أن تُبيّن للناس القضايا الجارية في البلاد، وهي من الواجبات المهمة لطلاب الجامعات: «قولوا مواقفكم وآراءكم بشأن القضايا المهمة للبلاد؛ بيّنوا ما يتعلّق بقضية الاقتصاد المقاوم، وقضية التقدم العلمي، والعلاقة مع أمريكا. فهي ليست واضحة للكثيرين» 2/7/2016. ومن القضايا الأخرى المهمة للبلاد: «قضية نمط العيش الإسلامي-الإيراني التي طرحناها سابقاً، إنها قضية جديرة بالبحث والدراسة، قوموا بتبيينها، عملياً بأنفسكم وأيضاً تبيينياً. قضية الثقافة هي إحدى القضايا المهمة، اعملوا على تبيينها» 2/7/2016.
طبعاً، في ميدان جهاد التبيين «إن الإهتمام باحتياجات اليوم والإبداع في الأدب والأساليب بما يرضي قلوب وعقول المخاطبين» 19/8/2018 هو من الشروط اللازمة وينبغي الاستفادة من قابليات الفن مثل المديح والشعر: «أدرجوا أهداف الثورة في الشعر برؤية واضحة، وفكر منفتح وعميق، وألقوها في المجالس والمحافل بأصوات حسنة وألحان جميلة وبأساليب فنية» 26/2/2019.
سُبُل «رفع مستوى البصيرة» و«صناعة الخطاب»
الطلاب والجيل الشاب لديهم أدوات مختلفة لأداء واجب التبيين: «المنشورات الطلابيّة هذه شيء جيد … لينشروا استدلالاتكم الثورية هذه حتى يتمكن الناس من قراءتها» 02/07/2016. سبيل آخر هو أن «يتم التنسيق مع خطباء صلاة الجمعة، بحيث تكون الخطبة التي تُلقى قبل خطبة الجمعة، مخصصة أحيانًا لطلاب الجامعات، بحيث يقوم بعض الطلاب الجامعيّين ممن لديه مهارة البيان والإلقاء، مدعومًا من جموع الطلاب ويُحضّر نصًا جيدًا ويلقيه في مراسم صلاة الجمعة» 02/07/2016. «هذا التبيين في صلاة الجمعة وأمثالها يصنع “خطابًا” يوجد فكرًا ومطالبة عند الرأي العام وهذا ذو قيمة عالية» 02/07/2016. الفضاء المجازي هو ساحةٌ أخرى للتبيين: «جهّزوا أنفسكم بالمعنى الحقيقي للكلمة وادخلوا هذا الميدان، ميدان التبيين والكشف… يمكنكم نشر الأفكار الصائبة والصحيحة، والإجابة عن الإشكالات والإبهامات المختَلَقة في هذا الفضاء، يمكنكم الجهاد في هذا المجال بالمعنى الحقيقي للكلمة» 27/09/2021.
الابتعاد عن الخلافات والنهج اللأخلاقي
ولكن للتبيين أيضاً إلزاماته، والتي يُعد مراعاتها شرطًا لفاعلية الكلام الحقّ: «بالطبع، إن المبدأ الحاسم في هذا الشأن هو ضرورة اتباع نهج أخلاقي في أداء هذا العمل. علينا أن نجتنب بشدة ما يفعله بعضهم في الفضاء المجازي أو المطبوعات والمقالات وهنا وهناك من مواجهة للرأي العام بالسّباب والافتراء والخداع والكذب»27/09/2021. فالتبيين يحتاج إلى وعي وعقلانيّة: «لا بدّ من نشر الحقائق بمنطق قوي وخطاب متين وعقلانية تامة، مع تزيينه بالعاطفة والمشاعر الإنسانية وتطبيق الأخلاق. علينا جميعاً اليوم أن نتحرك في هذا الميدان. كل واحد بطريقةٍ وبالسَّهم الذي لدينا في هذا الطريق»27/09/2021. تبيين الحقائق لا يتحقّق بالضجّة والصخب: «إنني أشاهد أحياناً جماعة وأناساً وشباباً قد يتسمون بالإيمان والصلاح، ولكنهم إذا ما عارضوا شخصاً أو اجتماعاً، أثاروا الضجيج والصخب وقاموا بإطلاق الشعارات والهتافات، وأنا أرفض ولا أؤيّد مثل هذه الممارسات التي لا طائل من ورائها، ولطالما أوصيت الذين يقومون بهذه الأعمال [بالإعراض عنها] منذ زمن بعيد… هذه ممارسات لا فائدة ولا جدوى فيها، وإنما الفائدة تكمن في التبيين والعمل السليم المتسم بالذكاء والوعي، وهذا هو الذي يحقق النفع والفائدة. أحياناً يقوم البعض بهذه الممارسات عن سوء نية، ويحمّلون مسؤوليتها الشباب المؤمن والحزب اللهي، فكونوا على حيطة وحذر تجاه ذلك» 23/05/2016. في الحقيقة إن ذلك المكان الذي يُثار فيه الضجيج والصخب ليس مكاناً للتبيين: «إن تكليفنا الأساس هو التبيين، ولا بد لنا من التصدي لذلك. بيد أن هذا التبيين قد يتم بأشكال مختلفة، فإن كان بالشكل الذي يؤول إلى تأجيج الفتنة وإثارة الصراع، فهو مرفوض، وإن كان بالشكل الذي يؤدي إلى توعية الناس وتنبّه المسؤولين إلى طرق الحلّ، فهو مطلوب للغاية ولا يوجد فيه إشكال» 10/03/2016.
