علي المؤمن
▪️ نلاحظ ــ على المستوى الأخلاقي العام ــ تكريس ظاهرة غربة الأخلاق وتغرّبها في مجتمعات المسلمين، من خلال مجموعة من المظاهر القاتلة، أهمها: الانتشار الواسع لما يعرف بمجتمعات الشباب، والمراقص والحفلات الماجنة، وعلب الليل وأماكن الدعارة، وحانات الخمور، والشواطئ والمسابح المختلطة، والأزياء، والأسماء والمسميّات الشخصية والعامة الغربية، والعلاقات المفتوحة بين الرجل والمرأة، والاختلاط بين الجنسين في مختلف الأماكن والميادين، والسفور، ووسائل الإعلام الماجنة، ومراسم عرض الأزياء، وحفلات اختيار ملكات الجمال، والتي حوّلت – بمجموعها – المرأة إلى سلعة تباع أجزاء منها وتشترى، كما يحدث في الغرب تماماً.
▪️هذا فضلاً عن ظواهر أخرى تعادلها أو تزيد عليها في الخطورة، أهمها الشذوذ الجنسي، الذي بات موضوعاً مصيرياً لدى الدول الغربية؛ إذ لاتكتفي بشرعنته والدفاع عنه باستماتة في بلدانها، بل تعمل بكل الوسائل على الترويج له كحالة إنسانية طبيعية في المجتمعات المسلمة، إضافة الى ارتفاع نسب المدمنين على المخدرات، ونسب ارتكاب الجرائم الأخلاقية، التي تعدّها القوانين الوضعية أيضاً جرائم تستحق العقاب، في حين أن هذه القوانين تغضّ الطرف عن تلك الجرائم والممارسات اللاأخلاقية – التي سبق ذكرها – بل تقنّنها وتنظم حركتها.
▪️ كما ظهرت أنواع متخلّفة وأكثر إثارة للاشمئزاز من التيّارات الاجتماعية الغربية المتمرّدة والضائعة نفسها، كالهيبيز والبانكس والربيين. ونقول أكثر إثارة للاشمئزاز؛ لأن الهيبسم – مثلاً – ظهرت في الغرب كفلسفة شاذة تؤمن بالحرية المطلقة في السلوك الاجتماعي، وبالسلام المطلق، وترفض الحياة المادية، استناداً إلى مبدأ أصالة اللذّة والمتعة (في مقابل الرهبنة وقتل اللذّة بالمطلق)، وصولاً إلى السعادة المنشودة في الحياة، وهي الغاية النهائية لديهم. أما (الهيبيون) الذين ظهروا في المجتمعات المسلمة، فهم لا يفقهون من (الهيبيسم) شيئاً سوى المظاهر الخارجية البشعة، نتيجة التقليد الأعمى، والغربة عن النفس (Alienation)، والفراغ الفكري والثقافي، إضافة إلى العبثية واللاهدفية في السلوك والفكر والثقافة وفي العادات والتقاليد. ((ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدّثٍ الاّ استمعوه وهم يلعبون، لاهية قلوبهم وأسرّوا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلاّ بشر مثلكم)).
▪️هذه الغربة عن النفس وعن الأصالة التي يعيشها الفرد والمجتمع هي غربة الإيمان أساساً، وتعد القاسم المشترك لمعظم السلوكيات التغريبية في مجتمعات المسلمين. ومن الإفرازات البارزة لهذه الحالة، تزايد الأمراض النفسية والعصبية، أو ما يعرف بأمراض العصر، التي نشأت في الغرب نتيجة لأنماطه المعيشية، ثم انتقلت إلى المجتمعات المسلمة بالتدريج. يقول مفكّر أمريكي: ((إن العالم الغربي يزداد كل يوم قلقاً، وجذور القلق عميقة في داخل شخصية الإنسان الغربي. إن خلاص الغرب من الهلاك الحتمي لن يكون إلا بالعودة إلى جنّة الإيمان)).
▪️ وقد بلغ شيوع السلوك التغريبي مرحلةً، كما أشرنا؛ أصبح فيها الشخص الذي لا يمارس نوعاً من أنواع السلوكيات التغريبية، كالسفور وحضور الحفلات المختلطة والعلاقات الجنسية المفتوحة – مثلاً – يعد متخلّفاً ورجعياً، في حين أن الجماعة – أو الفرد – التي تعترض وتنبه على الخطر وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أو تدعو الى الأخلاق الفاضلة، حتى لو كانت هذه الدعوة بعيدة عن الدوافع العقيدية؛ تتهم بالتحجر والتخلّف والسلفية والعداء للحرية الشخصية والاجتماعية والثقافية.
▪️ أما من يتخذ أساليب فيها نوع من الردع خلال ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيعتبر (مخرّباً) وربما (إرهابياً). وهذا النمط من التفكير هو ذروة السلوك التغريبي، بل وذروة الانحراف عن المبادئ والقيم الفطرية والعقلائية والعقيدية، ونتائجه المرعبة معروفة سلفاً كما يقول النبي محمد (ص): ((لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة “كتابات علي المؤمن” الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته (بنسخة Pdf) على تلغرام : https://t.me/alialmomen64
➖➖➖➖➖➖➖
@akhb_thaq
🌐 إخبارية ثقافية – قسم الرصد – مركز الإسلام الأصيل