التقى قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، مع جمع من أهالي محافظتي خوزستان وكرمان صباح اليوم السبت 23/12/2023. وعن التطورات في قطاع غزة، قال سماحته إن هذه الحادثة فريدة من ناحيتين: «من ناحية الكيان الصهيوني، لأن مثل هذا السفك والإجرام والتعطش للدماء وقتل الأطفال والخبث والقسوة وإلقاء القنابل المدمرة للتحصينات على رؤوس المرضى والمستشفيات لم يسبق له مثيل، وكذلك من ناحية الشعب الفلسطيني والمناضلين، إذْ إن هذا الصبر والمقاومة والدفع بالعدو إلى الجنون غير مسبوق».
وقال الإمام الخامنئي: «مع أن الماء والغذاء والدواء والوقود لا تصل إلى هؤلاء الناس، فإنهم صامدون كالجبل، ورفضهم الاستسلام سيحقق لهم الانتصار، لأن الله مع الصابرين، كما تشاهد علامات النصر اليوم».
وعدّ سماحته عجز الكيان الصهيوني رغم وفرة المعدات والإمكانات من الجوانب المهمة الأخرى في هذه المواجهة المنقطعة النظير، وقال: «إخفاق الكيان الصهيوني في حادثة غزة الأخيرة هو أيضاً إخفاق لأمريكا، ولا أحد في العالم اليوم يفرّق بين الكيان الصهيوني وأمريكا أو بريطانيا، فالجميع يعلمون أن هؤلاء واحد».
ووصف قائد الثورة الإسلاميّة «الفيتو» الأمريكي ضد كثير من قرارات مجلس الأمن لوقف النار بأنه «عمل وقح من الحكومة الأمريكية ومشاركة مع الكيان الصهيوني في إلقاء القنابل على الأطفال والنساء والمرضى وغيرهم من العُزّل».
وقال في هذا الصدد: «إن الانتصار الكبير للشعب الفلسطيني وجبهة الحق والمقاومة هو تعرية لسمعة الغرب وأمريكا وفضح لطبيعة ادعاءاتهم الكاذبة كلها المتعلقة بحقوق الإنسان، فلقد أُريقَ ماء وجه أمريكا، وهوى القناع عن وجه الحضارة الغربيّة في هذه الحادثة». وتابع سماحته: «إنّ الانتصار الكبير للشعب الفلسطيني يكمن في إراقته ماء وجه أمريكا والغرب وتعرية ادعاءاتهم الكاذبة بشأن حقوق الإنسان، لأن “إسرائيل” لم تكن قادرة على ارتكاب هذه الجرائم كلها لولا دعم أمريكا، ولقد انكشف اليوم لجميع شعوب العالم الوجه القبيح للوحش الأمريكي والبريطاني المنحوس».
ورأى الإمام الخامنئي أن واجب الحكومات والشعوب هو دعم المقاومة بالطرق الممكنة، لأن «دعم المقاومة واجب الجميع، ودعم الكيان الصهيوني جريمة وخيانة»، معبراً عن أسفه على المساعدة الإجرامية التي تقدمها بعض الحكومات الإسلامية إلى الكيان الصهيوني، مستدركاً: «لن تنسى الشعوب الإسلامية هذه القضية».
كذلك، رأى سماحته أن من واجب الحكومات الإسلامية منع وصول البضائع والنفط والوقود إلى الكيان الصهيوني الذي منع حتى مياه الشرب عن أهالي غزة.
وقال قائد الثورة الإسلامية: «على الشعوب الإسلامية أن تطلب من حكوماتها قطع أيّ علاقات أو مساعدات للمجرمين الصهاينة، فإذا لم يتمكّنوا من قطع العلاقات نهائياً، فليضغطوا على الكيان الخبيث والظالم والمتعطش للدماء عبر قطع العلاقات مؤقتاً على الأقل».
وأضاف سماحته: «الضمير العالمي فاض ألماً اليوم، والناس في أمريكا وأوروبا ينزلون إلى الشوارع، وبعض الشخصيات السياسية ورؤساء جامعاتهم وعلمائهم يحتجون على دعم حكوماتهم الكيان الصهيوني، لكن تستمر بعض الحكومات في دعم الكيان السفّاح».
وقال الإمام الخامنئي: «لا يراودنّكم أدنى شكّ في أنّ النّصر حليف جبهة الحقّ، ولا تتردّدوا أمام حقيقة أنّ الكيان الصهيوني الغاصب سيُجتثّ من فوق هذه الأرض يوماً ما، فهذا جزء من المستقبل المحتوم، وسيكتمل هذا العمل بعون الله وقوّته وبإذنه وعزّته، ونأمل أن تشهدوا – أنتم الشبابَ – ذاك اليوم بأمّ العين».
في جزء آخر من حديثه، قال سماحته عن انتخابات «مجلس الشورى الإسلامي» المقرر إجراؤها في 1 آذار/مارس 2024: «فليعدّ الشعب نفسه لإجراء الانتخابات بالنحو الأمثل، أي بأربع خصائص: “مشاركة قوية ومفعمة بالحماسة”، و”تنافس حقيقي بين التيارات ووجهات النظر المختلفة”، و”سلامة حقيقية”، و”أمن تام”».
في تبيين الأهمية لمبدأ الانتخابات ومنطقها في الجمهورية الإسلامية، قال قائد الثورة الإسلامية: «تعتمد جمهورية النظام وإسلاميته على الانتخابات لأنه لا سبيل لتحقيق الجمهورية والسيادة الشعبية وحاكمية الناس في إدارة البلاد إلا بإجراء الانتخابات».
وشرح سماحته أن «عدم إجراء الانتخابات يؤدي إلى الديكتاتورية أو الفوضى وفقدان الأمن والشغب»، قائلاً: «الانتخابات هي الطريق الصحيح والحقيقي والوحيد الذي يؤمّن السيادة الوطنية للناس».
في تتمّة حديثه، وصف الإمام الخامنئي خوزستان بأنها مركز مقاومة الشعب الإيراني ضد الأجانب، مذكّراً: «الصمود أمام الغزو العسكري البريطاني في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى والمشاركة الفعالة في تأميم صناعة النفط من الجوانب المهمة لهذه المقاومة».
وأشار سماحته إلى إحباط حسابات صدام غير الصائبة في ما يتعلق باستقبال الناس المتحدثين بالعربية في خوزستان للغزاة، ووصفه بأنه مفخرة خالدة لهذه المحافظة. كما أثنى على الهوية الثقافية العميقة لأهالي كرمان، لافتاً إلى أن تربية النّخب، والنجابة الأخلاقية والسلامة الفكرية والإيمان الصادق والريادة في الانضمام إلى النهضة الإسلامية، كلها من خصائص أهالي هذه المحافظة. وقال: «وفّرت هذه الخصائص الأرضية لظهور شخصية عظيمة مثل الحاج قاسم».