المهمة التي تقع على كاهل المسؤولين …
بطبيعة الحال، فإن المسؤولين والمديرين في البلاد لديهم أيضاً واجب تبييني. قد يحتار الناس حول بعض قرارات المسؤولين وسياساتهم «غالباً ما يكون للأجهزة المختلفة سياسات بعضها يجري الاحتجاج عليه من الخارج دون سوء نيّة، [لكنهم] يحتجون لأنهم غير مطّلعين، أي لا يعرفون الجوهر لهذا القرار أو أسبابه. ولأنهم لا يعرفون، يحتجون. حسناً! اشرحوا لهم. هناك بعض الأشياء التي يجب تبيينها وقولها» 27/09/2021. يجب أن يبتعد مسؤولو النظام عن أي نهجٍ معاد للاحتجاجات والشبهات، وأن يضعوا الرد بنهج التبيين في جدول أعمالهم: «بالطبع يمكن التعامل بطريقتين مع الانتقادات التي تُوجّه للحكومة من قبل وسائل الإعلام والجرائد أو بعض المراكز الحقوقية. الأولى: تتمثّل في أسلوب التبيين والتوضيح، وهي طريقة جيّدة. الثانية: هي النزوع نحو المخاصمة وهي ليست جيّدة. لا يكن الأمر هكذا بأن تقولوا: بما أنّهم يهاجمون الحكومة، بما أنّ الانتقاد مُغرض، ينبغي أن نتعامل معهم هكذا. كلا، بيّنوا المسائل، فالتبيين أمر ضروري. أسلوب التبيين هو هذا، بيّنوا المسائل في لقاءات عامّة مع الناس، أوضحوا ما يجري، فلتُطرح الأسئلة وأنتم قدموا الإجابات، هكذا يكون التبيين، وكذلك يتم عرض هذا في وسائل الإعلام. إذا تم التبيين بشكل جيد، فلن يصل غرض المغرضين إلى نتيجة» 28/08/2011.
علينا أن نتحرّك جميعاً في ميدان التبيين
«من الضروري أيضاً بيان الحقيقة ورفد الجماهير بالمعلومات، وهذا مما لا ينبغي نسيانه وترك الجماهير تدور في حالة من الغموض.. هذا هو أساس العمل حيث نبادر ونقوم ببيان الحقيقة، فبدون بيان الحقيقة سيبقى الرأي العام يدور في دوامة الظلام، وتبقى الأجواء ملبّدة بالغبار فيستغلها العدو» 28/08/2011، «ومن يفلح في تحريف الحقائق أمام الناس فهو في الحقيقة يكون قد جرّ عملهم وإرادتهم وسواعدهم نحو الانحراف، وذاك ما يطمح إليه العدو» 04/06/2001. كما ذكرنا «إنّ التبيين هو أساس عملنا. نحن نتعامل مع الأذهان، مع القلوب؛ ينبغي أن تقتنع القلوب، فإن لم تقتنع القلوب، فإن الأجسام لا تتحرك ولا تنهض للعمل؛ هذا هو الفرق بين الفكر الإسلامي والأفكار غير الإسلامية» 02/07/2016، لذلك «علينا جميعاً اليوم أن نتحرك في ميدان التبيين» 27/09/2021.