Search
Close this search box.

مظلومية المرأة عبر التاريخ

مظلومية المرأة عبر التاريخ

تتعرَّض المرأة في عصرنا الحاضر للظلم من المجتمع ومن زوجها. ولا يقتصر ظلمها على زمننا بل هي أيضاً كانت قد تعرَّضت للظلم في ماضي الإنسانية.

ولو أردنا أن نستقرأ التاريخ لطال بنا المقام إلا أننا نأتي بشواهد قليلة من التاريخ لنرى مدى فداحة ما وقع على المرأة المسكينة…. ففي سفر الجامعة من التوراة المحرَّفة:

“درتُ أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولأعرف الشَّر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون، فوجدت أمرَّ من الموت المرأة التي هي شباك، وقلبها أشراك، ويداها قيود، إلى أن قال: رجلاً واحداً بين ألف وجدتُ أمَّا امرأة فبين كل أولئك لم أجد.

وقد كانت أكثر الأمم القديمة لا ترى قبول عملها عند اللَّه سبحانه، وكانت تسمَّى في اليونان رجساً من عمل الشيطان، وكانت ترى الروم وبعض اليونان أن ليس لها نفس مع كون الرجل ذا نفس مجردة إنسانية.

وقرَّر مجمع فرنسا سنة 586م بعد البحث الكثير في أمرها أنَّها إنسان لكنَّها مخلوقة لخدمة الرجل.

وكانت في انجلترا قبل مائة سنة تقريباً لا تعدّ جزء المجتمع الإنساني. فارجع في ذلك إلى كتب الاراء والعقائد وآداب الملل تجد فيها عجائب من ارائهم”([1]).

كانت المرأة العربية في الجاهلية، أحط من أي سلعة فهي لا ترث وليس لها حق المطالبة. لأنها لا تذود عن الحمى في الحرب، وزواجها يرجع إلى أمر وليها، وليس لها حق الاعتراض ولا المشورة حتى أن الولد يمنع أرملة أبيه من الزواج حتى تعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه. هذا إذا لم يضع ثوبه عليها قائلاً: ورثتها كما ورثت مال أبي!

فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها هو بغير مهر، أو زوجها لغيره وتسلَّم هو مهرها… ولقد اشتهر عندهم وأد البنات…

وقد أشار اللَّه تعالى إلى ذلك بقوله: ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾([2]).

كانت المرأة المصرية بغاية الاضطهاد والهوان، وكانت تعامل معاملة ازدراء واحتقار كالخدم. وهي لا تصلح إلا لتدبير شؤون البيت، وتربية الأطفال!

… كان الرجل المصري يفرح إذا بُشِّر بالمولود الذكر. ويكفهر وجهه إذا علم أنّ‏ زوجته وضعت أنثى([3]).

ولم تكن المرأة عند اليونان بأفضل حال، فليست هي عندهم إلا خلقاً من الدرك الأسفل، في غاية المهانة والذل، في كل جانب من جوانب الحياة الاجتماعية، وأما منازل العز والكرامة في المجتمع، فكانت كلها مختصة بالرجل([4]).

أما في الهند القديمة، فكانت المرأة تعتبر مملوكة الرجل… ثم إنهم كانوا يقدِّمونها ضحية على نيران زوجها المتوفى أي إذا مات عنها زوجها، يحرقونها معه بالنار وهي حيَّة([5]).

ولم يقتصر الظلم على ظلم المجتمعات، بل إن بعض الفلاسفة، ظلموا المرأة بآرائهم. يقول بردون الفيلسوف الإشتراكي… إن وجدان المرأة أضعف من وجداننا، بقدر ضعف عقلها عن عقلنا.

وقال الفيلسوف روسُّو: إن المرأة لم تخلق للعلم ولا للحكمة ولا للتفكير ولا للفن ولا للسياسة، وإنما خلقت لتكون أمَّاً تغذي أطفالها بلبنها…

هذا هو ظلم المجتمع القديم وظلم بعض الفلاسفة. أما ظلم المجتمع الحديث للمرأة فإنَّه أخطر لأنه ينطلي تحت عناوين برَّاقة، المساواة، الحريَّة، العدالة، وحقوق الإنسان.

يقول سماحة الإمام دام ظله عن الظلم الحديث:

“إن العالم الاستكباري الغارق في الجاهلية يخطى‏ء عندما يتصوَّر أن قيمة واعتبار المرأة هو في تجمُّلها أمام الرجل حتى تنظر إليها العيون الطائشة وتتمتَّع برؤيتها وتصفِّق لها. وهذا الذي يطرح اليوم من قبل الثقافة الغربية المنحطّة بعنوان حريَّة المرأة قائم على هذا الأساس؛ وهو جعل المرأة معرَّضة لأنظار الرجل حتى يتمتع بها الرجل.. فتكون النساء وسيلة لالتذاذ الرجال، ويسمُّون هذه حرية المرأة. فهل هذه هي حريَّة المرأة؟

إن الذين يدَّعون حماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة في العالم الغربي الجاهل والغافل والمنحرف هم في الحقيقة يظلمون المرأة.

إن عليكم أن تنظروا إلى المرأة نظرة إنسان رفيع حتى يتضِّح ما هو حقُّها وحريَّتها وكمالها؟ انظروا إلى المرأة وكيف هي حريَّتها. انظروا للمرأة على أنَّها عنصر أساسي في تشكيل الأسرة.

… إن الظلم الذي تعرَّضت له المرأة في الثقافة الغربية والفهم الخاطي‏ء للمرأة في الثقافة والأدب الغربيين ليس له نظير في كل عصور التاريخ. فقد تعرَّضت المرأة سابقاً إلى الظلم ولكن الظلم العام والشامل يختص بالفترة الأخيرة وهو ناجم عن الحضارة الغربية، حيث اعتبروا المرأة وسيلة لالتذاذ الرجال وأطلقوا على ذلك اسم حريَّة المرأة…

هل هناك اهتمام بالجوانب الايجابية والقيم الرفيعة الموجودة في المرأة؟ هل هناك اهتمام بالعواطف الرقيقة والرأفة والطبع الرؤوف الذي أودعه اللَّه تعالى في المرأة، طبع الأمومة وروحية المحافظة على الطفل وتربية الأولاد… “.

هذا كلُّه في ظلم المجتمع أما عن ظلم الرجل لزوجته في داخل الأسرة فيقول سماحة القائد دام ظله:
“… فأولئك لا يقولون إن المرأة مظلومة في المجال الاجتماعي، ذلك لأن الظلم الأساس الذي يلحق المرأة إنما يحصل داخل الأسرة وعلى يد الزوج.

ولعلّ‏ 90% من هذا الظلم يرتكبه الزوج. لا بد من التفكير بحلّ‏ للأمر وإصلاحه، أما الظلم الذي يصدر عن الأخ والأخت والوالد وأمثالهم فليس كبيراً، وهو نادر جدَّاً… لكن الأهم هي العلاقات الأسرية… العلاقة بين المرأة والرجل والتعلُّقات الأخرى الموجودة التي تنتهي بظلم المرأة”.

 دور المرأة في الأسرة، مركز الإمام الخميني الثقافية.


([1])ميزان الحكمة، ج‏4، ص‏2868.
([2])سورة التكوير، الايتان: 9 8.
([3])المرأة في ظل الإسلام، ص‏27.
([4])أبو علي المودودي، كتاب الحجاب، ص‏29.
([5]) المرأة في ظل الإسلام، ص‏31.

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل