Search
Close this search box.

الزواج بين النظرية القرآنية والنظريات الغربية

islamasil (17)3

بقلم : زهير الأعرجي

لا شك ان نظرة الاسلام الرحيمة تجاه العلاقة الشهوية بين الذكر والأنثى وربطها بإصلاح المشاكل الاجتماعية ، تضع الاسلام على قمة المؤسسات العلاجية الهادفة لمعالجة الأمراض التي تنشئها الدوافع الغريزية البشرية .

فلكي يكون النظام الاجتماعي قادراً على علاج أمراضه الاجتماعية ، لا بد وأن يطرح اشكالاً مختلفة من الزواج بحيث تلائم مشاكل الافراد المتنوعة . وعلى ضوء ذلك ، فقد أجاز الاسلام النكاح بعقد شرعي ، وتعدد الزوجات . واعتبر ما وراء ذلك تعدياً على الحدود الشرعية وظلماً أوجب على الافراد دفعه – على الصعيد الكفائي – . ولا ريب ان إباحة هذا السلوك المتعدد كان الهدف منه معالجة المشاكل الاجتماعية التي تتركها الوحدة والحرمان . وإذا كانت النظرية الاجتماعية الغربية تدعو بكل قوة إلى الايمان ب‍ ( المذهب الفردي ) باعتباره طريقاً للعدالة الاجتماعية ( 1 ) ، فلا يحق للفرد أن يتزوج بأكثر من زوجة واحدة . . فإذا كان الأمر كذلك ، فنحن نرد على النظرية الغربية بالسؤال النظري التالي : أيهما أفضل للنظام الاجتماعي : الزواج المتعدد أو تعدد الزوجات ؟ فإذا كان الزواج المتعدد أفضل ، فلماذا كل هذه العقد

النفسية التي تحملها المرأة المطلقة أكثر من مرة ؟ ومن الذي يصبح مسؤولاً عن رعاية الأطفال المتكونين من أكثر من أب ، ومن يحفظ حقوقهم الاجتماعية ؟ بل أين الاستقرار النفسي الذي تعيشه العائلة إذا انكسرت الآصرة الجغرافية فابتعد الأبناء عن آبائهم ، والبنات عن أمهاتهن ، والإخوة عن إخوتهم ، والأخوات عن أخواتهن .

أليس هذا تمزيقاً لأواصر الأسرة الواحدة ؟ وفكرة تعدد الزوجات التي أقرها الاسلام فكرة استثنائية ، وليست أصلاً في التزويج الانساني ؛ فأغلب الافراد يكتفون بزوجة واحدة تشارك بشؤون البيت ، فتنهض الأسرة على أكتافها . اما في الأزمات الانسانية ، وتغلب عدد النساء على الرجال ، فان تعدد الزوجات يصبح نظاماً يصب لمصلحة المرأة المحرومة أكثر منه لمصلحة الرجل ؛ خصوصاً إذا ما علمنا ان تعدد الزوجات يستوجب العدالة الحقوقية والاجتماعية بينهم من قبل الزوج .

وتعتبر النظرية القرآنية ولاء الافراد تجاه بعضهم البعض في العائلة الواحدة أهم عامل من عوامل تماسك المؤسسة الأسرية . ولا شك ان أحد مناشئ الولاء الشرعي ، هو التكافل المالي الذي أمر به الاسلام . فقد أوجبت الشريعة النفقة للأصول والفروع وهم الوالدان والأولاد ، وأوجبت نفقة الزوجة مع ثبوت الطاعة والتمكين . حتى ان للمطلقة الحامل – طلاقاً رجعياً أو بائناً – النفقة حتى تضع حملها . ولا شك ان للمرأة حقها المالي في الصداق أيضاً .

والأصل في ذلك ، أن يكون للأسرة وليٌ يدير شؤونها المالية والعاطفية ، أو وصيٌ يدير شؤونها المالية ويرعى مصلحة افرادها . فقد تسالم الفقهاء على قاعدة ( امكان الالحاق ) – المذكور سابقاً – والتي تشير إلى ان المولود لا بد أن يلحق بالزوج ، حتى تنشأ فكرة ( الولاء ) من اليوم الأول الذي يرى فيه الطفل نور الحياة الانسانية . وما الرضاع والحضانة التي حدد الاسلام أنظمتها ، الا شكل من اشكال القاعدة الأساسية للولاء الاجتماعي لاحقاً . وبالاجمال فان الاسلام ربى الافراد – في الأسرة الواحدة ومن خلال التشريع – على حب بعضهم البعض ، والتفاني في مساعدة أحدهم الآخر مساعدةً تجعلهم كتلة واحدة أمام الهزات الاجتماعية والاقتصادية . ولعل أفضل تعبير يتفق عليه الفقهاء ويعكس حقيقة الولاء والحب والاخلاص في الأسرة هو ان الوصي المأذون على رعاية الاحداث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1 ) ( فريدريك انجلز ) . أصل العائلة ، الملكية الخاصة ، والدولة . نيويورك :

الناشرون الدوليون ، 1942 م .

( 1 ) الجواهر ج 30 ص 106 .

( 2 ) النور : 32 .

( 1 ) ( سورن كيركيكارد ) . « المذهب الفردي والحقيقة الموضوعية » . فصل فلسفي في

كتاب ( الأسئلة الثابتة في الفلسفة ) . تحرير : ميلفن رادر . نيويورك : هولت ،

راينهارت ، وونستن ، 1980 .

( 1 ) ( مي برودبك ) . « المذهب الفردي الطريقي : تعريف واختزال » . مقالة فلسفية

في مجلة ( علم الفلسفة ) الأمريكية ، مجلد 25 ، عدد 1 ، 1958 م .

(

للمشاركة:

الأكثر قراءة

اشترك ليصلك كل جديد

اكتب ايميلك في الأسفل