Search
Close this search box.

الشروط الشرعية للباس المسلم والمسلمة

الشروط الشرعية للباس المسلم والمسلمة

الشيخ محمد توفيق المقداد

مما لا شك فيه أن الإسلام دين شامل للحياة، فلا يهتم بجانب على حساب جانب آخر. بل يعطي لكل جانب حقه من الرعاية والاهتمام من خلال إبراز دوره والأحكام المرتبطة به حتى يكون هناك تكامل وانسجام بين كل المفاهيم الإسلامية التي لا تقبل الانفصال أو الانفكاك عن بعضها البعض.

من هنا اهتم الإسلام عبر أحكامه وأنظمته بظاهر الإنسان وباطنه، وعمل على أن تكون شخصية المسلم متكاملة من كل النواحي. ومن أهم المظاهر الخارجية للمسلم هي “مسألة اللباس” الذي هو ستر لجسد كلّ‏ٍ من الرجل والمرأة بين أفراد المجتمع. لأن اللباس حاجة ضرورية عند كل بني البشر لستر عوراتهم عن أعين الناظرين، ولذا نرى أن كل شعوب الأرض تستر أجسادها وإن كان ذلك يختلف من شعب لآخر تبعاً لقناعاته الفكرية أو أساليبه العملية في هذا المجال. من هنا فإن اللباس الشرعي في الإسلام له شروط ومواصفات لا بد من توافرها حتى يكون مقبولاً ومنسجماً مع قناعته. وشروط اللباس منها ما هو مشترك بين الرجل والمرأة ومنها ما هو مختص بالرجال، ومنها ما هو مختص بالنساء.

* الشروط المشتركة:

1- يحرم العري بالمطلق لكل من الرجل والمرأة في الإسلام.

لأن العري هو مظهر من مظاهر الجاهلية. فضلاً عن كونه يذهب بقيمة الإنسان وما يمثله من قيم ومُثُل ومبادئ سامية. وهو عبارة عن التنزل من مرتبة الإنسانية إلى مرتبة الحيوانية والبهيمية. والإنسان بطبعه ينفر من هذا المنظر الذي يتنافى وقيمة الإنسان. وإن كان للأسف صار موجوداً في عالمنا اليوم في بعض بلاد العالم البعيدة عن الالتزام بالقيم الإلهية والشرائع السماوية.

2- يحرم لباس الشهرة لكل من الرجل والمرأة.

3- يحرم على المرأة لبس الألوان الفاقعة الملفتة للنظر جداً. لأنها لا تنفك عن لفت نظر الرجال إذا لبستها النساء

بينما يريد الإسلام من أتباعه أن يكون لباسهم محتشماً وهذه الأصناف من اللباس منافية للحشمة.

وخصوصاً أنها من نوع الألبسة التي لها دلالاتها الخاصة من جهة إثارتها للطرف الآخر لما تحمله من مغريات في ألوانها الفاقعة التي لها جوُّها الخاص وظروفها الضيقة جداً في الإسلام، كما في حالة الزوجين في حياتهما الخاصة والحميمة جداً لا غير.

4- يحرم على كلّ‏ٍ من الرجل والمرأة

لبس الثياب المغصوبة أي “المأخوذة من الناس من غير وجه حق” كاللباس المسروق أو اللباس المشترى مع عدم نية دفع ثمنه أو المأخوذ قهراً من الناس. فهذا اللِّباس المغصوب وإن كان مستوفياً للشروط الشرعية إلا أنه حرام شرعاً

لأنه يتنافى مع حكم الإسلام بحرمة السرقة والغصب والاستيلاء على أموال الناس بغير وجه حق. وهذا الشرط مهم جداً لأنه يؤدي في حال عدم التزامه أن تصبح صلاة الجنسين في اللباس المغصوب باطلة شرعاً. وهذا ما يتنافى مع الشخصية المسلمة التي ينبغي أن يكون ظاهرها مؤشراً إلى حسن باطنها المراد به الإيمان والاستقامة والتقوى والتزام الأحكام الإسلامية بدقة وأمانة وصحة.

5- يحرم على المسلم رجلاً كان أو امرأة

أن يلبس اللباس الخاص بالكفار سواء بكل أصنافهم. أو لبس صنف معين منهم. فمثلاً لا يجوز للمسلم أن يلبس اللباس الخاص بالبوذيين أو السيخ أو اللباس الخاص بالثقافات المعادية للإسلام كبعض أنواع الموديلات الحديثة الخاصة بالرجل أو المرأة في عالم الغرب. لأن تقليد الآخرين في لباسهم هو نوع من التبعية لهم والترويج لعقائدهم الفاسدة ولو بطريقة غير مباشرة.

* الشروط الخاصة بلباس الرجل:

1- يحرم لبس الذهب الخالص للرجل حرمة مطلقة فلا يجوز أن يكون في لباس الرجل أي نوع من الذهب مثل الساعة أو الخاتم أو الإسورة أو العقد وحتى أزرار الثياب وكذلك الملابس التي قد تكون أحياناً منسوجة بخيوط من ذهب.

2- يحرم على الرجل لبس الثياب المصنوعة من الحرير الخالص أو الذي تكون غالبيتها من الحرير. سواء كان نوع اللباس خارجياً كالقميص والبنطال أو كان داخلياً كالسروال وما شابه ذلك.

3- على الرجل المسلم أن يكون لباسه محتشماً يتلاءم مع قناعاته الإيمانية فلا يلبس السروال القصير كما يفعل الشباب الطائش المقلِّد للثقافة الغربية المتحللة أو أن يفتح أزرار قميصه ليبدو صدره ويظهر للناس لأن هذا المظهر فيه نوع من الخفة والمهانة وهتك الحرمة للمؤمن، بينما المؤمن مطالب بأن يصون نفسه من أية مذلة أو مهانة.

كما يجب على المسلم أن تكون ألبسته واسعة فضفاضة نوعاً ما بحيث لا تبرز معالم جسده خصوصاً في أماكن العورتين.

وليس كما يفعل بعض المغرورين ممن يلبسون البنطال الضيق الذي يظهر تفاصيل عوراتهم من دون حياء أو خجل

وكأن الواحد منهم يسير في غابة أو في مكان مقفر لا يراه فيه أحد.

* الشروط الخاصة بلباس المرأة:

1- أن يكون لباس المرأة ساتراً لكل جسدها ما عدا الوجه والكفين حيث يجوز لها إظهارهما ولا يجب عليها سترهما.

ويجب أن يكون اللباس غير شفاف بحيث لا يرى الناظر ما تحت الثياب وإلا صار لبسه حراماً لأنه لا يكون ساتراً لمفاتن المرأة وجسدها، وقد قال تعالى في ذلك ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (الأحزاب/59).

فالستر للمرأة هو حصانة لها وهو الموافق لفطرتها وطبيعة تكوينها لما ميزها اللَّه به من حياء وعفة وخجل.

بحيث لا تسمح لها هذه الأشياء الجميلة من أن تبرز جسدها وتعرض مفاتنها أمام الغريب أو القريب من غير المحارم. وبهذا تفترق المرأة المسلمة عن نساء الآخرين الذين لا يشترطون في لباس المرأة هذا الشرط الشرعي مما أدى مع مرور الزمن إلى الإباحية المطلقة التي نراها اليوم بحجة حرية المرأة أو تحررها لا فرق. وصارت سلعة معروضة للبيع والشراء في سوق النخاسة العالمي الجديد والذي هو أسوأ من الأزمنة التي كانت تباع فيها المرأة. لأن في تلك الأزمنة وإن كانت المرأة تباع أحياناً لكنها كانت مصانة ومحفوظة في إنسانيتها وعفتها وطهارتها وليس كما هو حال المرأة اليوم.

2- أن يكون ثوب المرأة الساتر لجسدها واسعاً فضفاضاً

لا تظهر معه تفاصيل الجسد كما تفعل بعض البنات ذلك للتباهي بجسدهن. فاللباس الفضفاض يبعد أعين الفضوليين والفاسقين ممن لا يلتزمون بالآداب والأخلاق الإسلامية. ولكن مما يؤسف له اليوم أن بنات المسلمين ونساءهم لا يتورعون عن هذه الأنواع المخجلة من الثياب ولا يستحين من إظهار وسط أجسادهن وكأن الأمر عادي جداً ولا غبار عليه من دون عفة أو حياء تقليداً لنهج المرأة الغربية التي باعت نفسها للشيطان وأتباعه.

3- يحرم على المرأة التزيُّن أيضاً وهو من توابع اللباس كلبس الخاتم والإسورة والعقد وكذلك وضع المساحيق للتجميل على وجهها خصوصاً على العينين أو الشفتين أو الخدين. لأن هذا يتنافى مع كرامة المرأة المسلمة وعفتها ومع التزامها بالإسلام وأحكامه في هذا المجال، لأن التزيُّن له حالات محدودة يجوز للمرأة فيها فعل ذلك. كما في تزيُّن المرأة المتزوجة لزوجها، أو كما في حفلات الأعراس الخاصة بالنساء فقط من دون الاختلاط بالرجال. أو في داخل منزلها مع وجود من لا يحرم عليها التزيّن أمامه.

أما التزيُّن والخروج به من المنزل فهو هتك لحرمة المرأة المؤمنة ومظنَّة السوء من جانب الساقطين والمنحرفين. وهو قد يكون مدعاة لفسادها لا سمح اللَّه إذا تم إغراؤها بنحو من الأنحاء بجمالها أو بزينتها. وخصوصاً إذا لم تكن الضوابط الشرعية قوية ومستحكمة في عقلها وقلبها. هذا هو بنحو الإجمال ما ينبغي للمسلم رجلاً كان أو امرأة أن يلتزم به في لباسه الذي يلبسه في المجتمع. وهذه الشروط لو تحققت كاملة في مجتمعاتنا الإسلامية لقطعنا دابر الفساد الأخلاقي والسلوكي والتربوي. ولحافظنا على مجتمعاتنا نقية من هذه العيوب والمفاسد التي ابتلانا اللَّه بها عندما انحرفنا عن ديننا وأخلاقياتنا. ولكن ما نشهده اليوم من نهضة دينية شملت حتى اللباس الشرعي للرجل والمرأة نأمل لها أن تستمر حتى نعود إلى الوضع الطبيعي والسليم لنكون مجتمعاً إسلامياً نموذجياً ومتميزاً ؟

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل